بقلم : يسار خصاونة
22-10-2016 03:06 PM
إن ما نلمسه على أكثر من صعيد اجتماعي وسياسي هو التسلط على القانون ، وهذا الأمر ليس مرتبط بالمسؤولين فقط بل بالمواطنين أيضاً ، ودليلنا على ذلك أن كاميرات الاشارات الضوئية في إربد رصدت 12400 مخالفة قطع الاشارة حمراء في شهر واحد فقط ، فإلى متى هذا الاستهتار بالقانون ، وإلى متى يبقى قانون السيادة ساري المفعول ، علماً بأن أكثر من نصف المخالفات سوف تُمسح بإذن واحد متسلط.
الحديث عن سيادة القانون كضمان لحقوق المواطن وعنوان للانتماء ، كما يقول جلالة الملك يحتاج الى التطبيق لغايات انفاذ السيادة بالمساواة والعدالة ... متسائلين بهذا السياق اين الرقابة الدستورية على القوانين الاخرى أمام مطلبية الملك العادلة فهل الخطاب لنا كمواطنين لا نقوى على امتلاك القرار لتحقيق العدالة وانفاذ القانون فصاحب الشأن هو القاضي ورجل العدالة وصاحب الاختصاص ومن أُعطي السلطة وملك الصلاحية في اتخاذ القرار للفصل في قضايا الناس وتيسير امورهم بالحق وبما كفله الدستور لغايات التقاضي ، فعندما نستمع الى حديث جلالة الملك عن دور المواطن ومسؤليته في ترسيخ سيادة القانون نقول ان من الوجوب على المواطن أن يكون مهيئا بثقافته ومهما بلغ في مكانته فانه يبفى وبقيمة الارتقاء تحت القانون وإن مسؤوليته العاقلة في ان يصدع للحق والعدالة حتى نضمن سلامة التطبيق من خلال القدوة التي تدعي حرصها على الوطن ؛ مقدرين ان سلطة القضاء الأولى بتراتبية المقام ومكانة من يشغل القوامة على حقوق المواطنين هو إنسان شريف وشفاف ونزيه ومنتم لأنه جوهر الانضباط وصمام الامان لتحقيق مجتمع سليم راضٍ عن الدور الذي يشغله في تطبيق العدالة والمساواة بين الجميع.
فرجل العدالة هو الاعلى بالحق من الذوات واصحاب الالقاب عندما تجرم افعالهم فهم تحت القانون فالمنصب والكرسي لايحمي او يعلي من شان حامله حتى يصبح فوق القانون وهو ما لا يمكن ان نجيزة امام العهد والقسم بان نكون من المخلصين في خدمة الناس والحفاظ على حقوقهم والترفع عن الرجس ؛ مستنكرين التناقض من انفسنا عندما نخالف جمال القول بقبح السلوك وسوء العمل ، والدليل على ذالك زيادة الانحراف والتراجع والتردي في الاداء رغم رغم وجود الرقابة ومؤسسات النزاهة والشفافية التي تتحدث عن الحقوق والواجبات بكلام جميل وأخاذ وساحر، لكنه عند التطبيق كأشجار الزينة التي لا تطرح ثمرا ولا تعطي عطراً ؛ وإلا فأين اطراف المعادلة لإتمام مايقال بقيم السلوك ؟!!
متسائلين امام الدهشة عن الفائدة من وجود هذه المؤسسات واللجان و ما هو الدور الذي تقوم به امام كل هذا الضياع ؟؟ فمن هو المسؤول والمقصر بربكم امام اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية التي تشكلت من كوكب السماء وابراجها المنيرة لتبدد الظلام وتقيم الاداء وتحاسب الفاسد والمتطاول على كرامات الناس وحقوقهم . فهل شُكلت هذه اللجان لتكون معيارا للشفافية او لنستوفي ما يتطلبه صندوق النقد من شروط لتحصل الدولة على اعلى النقاط ؛ لتصنيفها انسانيا من خلال مراعاتها لحقوق الانسان والتزامها بالمعاهدات وما تمارسه من اداء ديمقراطي سليم ؛ فها هيئة مكافحة الفساد بشقيها ؛ وديوان المظالم ؛ والمحكمة الدستورية التي تسر الناضرين وبعيدا عن دورها المقيد بعدم الاستنصار الى صاحب الحق الذي لا يستطيع ان يدافع عن حقه برفع قضيته امامها اذا لم يستوفي شروطها الشكلية لغايات التقاضي بالحق وبما كفله الدستورالذي تخالفه هي وبواقع الاختصاص !!
فأين هي اللجان المشكلة لمتابعة الانجاز وتقييم العمل المعزز لمنظومة النزاهة الوطنية ؟!! وكيف نردعلى ما اشار اليه جلالة الملك من أن الاداء والانجاز لم يرتقِ في اجهزتنا الادارية الى المستوى الذي نريد وان التطبيق الدقيق لنصوص القانون وبعدالة كافية لم يتحقق ولم يسهم في عملية التحول الديمقراطي وهو ما ينتظره الجميع وتستحسنه الصفوة...ولكن كيف بالله عليكم ان نطبق القانون وان نطبق الواقعة على النص ونحن لا ننظر الى الهدف سوى بعين واحدة ؟؟ فالرأي لمن يملك القرار لا لمن يبصره ؛ وصاحب االقرارلا بد له من العلم والفهم والابصار والنزاهة والابتعاد عن مخارم الرجولة ليكون سيدا بذاته قبل أن يكون سيدا باوهام عدلة وسلطتة القرار التي تمنح الجبناء والضعفاء سيف اللامبالات بمصائر الناس ؛ فيظلمون بالتعسف والتجبر والانتقام . وما ذكره جلالة الملك عن العدالة البطيئة التي تشكل الفساد الاعم بمرفق القضاء فعدم الاكتراث بحقوق العباد وهدر اعمار الناس بالانتظار وعدم البت في حل قضاياهم وإصدار ما يتوجب عليهم من احكام عادلة خاصة وما يلحق المتهم البريء من جور جراء قرارات التوقيف لمدة طويلة غير مبررة حتى اذا بُرئ المتهم فان صاحب القرار يبرر إن هذا التوقيف الذي يشكل بمعرفته المسبقة مصادرةً لحرية الانسان ان ما كان (لأمر يقتضيه القانون ) حتى لا يستطيع المظلوم امام سيادة القانون ان يطالب برد الاعتبار ؛ خاصة اذا كان الادعاء هو الخصم وكان الخصم هو الحاكم والجلاد . مدركين ان التسيب الواهن والعاجز والخوف الذي لا يخضع لمنطق اخلاقي او الى تبرير قانوني سليم هو ما يجب اعادة النظر به لأنه الضرورة التي ستلغي نص التحكم بالاستقواء والظلم ، ولان السيادة للفكر وان السلطة للقانون فانه يتوجب علي الدولة لغايات الاصلاح الحقيقي فعلا ان تعيد النظر بهيكلة القانون وقواعدة الناظمة وهيكلية المؤسسات ومنظومتها الادارية على اسس علمي وموضوعي سليم ؛ كما ويتوجب على سلطة القرار على ان تعرف الفرق ما بين القانون والعدالة حتى لا يُطبق النص بدون عدالةٍ ولا تُعطى السلطةٍ لمن لا يستحقها ؛ محزرين من الاستعجال أمام الخوف في تصدير قرارات غير مسببة وعادلة لان الادانة لا تنفي الفساد عندما تصدر من مقرر عاجر او شخص يتعمد الببطئ في القرارات التي تعدم الانسان بالانتظار حتى في حال براءته وهو ما يترك اثارا وخيمة على دمار الاسرة التي تشكل حجر الاساس في بناء المجتمع السليم. فالقانون هو فكرة العدل لغايات الالتزام بالقواعد القانونية اما العدالة فمعيار دقيق للمساواة والثبات بالحق وجوهر الانصاف في القسطاس المستقيم لكن القانون لا يفرق بين ام تسرق لإطعام اطفالها الجياع وبين من يسرق لإرضاء ملذاته وإشباع شهواته فالقانون هنا لا يحقق العدالة فهو فكرة ظاهرة وإشارة الى العدل الشكلي الذي لا يدرك حالة الانسان بخصوصيته ولا يمكن ان يحقق الانصاف بإصدار حكما عادلاً حيث يمكن لحالات كثيرة أن تكون ضحية للقانون المرتبط بفكرة العدال ومن غير ان يرتبط بجوهر العدالة . فالعدالة هي التي تعمل على ايجاد معاملة خاصة لحالات توجب التخفيف من حدة وصرامة القواعد القانونية لأن العدالة ترتبط في قيمها العليا وسعيها الى خير الانسانية وبما يوحي لها الحق من حلول منصفة ومساواة واقعية تقوم على مراعاة دقائق ظروف الناس ، وبخلاف ذلك فان العدال مشكوك به ولان ما سمعنا ه من كريم الطباع ونبيل المقام من جمال المقال يحتاج منا الى الدفاع عنه والمطالبة بتنفيذه لأنه اصبح لنا وللوطن حق مكتسب