بقلم : منال العبادي
13-11-2016 03:10 PM
لم يعد يُؤرقني نهج الدولة العميقة ولا أهدافها ولا حتى أسلوبها بقدر ما يقلقني ويؤرقني الذين يعيشون الكذبة الكبيرة ويصدقونها ... بل ويؤيدونها ويدافعون عنها ... بحجة الأمن والامان تاره وبحجة الظروف المحيطة بنا تارة أخرى .
نعيش سنوات غير مسبوقة من حالة شد الأحزمة على البطون منذ عام 2009 إلى الان، بإنخفاض مستمر لمعدلات النمو الإقتصادي ولا ندري أين ستصل بنا الأمور في عام 2017 ولكن أبشركم بأن (المكتوب باين من عنوانه) .
مورست علينا العديد من التجارب (الإقتصادية) قصريا منذ ما يقارب العقدين من الزمن، نتج عنها بيع وخصخصة وسرقة أهم الموارد الإستراتيجية لهذا البلد الفقير، بحجة خفض المديونية التي كانت تثقل كاهل المواطن في حينها حيث كانت تتراوح ما بين 5-7 مليار، ومعدل دخل العائلة حوالي 250 دينار شهريا .
أما الآن و(بحمد الله ورعايته) بتوفير الماكينات الإقتصادية والبهلوانية التي تناوبت علينا فقد وصلت المديونية إلى 30 مليار، أي ستة أضعاف ما كانت عليه في زمن ما قبل (الخصخصة).... وماذا أيضاً: لم ولن نعرف أين ذهبت أموال الخصخصة (يسمح بإستخدام المخيلة في هذه النقطة) ... لم يعد يكفي دخل المملكة سنويا لسداد فوائد هذه الـ30 مليار، وبالنهاية سيتحملها المواطن الفقير فقط، ونذكر بأنها كانت الذريعة التي من أجلها قامت تجربة (الخصخصة) وقد كانت ثالث أكبر (كذبة) في تاريخ المملكة.
إرتفعت الضرائب والرسوم أضعاف مضاعفة على المواطنين ومعها إضافة الفوائد المترتبة على من يتأخر بالسداد ( مهو القانون قانون يا خالتي)، والقوائم السوداء ضمت مئات الالاف لدى البنوك وما زالت بإزدياد مخيف ومؤشر واضح على إتجاه الإقتصاد .
أصبحت العاصمة عمان من أغلى المدن العربية من حيث تكاليف المعيشة، ومعدل دخل العائلة 450 دينار شهريا، ونسبة البطالة الفعلية حوالي 25% .
اليوم ... حُجة الدولة الوحيدة تتمركز حول (تحميلنا جميلة) بنعمة الأمن والأمان، مع أنها هي يوميا (تتحمل مئات الجمايل) من الخارج على ذات النعمة ... ماذا!!! كيف؟؟، أن الدولة الأردنية يوميا وعلى رأسها صاحب(الولاية العامة) رئيس الوزراء... تتعرض للضغوط والإبتزاز ... وحتى التهديد من العديد من الدول والمؤسسات الخارجية والتي لها الفضل في إستقرار الأردن (كما تدّعي) مما يجعلنا لا نملك القرار الذي توهمنا الحكومة بأنه في يدها.
صندوق النقد الدولي ومؤسسات دائنة أخرى تعطي التوجيهات وترسم السياسات للحكومة التي لن تستطيع الرفض... ولا ألومها لانها ستواصل الإقتراض لسداد العجز الذي هو أكبر من طاقتها ( يعني من وين بدها تجيب شعب زيادة مشان تحلبة)!.
أمريكا تقدم لنا المساعدات (ولا أعتقد بوجود فرد يمكن أن يدّعي أنها بلا مقابل) ، دول الخليج تقدم لنا المساعدات (من أجل عيوننا) !!!، حتى الصين واليابان وهولندا وفرنسا و و و ..... ( يعني لم يبقى دولة بالعالم إلا وتقدم لنا المساعدات) ومع ذلك نحن دولة ذات سيادة .... يا أخي حتى إسرائيل ( تَهِّت علينا بالماء الملوث من بحيرة طبريا) .
أما داخليا فيحدث : تحصل الحكومة صباح كل يوم على خمس دخل المواطن عن طريق ضريبة المبيعات، ثم تفرض على ذات المواطن الضرائب والرسوم لتأخذ ربع دخله بعد الخمس ... أي أن الحكومة تستحوذ على حولي 40% من دخل المواطن مهما دنى، ثم أنها تفرض الأرباح على فاتورته النفطية مهما بلغ السعر العالمي لبرميل النفط، وأرباح على فاتورة الكهرباء وفاتورة الماء مهما بلغت... ناهيك عن الإتصالات وما أدراك ما الإتصالات، وماذا أيضا: أُقرت قانون الإيجار والإستئجار المشؤوم وبالتآمر مع مجلس النواب في حينها ... ونرى آثاره اليوم في عجز الفقراء على إيجاد مسكن يستر عليهم بما يتناسب مع دخولهم (ناهيك عن تأثير العائلات السورية)، المدارس الخاصة أصبحت كالحوت الذي لا يستطيع أحد إيقافه بعد أن قارب عدد منتسبيها من الطلاب (المليون).
أصبحت المولات تنافس المؤسستين المدنية والعسكرية بالاسعار (وهذا دليل النوايا الربحية للحكومة)، أما المخالفات فلم تنقطع ولم تقل بل فاقت كل التقديرات دعما للجباية الممنهجة لكل ما تستطيع الدولة الوصول له... إن الأمثلة كثيرة ومحزنة لما يعانيه الشعب من تطرف في (التجارب) الإقتصادية المرتدة والمستمرة منذ الزلزلال الكبير والذي سمي بالـ(الخصخصة) .
اليوم ومع كل التأثيرات والمؤثرات الخارجية علينا فما زلنا نتغنى بالإستقرار ونرسم السياسات المستقبلية ونناقش المرتكزات والقيم والمبادئ، ونطورالقضاء ونشرع اللامركزية، وننشئ مراكز للتطوير والبحوث، ونري العالم وندعوهم للشهادة على ديمقريطنا، ونحلف أغلظ الإيمان على الفصل بين سلطاتنا الثلاث وهي(سَلَطَة) وجميعنا يعلم ويقر بذلك.
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة : هل كذب الرئيس الجديد للولايات المتحدة عندما قال (إن الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط هي إسرائيل) ؟؟؟ ماذا!!! كيف؟؟؟ وأين الديمقراطية منّا نحن ؟؟؟ وهل نحن نكذب على أنفسنا أم على غيرنا؟؟؟ لقد قطعنا أشواطا وتجاوزنا الديمقراطية ونتباحث اليوم ونناقش في (الدولة المدنية) ... أليس كذلك؟؟؟ ... هل من وزير للخارجية أو الداخلية أو حتى البيئة ليكذب الرئيس الأمريكي ؟؟!!! .
اليوم ولمن لا يزال يصدق (الكذبة الكبيرة) ويعتقد ويؤمن بما تواصل (الدولة العميقة) إيصاله لنا عبر الإعلام وعبر تصريحات المسؤولين أقول له ... لا تنظر بعيدا ولكن أنظر حولك قليلا، ألا ترى أنه لولا وعي الشعب وحكمته لما بقينا نتغنى بالأمن والأمان... لولا صبر الشعب على ضنك العيش ... لما إستطاعت الحكومات التمادي بالإجراءات التقشفية والركوب على أكتاف الشعب .
وبالنهاية أحذر وأرجو رئيس الوزراء صاحب (الولاية العامة) بأن الشعب لم يعد بإمكانه مجاراة سياسة الحكومات الجبائية، فأنت وفريقك الوزاري ومستشاريك يعيشون على حسابنا وليس العكس ... فالأب هو من يرعى ولده ويؤمن له الحماية وهو الذي يوفر له المسكن والمأكل والتعليم وبذلك فهو يربي ولده ويوجهه يعني(بمون عليه) .... أما أنتم فمعاشاتكم ومخصصاتكم وسفراتكم ولهطكم كله على حساب المواطن ... وبالمقابل لا ترسمون له شيئ... فصندوق النقد يرسم إقتصادنا والدول المانحة تحدد سياستنا والدول المجاورة تحدد إمكاناتنا ... فأنتم لا تلزمونا ولا تفيدونا بشي سوى زيادة همّنا وزيادة في العبء على جيوبنا ... ألا ترون أن لا رئيس وزراء يُحاسَب ولا وزير يحاسب، وعمليا لا هم رؤساء ولا وزراء ... وتلك هي لبنان ليست بعيدة عنا، فقد أمضت سنتان ونصف بلا رئيس ولبنان تعتبر قنبلة موقوته ما بين الدول ولم يحدث شيئ .... فيا دولة الرئيس تجاوز مسألة القرارات الصعبة والجريئة التي تُحضر لها!!! فإن النتائج لن تحمد عقباها .... وبالنسبة لإستقرارنا فله أسبابه وظروفه الخارجية والداخلية ... ولكن المضمون والمؤكد بأن لا دخل لكم فيها لا أنت ولا فريقك الوزاري ولا مستشاريك فالزم ... وما (ثورة الخبز) عنكم ببعيدة...!!!
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد .