بقلم : محمد الوشاح
26-09-2016 03:14 PM
لا زالت فئة من أمتنا أيها الاخوة تعيش عصراً من عصور الاضطراب والتخلف تعلو فيها أصوات متطرفة من ملل شتّى ومذاهب عدة وأديان متنوعة فأساءوا الى ديننا الحنيف بعد أن أظهروه أمام العالم أنه دين قتل وارهاب من خلال أفعالهم الاجرامية القبيحة وخطاباتهم المكروهة وفتاويهم المنحرفة وأحكامهم التكفيرية الضالة .
لكنّ المتعقلين في هذا العالم يدركون أنّ ديننا الاسلامي هو دين السلام والتسامح وقبول الآخر واحترام حق الانسان في الحياة بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه أو معتقداته على خلاف ما يمارسه الارهابيون من زرع للفتن واعتداء على الأبرياء وقمع للحريات .. ونحن في الاردن يشهد لنا العالم أجمع بان بلدنا وبفضل الله تعالى يتميز بالتسامح والمحبة والاخاء بين ابنائه مسلمين ومسيحيين بوجود فضاء واسع يقبل انواع الاختلاف بين المذاهب والرؤى والافكار حيث ينفرد عن غيره بصبغة التعايش الأنموذج الذي قلّ نظيره في كل الدول والمجتمعات .. ومن يعتقد بغير ذلك يحضر الى السلط ومادبا والكرك وعجلون وغيرها من المدن الاردنية ليسمع ويرى بأمّ عينيه الصور الحقيقية لهذا التآخي والاحترام المتبادل والتعايش النبيل بين أبناء المجتمع الواحد .
ولا شك أن حادثة اغتيال الكاتب الاردني ناهض حتر هي مرفوضة لدى كل الشعب الاردني ولا تعبّر عن قيمه وأخلاقه وهي تعد جريمة نكراء الغاية منها استهداف أمن الاردن واستقراره ووحدة شعبه لدق أسفين في خاصرة الوطن ونحن كمواطنين نعلم بمدى ثقتنا بالقضاء الاردني وباجهزتنا الأمنية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة البشعة متأكدين بأن اليد التي امتدت الى الكاتب حتر ستلقى القصاص العادل حتى تكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة .. اذ أن القانون سيطبق بقوة وحزم على من قام بهذا العمل الآثم وأن الحكومة ستضرب بيد من حديدكلّ من يستغل هذه الجريمة لبث خطاب الكراهية الطاريء على مجتمعنا مع العلم أنه لا يجوز لأحد كان من كان أن يقرر العدالة وطريقة العقاب التي سيواجهها المجرم الخسيس اذ أن اللجوء الى القصاص الفردي هو بحد ذلته اعتداء على سيادة القانون .. فالقضاء هو صاحب القول الفصل في كل جريمة أو مخالفة كما أن حق التقاضي واللجوء الى القضاء للحصول على الحقوق واقامة العدل مبدأ راسخ لا يجوز للأفراد الاعتداء عليه .
لقد بُني هذا البلد على أساس التعاضد بين مكوناته كافة فصمد في وجه أصعب الظروف ليصبح قويا بأسرته الواحدة فلن نقبل أو نسمح للأفكار الدخيلة المتطرفة التي يحاول البعض ترويجها وتتنافى مع مبادئنا أن يكون لها مكان في مجتمعنا ولن نسكت عن أي شخص يحاول أن يزرع الفتنة بيننا أو يسيء إلى عقيدتنا ومختلف الأديان ، ومن يفعل ذلك فهو عدو كل أردني وعدو هذا الوطن ومبادئه التي بني عليها .. وتؤكد حكومتنا دائما بأن تحقيق العدالة على الجميع وضمان سيادة القانون هي ركيزة أساسية للدولة الأردنية وأن جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها ملتزمة بتطبيق القانون لحماية حقوق المواطنين ولن يسمح لأي كان المساس بهذه الثوابت أو التطاول عليها كما أن أية محاولة للاستقواء على القانون سيتم التعامل معها بكل حزم .
ومن هنا نقول بعد وقوع هذه الجريمة التي نفذها متطرف مخبول ومنبوذ من كل الجهات الرسمية والدينية والمجتمعية انّ المجتمع الاردني - مسلميه ومسيحييه - مطالب بتوحيد جهوده من اجل التصدي لمحاولات القوى الظلامية والتكفيرية التي تسعى لاثارة النعرات الطائفية والدينية بين مكونات شعبنا ومجتمعنا .. كما يتعين على الجميع التنبه لنوايا هذه العناصر الاجرامية الحاقدة والتصدي لهم وتتبع تحركاتهم فهم أعداء الله وأعداء الحياة والانسانية وهم كذلك السبب الرئيس في جلب الأذى والويلات لوطننا وأمتنا العربية اذ يمارسون بطبعهم الحقد على كل البشر متسترين برداء الدين وعباءة الاسلام والاسلام منهم براء .. كما ان كلّ من يؤيد هذا الفكر التكفيري أو يحاول تبريره هو عدو لكل الناس ويجب محاربته والتبليغ عنه .. معاهدين الله أن يبقى الأردن قويا وصامدا بارادة شعبه وجيشه وأجهزته الأمنية اذ هو أكبر من كل ضعاف النفوس الذين يتربصون للنيل منه بشتى الوسائل والسبل .. كما سيظل الأردنيون بعزم قيادتهم الرشيدة صمّام الأمان وخط الدفاع الأول لبلدهم الغالي يبنون مستقبلهم بتحصين أبنائهم بفكر حضاري مستنير بعيد عن الإنغلاق والتعصب الذي يمارسه الارهابيون الانجاس .. كما نطالب شعبنا الاردني الواحد على اختلاف مشاربه وعقائده - مسلمين ومسيحيين - بالتمسك بالوحدة الوطنية ورصّ الصفوف وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات المشبوهة للحفاظ على وحدة الوطن ومكتسبات الدولة .
حمى الله الاردن وشعبه من الفتن والدسائس وصناع الفتاوى وندعو كل غيور مخلص أن يبذل لوأد الفتنة ورأب الصدع واعادة اللحمة بين ابناء الوطن الواحد حتى نظل كما عهدنا العالم الأوفياء المحبين لوطننا واردننا الحبيب.