أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حراك مرقّط

بقلم : د. فيصل الغويين
19-10-2016 03:14 PM

لم يكن ما سمي زوراً بـ 'الربيع العربي' هو النهاية السعيدة التي يتوقعها ويحلم بها البعض من أبناء الاقليم من أجل رسم خريطة سياسية اجتماعية جديدة، تساعد الاقليم على الخروج من الهيمنة الأجنبية، والوصول إلى حكم رشيد، يعمل من أجل التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على العكس من ذلك، تحوّل ما سمي زوراً 'الربيع العربي' إلى كشف حقيقته بأنه خريف العرب، وحروب الغضب.

دخلت المنطقة من خلال الحراك المرقّط، الذي من سماته:
تغييب القيادة الواضحة المعالم، والتوجهات السياسية الواضحة الخطوط، والبعيدة كل البعد عن الأمراض الحقيقية التي تعاني منها المنطقة، بدءاً من استمرار النفوذ الأجنبي، إلى حضور التبعية الاقتصادية مع غياب مشروع نهضوي استقلال تنموي يحرص على مصالح الشعوب وليس على مصالح الشركات عابرة القارات، وعلى مصالح البنوك الدولية، والارتهان بالقرار الاقتصادي والسياسي لمشيئة الدول الكبرى...

كل ذلك تم التراجع عنه لصالح شعارات براقة، فارغة المحتوى أصبحت أقرب للكاريكاتير السياسي منها للسياسات الجدية التحررية، والأخطر ما فيها أنها أصبحت تهادن اسرائيل، بل تلجأ إليها بمد العون وتلقي العلاج.

الحراك العربي الذي نسميه مرقّط لانّه مموه للحقيقة، يحمل ألواناً متعددة لخداع البصر ولارضاء كل فرد او مجموعة أفراد، من خلال الظن أن وجود لون من الألوان التي يحبونها ترضي طموحهم وتلبّي رغباتهم، وأن الأمور تسير لمصلحتهم.

هو حراك للجميع، ولكنه ضد الجميع، حراك بلا قيادة معلومة، لصالح قيادة معولمة، لصالح قيادة متستّرة خلف أستار المؤسسات ووسائل الإعلام والجمعيات غير الحكومية، الأكثر حكومية بالتوجيه والتمويل والأهداف.

هو حراك يمجّد غياب القائد الكارزمي، وكأنّه نقيصة، ويمجّد غياب الحزب القائد وكأنّه من مخلفات عصور بائدة، لصالح غياب القائد وغياب الحزب، وغياب السياسة الواضحة، وكأنّ لسان حاله يقول: ما أجمل حراككم بلا رأس. ولماذا تحتاجون إلى رأس طالما أنّ الآخرين يفكّرون عنكم؟

هكذا انتهى الحراك العربي الملوّن، الذي سمي زوراً بالربيع العربي، إلى عشرات المجازر والحروب والجبهات المفتوحة، إلى جانب شبه هدوء على جبهة الصراع مع الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل في المنطقة...

ورغم أنّ الجماهير ملأت الساحات والميادين، ورغم أنّ الذين يقتتلون هم من أبناء هذه الشعوب المضللة، إلا أنّ اللاعب والمحرك الأول يبقى دوائر القرار الأمريكي وأجهزتها، ودوائر القرار في دول إقليمية - ستدور عليها الدائرة- فضلاً عن أجهزتها الإستخبارية ووسائل إعلامها المضللة......


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012