أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ضباع العالم استغلوا مظالم الشعوب

بقلم : جمال ايوب
13-11-2016 03:04 PM
هل كانت الثورات شعبية فعلاً، أم إن ضباع العالم استغلوا مظالم الشعوب ودفعوها للثورة، لكن ليس لإسقاط الطغاة وتحقيق أحلام الشعوب في الحرية والكرامة،
بل لتحقيق مشاريع القوى الكبرى في بلادنا من تدمير وتخريب وتهجير وإعادة رسم الخرائط، كما فعل المستعمر الغربي بنا قبل حوالي مائة عام عندما حرضنابالثورةضدالعثمانيين،ووعدنابالحريةوالاستقلال، ثم تبين لنا لاحقاً أنه استخدم العرب كأدوات للتخلص من العثمانيين كي يحل محلهم في استعمار المنطقة وإعادة تقسيمها واستغلالها؟
ليس هناك شك بأن معظم بلادنا العربية تحتاج إلى ألف ثورة وثورة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ولا شك أن من حق الشعوب أن تطالب بحقوقها وبتحسين أوضاعها والتخلص من طغاتها. هذه بديهيات لا نجادل فيها أبداً،
لكن السؤال الذي يجب أن نسأله الآن بعد أن بدأت تتضح نتائج ما أسماه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالربيع العربي.
هل كان هذا الربيع يهدف فعلاً إلى مساعدة الشعوب للتخلص من الظلم والطغيان وبناء دولة الحداثة والديمقراطية والمدنية التي ضحكوا علينا، وأغروا الشعوب بها؟ الأمور دائماً بخواتيمها. والخواتيم أمامنا صادمة جداً، لا بل تفضح مخططات ومشاريع كل الجهات التي حرضت الشعوب على الثورات
. شتان بين أجندات الشعوب وقياداتها وطلائعها الثورية، وبين القوى الخارجية التي دخلت على خط الثورات، أو حرضت على اندلاعها.
لا شك أن الذين ثاروا في الوطن العربي كانوا فعلاً يريدون أن يطالبوا بأبسط حقوقهم الإنسانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يكونوا يطمحون إلى أكثر من قليل من أوكسجين الحرية ولقمة عيش نظيفة غير مغمسة بالذل والخنوع.
لكن حتى هذه المطالب البسيطة والصغيرة التي شجعها ضباع العالم كانت لو تحققت يمكن أن تقض مضاجع هؤلاء الضباع الذين تخيفهم أي صرخة ألم تطلقها الشعوب المقهورة، فهم يعرفون تمام المعرفة أنه ما أن تبدأ الشعوب تتحرر شيئاً فشيئاً، فلا شك أنها ستبدأ بمراقبة ثرواتها الوطنية،
وستبدأ بالمطالبة بتوزيع الثروة ومساءلة كل من يتلاعب بمصائر الأوطان لإرضاء أسياده ومشغليه في الخارج.
لهذا، لم تكن القوى الخارجية التي بدت وكأنها مناصرة للثورات في البداية تريد بأي حال من الأحوال نجاح أي ثورة، بل كانت تدفع الشعوب إلى المحارق لأغراضها الخاصة، وليس أبداً من أجل انتشال الشعوب من براثن الاستبداد والطغيان.
إن التشجيع الدولي للثورات في بداية الأمر كان الهدف منه ضبط حركة الثورات بما يتناسب مع مصالح وحوش العالم بالدرجة الأولى.
وهل هناك طريقة لإعادة الشعوب إلى زريبة الطاعة أفضل من الظهور بمظهر الصديق لثورات الشعوب؟ بالطبع لا.
هنا بدأ يظهر من سموا أنفسهم بأصدقاء الشعب العربي مثلاً. وعندما تسمع مثل هذا الاسم، لا شك أنك تستبشر خيراً، وتأخذ الانطباع أن هناك قوى حية في العالم تقف إلى جانب القضايا العادلة، وتناصر مطالب الشعوب المسحوقة.
لكن هيهات، فالوحوش لا يمكن أبداً أن تكون رحيمة، بل عاشت وما زالت تعيش على اللحوم والدماء، وبالتالي لا يمكن أن يأتي منها سوى البلاء والخراب. انظروا الآن إلى تلك القوى الشريرة التي ظهرت بمظهر المناصر للربيع العربي.
ماذا قدمت للشعوب الثائرة؟ هل فعلاً ساندتها للتخلص من الطغاة والظالمين فعلاً، أم إنها كانت إما تريد أن تقضي على بعض الحكام كي تستولي على ثروات بلادهم، أو أنها تريد أن تقضي عبى بعض البلدان والأوطان، وتترك الأنظمة التي ثارت عليها الشعوب كمغناطيس لجذب كل الجماعات التي يمكن أن تساهم في تخريب البلدان وتدميرها .
بعبارة أخرى، لم يكن الهدف أبداً مساعدة الشعوب وتخليصها من الطواغيت أبداً، بل لا نبالغ إذا قلنا إن ما يسمى بالربيع العربي الذي ضحك به علينا الرئيس الأمريكي المنصرف أوباما لم يكن سوى محاولة لإسقاط الأوطان لا الأنظمة،
ليس لأن ضباع العالم يحبونه، بل لأنهم يستخدمونه كأداة تدمير وتخريب. ويجب ألا ننسى مشروع الفوضى الخلاقة أو بالأحرى الهلاكة الأمريكية الذي بشرتنا به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس،
والتي كانت تهدف أمريكا من خلاله إلى نشر الفوضى بهدف إعادة رسم الخرائط وإعادة توزيع المصالح وتدويرها.
وقد وجدت أمريكا في بعض الطواغيت الطريقة الأمثل لتنفيذ الفوضى. باختصار، لقد أرادتها الشعوب ثورات لإسقاط الطغاة والطغيان، بينما أرادتها القوى الخارجية معولاً لإسقاط الأوطان.
شتان بين الثوار والداعمين، فبينما يسعى الثوار للتغيير والإصلاح فعلاً، فإن الداعمين للثورات ليسوا دائماً فاعلي خير، بل ربما في كثير من الأحيان يستخدمون مظالم الشعوب لتحقيق غاياتهم قبل غايات الشعوب الثائرة. وهذا ما حصل على ما يبدو حتى الآن للأسف.
جمال ايوب

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012