بقلم : جمال الدويري
17-10-2016 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
( (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) صدق الله العظيم
(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) صدق الله العظيم
قبل انتهاء امتحان التخرج الجامعي بيومين, قتل عام 2014, الشاب عدي العتوم في منزل والديه في جبل الحسين, واليوم نقرأ خبرا مفاده, الجنايات تسدل الستار على الجريمة التي هزت جبل الحسين.
الجناة, هما شاب عراقي اعتاد لفترة زمنية ان يستبيح حرمة منزل والدي المغدور دون علمهم, ليقضي وطره ويشبع حيوانيته مع خادمة المنزل البنغالية, ولما فاجأهم ابن صاحب المنزل بوضع مخل, يعني (المِرْود بالمكحلة), كما نقول, قام الفحل العراقي بضربه بالمهباش ثم رميه بمساعدة عشيقته البنغالية من نافذة المنزل.
الآيات القرآنية وقول الحق سبحانه وتعالى واضحة لا لبس فيها, وترى قتل القاتل العمد, لأسباب كثيرة, أولها إحقاق الحق وإقامة العدل في الأرض, وليس آخرها, ان تهدأ نفوس المكلومين بمصابهم من أهل المغدور والحفاظ على السلم المجتمعي والحد من لجوء العامة للإقتصاص الذاتي من القتلة (الثأر).
ما زال الأردنيون يحترمون القضاء الأردني ويثقون به, وقد تكون المحكمة بهذه القضية بالذات, قد رأت أن شرط العمد, لم يكن متوفرا, وربما صنفت الجريمة على أنها, إيذاء أفضى للموت, أو شيئا من هذا القبيل,
يقوم القتل العمد الذي يقتضي حكم الجاني بالإعدام, على ركنين اساسيين: المادي, والذي يتمثل بالفعل والنتيجة والرابط السببي بينهما, والمعنوي الذي يرتكز على العلم والإرادة, اي توجه الجاني لإحداث نتيجة القتل مع علمه بأركان الجريمة, مع توفر عنصر سبق الإصرار, الزمني والنفسي, للقتل.
وفي جريمة جبل الحسين التي لم تهز جبل الحسين فحسب, بل كل ضمائر ووجدان وانسانية كل من سمع بها, فربما قد التبس الأمر بوجود عنصر سبق الإصرار بمفهومه القانوني الزمني المعلل, ولكنني أعتقد شخصيا, ان قرارات الجاني باستخدام المهباش او يد المهباش, لا فرق, وكلنا يعرف هذه الآلة ووزنها, لضرب المغدور على رأسه, ورميه من نافذة المنزل بعد ذلك, ليست الا قرارات سبقت الجريمة, ولو بفترة وجيزة, يستدل منها على وجود النية المسبقة للقتل, ولأجل التغطية على عمل الرذيلة الفاضح والمدان, في منزل المجني عليه, على أقل اعتبار, بل انه لا يستدل من الفعل الثاني برمي المغدور من نافئة المنزل, سوى التأكد من حدوث الوفاة دون ترك أدنى فرصة لنجاة المغدور او مساعدته لاحقا, من طرف ثالث, لإنقاذ حياته.
وبالرغم من الحيثيات القانونية للجريمة وعوامل تصنيفها, فإنه قد غاب بنظري, عن الحكم, عنصرالمساواة بين الحياة المقدسة للمجني عليه, والتي يساوي قتلها قتل الناس جميعا, وتلك للجاني, التي تُحمى هنا وتُصان, بنصوص وحيثيات فضفاضة, قابلة للتأويل (والمطمطة), اضافة الى انتفاء الردع وسطوة القانون للحد من الجريمة وحماية المجتمع, وعامل ادخال السكينة والهدوء على نفوس أهل وذوي المغدور.
أعرف ان الأحكام القضائية مقيدة بضوابط ونصوص, ربما يغيب بها المنطق أحيانا, ولا تحاكي بالضرورة الوجدان والرغبات الشخصية, ولكن فعل الجاني وشريكته, هنا, بتكرار متواتر, بضرب الضحية ورميها من النافذة, ليس الا توكيدا عمليا وإصرارا منهم على إرادة القتل عمدا لغايات شخصية دونية, وعليه, فإنني أرى عقوبة السجن فقط, غير كافية, والإعدام, إن حكم به, لا يشوبه المبالغة.
رحم الله الشاب عدي العتوم, وصبّر أهله وذويه, وحمى الوطن من كل سوء ولجوء.
جمال الدويري