بقلم : حنا ميخائيل سلامة
07-09-2016 03:03 PM
إلى متى الصمت على قضية إستباحة ألقاب ومُسميات الدرجات الأكاديمية العُليا دون استحقاق مِن فئة تريد رفع مَنزِلتِها ولِتُحاط بهالات التبجيل ولإستثمار الألقاب لتحقيق مآرب معينة؟ يجري هذه جهارأ نهاراً لغياب المُساءلة والمتابعة والمحاسبة الصارمة كما يجري في دول العالم التي تستدعي كل مُنتحِلٍ وتحاسبه! لقد أخذت تلك الفئة تُطلق الألقاب الأكاديمية العُليا على نفسها وتنتحلها حيثما حلت وليس بالحديث فقط، بل تُعزِّز ذلك ببطاقات تعريف شخصية حيث تُثَبِّتُ عليها لقب' دكتور' أو 'أستاذ دكتور' وتقوم بتوزيعها حيثما حلَّت،بل وفي المؤتمرات وورشات العمل أو عند مراجعة الدوائر الرسمية وفي أماكن أخرى.
ثم أيجدرُ عدم ملاحقة الجهات التي تدعي أنها أكاديميات جامعية.. فتقوم بين فترة وأخرى بمنح مثل تلك الشهادات والألقاب..هذه الجهات نُجزمُ أنها غير مرخصة وغير مُخوَّلة بمنح أية شهادة.. كما أن الأسماء التي توقع على الشهادات تنتحلُ صفة رئيس جامعة كذا.. 'الأستاذ الدكتور ..' فإن دققت على أسماء موقِّعِي تلك الشهادات تجدها لِنَكراتٍ لا يحملون أيّة درجة جامعية ! وفوق هذا تراهم وقد ثبَّتوا على جانب الشهادة أنهم يعملون بالتعاون مع جامعة كذا الأجنبية.. ومن دون عِلم الجامعة، وقد يكون اسمها مُزيَّفاً!
ومن المستغرب أن كثيراً من المؤسسات والجمعيات والمنتديات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة صارت تُدوِّن في سجلاتها تلك الألقاب إلى جانب أسماء مُنتسبيها دون إبراز شهادات مصدقة تؤكد صحتها من وزارة التعليم العالي وغيرها من جهات مختصة!
وتَجِد مَن طاب له الأمر فثبَّت على بطاقته التعريفية لقب' بروفيسور' هذا اللقب الذي له هيبته وقواعِده، ولا يناله حتى حامل لقب 'أستاذ دكتور' إلاّ بعد تقديم بحوث كثيرة ودراسات مُحَكَّمَة ومنشورة عالمياً تتضمن إضافة جديدة للمعرفة الإنسانية. هذه القضية تستوجب تحركاً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالإضافة إلى الجامعات والنقابات المهنية والجمعيات العلمية وجميع من يعنيهم الأمر لإنهاء التضليل الذي يترتب عليه انعكاسات منها ما يضر بالمصلحة العامة، أيضاً لحماية الألقاب العلمية والحفاظ على حقوق حملة شهادات الدراسات العليا. ولا بُد من التنويه بضرورة توعية الناس لِمنع اللَّبْس القائم حول معنى 'الدكتوراة الفخرية' وهي بالمختصر 'شهادة غير أكاديمية تمنحها جهة أكاديمية لشخص كنوع من التقدير ولا تعتبر ضمن الدرجات العلمية'.
والقضية الثانية تتعلق بمقالاتٍ تُنشَر بين الحين والآخر في وسائل الإعلام المقروء بأقلام يتقمَّص أصحابها دور أصحاب الاختصاص العلمي ويمنحون أنفسهم صفة: عَالِم ، خبير ، مستشار، وغير ذلك' يجيء هذا لِجَذب الأبصار ولأهداف أخرى.. حيث تجدهم يُدلون دلوهم في موضوعات علمية بحته لا تمُتّ بِصِلة لتخصصاتهم أو مجال دراستهم أو بحوثهم أو خبرتهم. والحال نفسه يجري في بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع عند استضافة بعض الأشخاص للحديث في شؤون علمية بحته لا تمُتُّ بِصِلة إلى تخصصاتهم أو مجال دراستهم أو بحوثهم أو خبرتهم. وتكمن المشكلة في افتقار للأمانة العلمية. حيث يجري جمع معلومات ولملمة أرقام من هنا وهناك وتكييفها حسب الرغبة.
وبهذا تُقدِّم معرفة ناقصة فيها استهتار بالفكر العلمي والبحث العلمي الجاد بما يُضلِّل الناس ويؤثر على نحو ما في حياتهم. وفوق هذا تجد في مضامين بعضها مغالطات وتناقضات قد تؤدي إلى ضرب مخططات وتطلعات المواطنين ومشاريع المستثمرين الذين وضعوا ثقتهم ببلدنا، بالإضافة إلى وضع عراقيل في مسيرتنا التنموية. وإذا كانت الكتابة أو الحديث مثلاً عن فسيولوجيا الإبصار أو كيمياء الخلايا في أنسجة الجسم وغير ذلك لا يكون منطقياً إلاَّ من أصحاب الاختصاص، فلِم لا يكون الحال في موضوعات مِثل: الزلازل فهناك من لا يفرق بين شدتها وقوتها أو كيفية قياس الطاقة التي تنتجها، أو الأشعة بأنواعها واستخداماتها،أو المياه ، أو لتلوث الإشعاعي في المياه، اليورانيوم والفرق بين المخصَّب والمخضَّب واستخدام النظائر المشعة، والبيئة ، وموضوعات أخرى كثيرة يطول الخوض في عناوينها لذا يجدر أن لا تكون عُرضَة للمسايرة لما تحدِثُهُ من تأثير على الرأي العام..
على أي حال، نضع ما سلف ذِكره أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة التربية والتعليم والوزارات المعنية الأخرى بالإضافة إلى الجامعات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني على أمل وضع الأمور في نصابها الصحيح ولمحاسبة الجهات المانحة لتلك الشهادات والألقاب قطعاً لدابر هذا الغش والاحتيال !
كاتب وباحث
Hanna_salameh@yahoo.com