بقلم : جعفر فالح الروسان
24-08-2016 03:09 PM
د.جعفر فالح الروسان
إن مفهوم الدولة نفسه لم يستقر في التاريخ العربي , وكان ومايزال خاضعا لمنطق القوة والغلبة (السيف,والدهاء ) , حتى أنة يدرس في كليات الحقوق في بلادنا كعرف قانوني مقبول إجتماعيا ,أن الإنقلاب جريمة لايعاقب عليها القانون إن نجح طبعا , يضاف إلى ذلك أن البعض يشرع دينيا إن إمتلكت قوة تتفوق بها على الحاكم الظالم فلا تتردد , تحت مبرر إن لاتدخل الامة في فتنة, مع مراعاة هنا ان الظلم هو مفهوم نسبي ومدخل لتبرير ألإنقلاب .
هذا أدى إلى إلتباس في مفهوم الشرعية وقواعدها , وأصبح هناك ضعف في مفهوم الإستقلال ببعده الداخلي ,من حيث التفريق بين الدولة والحاكم حتى أن تاريخنا يدرس تاريخ الأمويين والعباسيين ,والرصد دائما من كتبة الأخبار ورواة التاريخ لتصرفات وسلوك الحاكم بعيدا عن تفسير سلوك الدولة , مع ان الحاكم نفسة انذاك وفي كل زمان لايتخذ قراراتة ,إلا ضمن مصالح سلطتة (شخصة,نخبتة,المنافع التي سوف يجنوها) لا مصالح الدولة التي هو جزء منها كمترأس للسلطة .
وإن حدث إستثناء في ذلك فأغلبة تطابق بحكم الصدفة بين مصالح السلطة مع مصالح الدولة , فأثر ذلك على مفهوم الأداء السياسي فأصبح مفهوما ضبابيا في العقل الجمعي العربي على صعيد الفكر أو الممارسة ,ولهذا أسباب تاريخية يجملها محمد جابر الأنصاري قائلا : 'تبدو السياسة في العالم العربي مفهوماً بعيداً عن الخبرة السياسية العربية فالعربي إما (مناضل) ضد الاستعمار والسلطة وإما (متسلط ) مستبد في الغلبة, وإما (مضطهد في وطنة) أو(منفي) في اصقاع الدنيا وإما (صامت) ضمن الأغلبية الصامتة, لكن من النادر أن نراه (سياسيا) يتقاسم ويشارك ويبني في إطار تنظيم ملتزم لتحقيق هدف سياسي متفق عليه ويسعى لتنفيذة.
وإذا ظهر هذا النوع من الساسة يتم القضاء عليهم وقد يشارك المجتمع نفسة السلطات في التخلص منة وكأن المجتمع معادي لذاتة ,ولهذا ظروف وجذور مجتمعية وتاريخية مر بها العرب عبر تراكم لقرون طويلة ,أوجدت لديهم هذه (الإعاقة السياسية ) الممكن علاجها إذا إعترفنا بوجودها ثم عملنا على علاجها.
وقد إستنتج ابن خلدون أن العرب في الفكرا والسلوك والممارسة إبتعدوا عن سياسة الدولة نظرا لغياب وجود الدولة المستمرة والمستقرة في تاريخهم وعلية لايوجد لدى العرب (إكتمال لنموذج الدولة ) سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا في الديمقراطية والتنمية والمواطنة ,والان فكل مالدينا أنظمة سلطوية كلها نتاجات لما بعد الحرب العالمية الثانية, وكل الأيدولوجيات التي طرحت في الدول العربية منذ بدايات القرن الماضي الوطنية والقومية وحتى الإسلامية غاب عنها مفهوم الديمقراطية ويكتمل المشهد السياسي العربي اليوم ان تلك الايدولوجيات إستلمت السلطة أو كانت شريكا بها بغض النظر لتقييمنا لتجربتها .
إن (الدولة الأنموذج) حلم عربي يصعب تحقيقة إلا بإكتمال الديمقراطية كمدخل من مداخل الشرعية وثبات الدول يفرضة علينا إعادة فهمنا لذاتنا أولا وتعزيز قدراتنا ثانيا في مرحلة عصر التسويات الدولية والاقليمية الذي يعيشة العالم اليوم وذلك من ضرورة اعادة ترتيب المنطقة العربية نتيجة لتصاعد المطالب بالديمقراطية لتحقيق التنمية والعدالة والرخاء التي عجزت عنها( النخب السلطوية) في الدولة العربية الحديثة.