بقلم : المحامي محمد احمد الروسان
17-12-2016 12:30 PM
*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
(الطبّاخ الرديء)وأسلوبه ونتاج طبخه من طعم وجودة طبخ، يشكل بمجمله إستراتيجية الطبخ الرديء، وحين تكون بعض مفاصل الأخيرة من نهج وسياسة لبعض الدول والساحات العربية، إن لجهة القويّة منها، وان لجهة الضعيفة، فهي السياسة التي يصنعها عادةً بعض باعة الأرصفة في الأسواق وأمام المساجد يوم الجمعة من كل أسبوع، فلنسقط ذلك على واقع ما تمارسه نخبنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأستخباراتية والدبلوماسية والإعلامية والحزبية، من سياسات لجهة الخارج الملتهب والداخل المحتقن والمتفاقم بمزيد من الاحتقانات الرأسية والعرضية، حيث القراءات تقول: نحن على حافة انفجار اقتصادي واجتماعي ولاحقاً أمني، إن بقينا نمارس إستراتيجية الطبخ الرديء، ان لجهة الداخل وان لجهة الخارج الأقليمي، وخاصة السوري(بعد تحرير حلب من الأرهاب)والعراقي(نلحظ تقدمات عميقة للجيش العراقي على داعش وباقي جوقة الأرهاب في الجغرافيا العراقية)والفلسطيني(نلحظ مفاوضات تقريب بعضها سريّة تجري بين الفلسطينيين والأسرائليين في أكثر من ساحة غربية وساحة عربية، وبعضها علنية)تحت بند مؤسسات مجتمع مدني هي في الأصل مموّلة وخلقت من أجل ذلك)، وان لجهة الدولي بمعادلاته الجديدة، وصعودات للروسي والصيني والهندي وجلّ دول البريكس في كافة المجالات.
وإذا كان علم فن إدارة الأزمات، من العلوم التطبيقية حديثة النشأة والتطبيق، فانّ علم ما يسمى بالإنذار المبكر، من ذات العلوم الاستقرائية والبحثية حديثة النشأة، والاشتباك بتفاعل أيضاً، انّه علم الفن وفن العلم، ضمن الاستقرائيات لأي تداعيات أي حدث كان، وهو ليس أداة تجرح كما في علم الاستخبار. انّه علم يركز بعمق على بؤرة الحدث أي حدث كان، إن بفعل البشر وان بفعل الطبيعة، ويسعى إلى التعرف والتمحيص في مكونات تلك البؤرة، وعمل أدائها السلوكي ومفاعيله وتفاعلاته، ثم التقاط موجات وإشارات البث المنبعثة والمنطلقة، من نقطة المركز، ومحاولات معرفة وقراءة وفك شفرات هذه الموجات والإشارات، ليصار إلى الوصول لمعرفة وسبر غور طبيعة وشكل السيناريو القادم، أو SCENARIO BUILDING EXERCISES، حيث تعد الأخيرة مجرد احتمال، وان كان الأخير في السياسة ليس يقيناً كما هو معروف للجميع، لكن جل المسألة في علم الإنذار المبكر، يتيح ويسمح وضع الاستعدادات والترتيبات اللازمة، لعمليات احتواء المخاطر وتعزيز الفرص. وتعد أجهزة الاستخبار والمخابرات المختلفة، من أكثر المؤسسات في المجتمعات المكونة للشق الديمغرافي للدول، استخداما لهذا النوع من العلم والمعرفة، وان كان أول من استخدم هذا المعرفة وعلى الفطرة في التاريخ البشري،(معرفة الاستخبار والرصد والإنذار المبكر)، هو أحد ابني آدم عندما قام برصد تحركات شقيقه لقتله. وصحيح أنّ السياسة تعني فن الممكن، لكنها الآن ونحن نعيش في الألفية الثالثة للميلاد والعرب والمسلمين ما زالوا يقفون لا أقول على أعتاب القرن الحادي والعشرين بل على مشارف الأعتاب، تعني بالمعنى الأدق هي فن إعادة إنتاج الضرورة بمفهومها الشامل، ضرورة أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وحتّى الثقافية الفكرية، بعبارة أخرى السياسة هي منتج أمني وسياسيي واقتصادي واجتماعي وثقافي فكري ولم تعد فقط فن الممكن. والرهان في علم الرياضيات المعاصرة أيّاً كان هو مجرد احتمال فقط، والاحتمال في علم السياسة سواءً كانت سياسة النخب أو السياسة 'الشعبوية' هو ليس يقيناً، وحتّى السذّج في المجتمعات والذين تمطى رقابهم كالعوام، وعبر جلّ الوقائع الميدانية كمؤشرات، صاروا يعرفون أنّ ما يجري في سورية والعراق ولبنان وليبيا وفلسطين المحتلة، وصولاً الى أسيا الوسطى وأوكرانيا، وفي جلّ منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى وفي بحر الصين الجنوبي هو في الحقيقة، عملية أخرى من العمليات السرية الأستخباراتية الدموية، المدعومة أمريكيا وبريطانيّاً وفرنسياً وإسرائيلياً، بالتحالف مع البعض العربي المتخاذل والمرتهن للإطاحة بالسلطة في سورية قلب الشرق وعقله، نظراً لحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي بحكم الواقع إمبراطورية الشر العالمية، بلبوس ديمقراطي ليبرالي إنساني بشعار الحاكمية الرشيدة، مع كل ما تملك من قوّة، بنى تحتية ونفوذ، هل من الصعب عليها أن تقوم بتصنيع'ثورة'في أي بلد، وسورية أنموذجاً؟ وللعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي شهوه عميقة شبقه لاحتياطي الطاقة عصب الصناعة الغربية، وهي ذات الشهوة التي يشتهيها خصومها من الطرف الآخر، والصراع على شهوه شبقه للاحتياطي الإستراتيجي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط، قد يشعل حرباً عالمية ضروس وعميقة وقد تنهي العالم!.
المشتركات لدى جمهور الناس في العالم العربي أعتقد أنّها تتموضع في التالي:- هو أنّ الغرب يسعى إلى الدفع بقوّة إزاء تفكيك سورية وجعلها دولة فاشلة وبعدها العراق، وبعدهما لتفكيك لبنان لشل إيران، وإثارة الفوضى في الأردن عبر اللعب على الحبل الديمغرافي لجهة المكونات الأردنية المختلفة بما فيها النظام نفسه، وبعد ذلك وفقاً للرؤية الأمريكية الصهيونية، ستكون المحطة قبل الأخيرة الفدرالية الروسية، استعداداً للتفرغ للصين، والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الخاصرة الضعيفة للفدرالية الروسية، وهذا ما تدركه النواة الصلبة والدولة العميقة في روسيّا الفدرالية ومحركها وضابط إيقاعها الرئيس فلادمير بوتين وجهاز استخباراته النشط ذو المجال الجيوبولتيكي الأممي الواسع والذي يعيد إنتاج مفاصل أدواره الأستراتيحية القادمة.
ومن هنا مرةً ثانيةً وثالثةً ورابعةً، نقول: إنّ من يسيطر على سوريا(قلب الشرق)يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سوريا وعلى سوريا، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سوريا بنسقها السياسي وموردها البشري، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً. إنّ لمفاعيل وتفاعلات الحدث السوري خاصةً وبعد تحرير حلب من الأرهابيين السفلة، إن لجهة العرضي منه، وان لجهة الرأسي منه، تداعيات عديدة عابرة ليس فقط لدول الجوار الإقليمي، بل للقارات التي تشكل المعمورة ككل. وبالرغم من عمق سلّة الاحتجاجات السورية، ومرور وقتا طويلاً على اندلاع شراراتها، فانّ النسق السياسي السوري ما زال متماسك، إن لجهة التماسك المؤسساتي الدولاتي للجيش، وقوى المخابرات والأمن الداخلي، وان لجهة تماسك الكتلة البشرية في دمشق, وهذا وفّر له القدرة الأكثر والأكبر والأقدر والأفعل، لجهة الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة، ولجهة ضبط التفاعلات الداخلية وآثارها أيضا. باعتقادي وظني وتقديري، أنّ الأثر الأممي(العدوى كنتيجة)للحدث السوري، سيقود في نهاية المطاف، إلى إعادة تشكل وتشكيل جل المشهد الدولي من جديد، والى عالم متعدد الأقطاب والنهج، في حين وبعد أن أخذت عدوى الحدث السوري، طابع إقليمي وعابر للحدود السياسية المصطنعة، ولحدود جغرافيا الطبيعة والتاريخ أيضاً، في تماثل محطاته وتساوقه، لجهة الماضي وعبر حاضرها، ومستقبلها، ونستولوجياها، فانّ الأمر كلّه بحاجة إلى عمليات استقرائية شاملة وناجعة وناجزة، توفر لصانع القرار السياسي والأمني، في ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، لجهة الضعيفة منها ولجهة القويّة على حد سواء، توفير قاعدة بيانات ومعلومات في غاية الدقة والضرورة، من أجل أن تحسن التصرف والتعامل، مع جلّ المشهد. للحدث السوري عقابيل إقليمية، عرضية ورأسية وضغوط متعددة، والتساؤلات التي تفرض نفسها بقوّة، عندّ إعمال العقل في الحدث السوري عديدة ولكن أهمها هي:- ما هي مدايات ومساحات، قدرة ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، من تركيا وبغداد، إلى عمّان وبيروت وحتّى إيران، في احتجاز وصد ضغوط هذه العقابيل الإقليمية، لذات ميكانيزميات الحدث السوري؟ ما أثر تلك العقابيل على إيران ذاتها، الدولة الإقليمية الجارة، بالرغم ما جرى على خطوط علاقات طهران واشنطن من تطورات، وما تبعها من اتفاق إيران النووي مع الدول الخمس ما غيرها؟ وهل ما جرى على خطوط واشنطن طهران حدث سياسي أم استراتيجي حتّى اللحظة، حيث الفرق بينهما شاسع وعميق؟ وما أثر ذلك على طهران والتي تدخل في حالة صراع لا تنافس مع تركيا؟ والى أي مدى تستطيع الدولة العبرية(الكيان الصهيوني)احتجاز وصد، ضغوط ما يجري في المنطقة عن نفسها بعد ظهور بوادر ومؤشرات انتفاضة فلسطينية تتراكم استعداداً لأنفجار قادم اسمها هذه المرّة: انتفاضة السلاح الأبيض والدهس الجديدة حيث الفاعلون شهداء أحياء عند ربهم يرزقون، والمستهدفون عتاة قطعان المستوطنون، والأدوات السكاكين والسيّارت، فماذا لو كتب عليها العبارة التالية: كيف ترى قيادتي ... عبّر عن رأيك بلا حدود ؟!. انتفاضة ستفشل ما يحاك للقضية الفلسطينية من تصفيات عبر ما يجري سرّاً وعلناً، تارةً عبر ندوات لمراكز بحث ومؤسسات مجتمع مدني، وتارةً سرّاً، وتارةً أخرى علناً وبكل صفاقة سياسية بل ووقاحة. بلا أدنى شك أنّ القوام الجيو– سياسي السوري، يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل، مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية، وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا، إلى أنّ تأثير العامل السوري، كعامل إقليمي حيوي في هذه المنطقة، تتطابق آليات عمله وتأثيره، مع مفهوم العامل الجغرافي الحتمي، والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك، وعلم الجغرافيا الإستراتيجية، وعلم الجغرافيا الإقليمية، وحتّى علم الجغرافيا المناخية، حيث تؤكد معطيات العلم الأخير، بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الإقليمي السوري، لن تستطيع مطلقاً الإفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي، فهل استعدت عمّان ولبنان والعراق وتركيا لذلك جيداً؟ هل سيعمّق تنظيم 'داعش' وجوده في الأردن بمساعده غربية صهيونية، مع ميزة التحصين ضد أي فعل مضاد له من قبل الدولة، كما عمّق وجوده في لبنان وتركيا وسورية والعراق وليبيا؟. وبناءً وتأسيساً، على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الإقليمية ومحركاتها، فانّ استمرار ما يجري في سورية بالمعنى العرضي والرأسي، سوف تكون مخرجاته بالمزيد تلو المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، إن لجهة لبنان، وان لجهة الأردن، وان لجهة العراق، وان لجهة ليبيا، وان لجهة أنقرا نفسها لاحقاً، أضف إلى ذلك الشمال الفلسطيني المحتل – الدولة العبرية حتّى اللحظة. فعندما قدّمت عمّان - الرسمية بعض التنازلات، هدأت فعاليات الاحتجاجات السياسية الأردنية، و التي قادتها وأطلقت شرارتها الحركة الإسلامية الأردنية، ومعها الحراك الشعبي الأردني رغم انقسام الحراك لاحقاً، ولكن وبفعل استمرار فعاليات ومفاعيل الحدث السوري، إن لجهة احتوائه بشكل جديّ هذه المرة عبر جنيفات قادمة في حال انعقادها، فانّ المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وعبر ذراعه الخفي البلدربيرغ، والأخير ملتقى المتنورين ورجال الأعمال والسياسة والأعلام والاقتصاد والاجتماع، من المسيحيين الصهاينة واليهود الصهاينة والعرب الصهاينة والمسلمين الصهاينة، سوف ينشرون الفوضى الخلاّقة في دول الجوار السوري التي أدخلت ودخل الإرهاب رغماً عنها في مفصل زمني محدد، بمورده البشري وسلاحه إلى الداخل السوري، لتنفيذ أجندات ورؤى جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)وفي المنطقة بالمجمل.
ولا يختلف اثنان عاقلان وبعد كان ما كان من نتائج وتداعيات حتّى اللحظة، وعبر الحدث السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي، الإنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة وإضعافها، ليصار إلى الاحتفاظ بخصم إقليمي واهن وضعيف(من زاوية الطرف الخارجي الثالث المتدخل في الحدث السوري)على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية والذي تمّ صيرورته كحياة إرهابية بتعبيراتها المختلفة، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية – المشيخات الطارئة، والتي لديها الاستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له. وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي جدلاً، والذي قد يكون فاجأ(المطابخ)الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكّلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية. هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف 'التطلعات الديمقراطية وحقوق الإنسان'في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، وإسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك 'المطابخ' الموجّهه.
في بدايات الحدث السوري، سافر بعض الأردنيون إلى سورية للخضوع لدورة جهادية، في صفوف جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، لكنهم يعودون إلى بلادهم بكميات ملفتة للنظر من المتفجرات وعينات من المفخخات والأسلحة ما كشفته وتكشفه دائرة المخابرات الأردنية العامة باستمرار مؤشر في هذا السياق) هذا من جهة، ومن جهة أخرى وبحسب المسؤولين الأمنيين في العراق الآن، كانت أحد أكبر المشكلات الأمنية التي واجهت العراق بعد اسقاط نظام صدام حسين، انتقال الإرهابيين السلفيين من أصقاع الدنيا إلى سورية، و من بعدها دخولهم إلى الأراضي العراقية. وقد تصاعد الجدل في هذه القضية، ومع تصاعد حدة الأزمة السورية تحول مسير نقل الإرهابيين من بغداد إلى المناطق المختلفة في سورية، وهذا ما زاد من الفوضى والفلتان الأمني في هذا البلد. إنّ استقلالية الفروع للقاعدة كتنظيم، أدّت إلى ظهور تنظيم القاعدة في بلاد النهرين، تنظيم القاعدة في المغرب العربي، وتنظيم القاعدة في الحجاز، تنظيم القاعده في اليمن، تنظيم القاعده في بلاد الشام وتحديداً في سورية الآن، بفعل تسهيل دخول عناصره، من قبل بعض أجهزة استخبار ومخابرات دول الجوار السوري العربي وغير العربي، بالاتفاق مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بجانب التورط المشترك لدولتين من دول الخليج، وبشكل مشترك ومباشر في الشؤون السياديّة للدولة السورية بفعل الحدث السوري وتداعياته، وهنا يبرز سؤال جوهري وهو: آلا يرتد هذا الإرهاب المدخل إلى الداخل السوري مرةً ثانيةً، لدول الجوار الدمشقي وما شابهها؟! يعتقد الكثير من المحللين أنه، في حال سقط النسق السياسي السوري أو لم يسقط، فإنّ إقامة معسكرات للمجموعات السلفية المتطرفة في سورية و أو على حدود دول جوارها، سيكون له تداعياته المباشرة على أمن الدول المجاورة هذه، حيث يواجه العراق حالياً عمليات إرهابية ولبنان دخل على الخط بمستويات محددة، فهل على الأردن أن ينتظر حدوث توتر طائفي ومذهبي سينتقل إليه عاجلاً أم أجلاً بفعل السياسات الأمريكية الفوضويّة؟!. وبحسب خبراء في شؤون تنظيم القاعدة، فإنه ليس هناك فرق في أي مكان بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين لنشر إرهابهم، لأن وصولهم المباشر إلى'الجنّة'مرتبط فقط بمعيار قيامهم بهذه العمليات. ودون شك يعتبر الداعمين الرئيسيين للسلفيين ولعناصر القاعدة، واستناداً على الوثائق المنتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، هم أهم أعداء حزب الله وأكبر الداعمين لمنافسيه في لبنان، وعليه فإن غرفة العمليات التي تدير وتتحكم بالعمليات الإرهابية في سورية ستتفرغ قليلاً للبنان الآن، بهدف إنهاك قوة حزب الله عبر إيجاد توتر مذهبي في هذا البلد. ثمة مجموعات ارهابية أسّسها(الشيخ بلال دقماق اللبناني)في لبنان وبعض مخيماته، وفي القلمون للبناني وحتّى في الجزء المحتل من مزارع شبعا، وتلقى رعاية اسرائلية، وكان كثير ما يزور تركيا هذا الدقماق، وغيره من على شاكلته وبرنامجه ما زال يزورها بين فينة وأخرى، وهذا الشيخ داعي فتنه في لبنان مع الداعية الشهّال وغيرهما، فهو لم ولا يذهب إلى اسطنبول من أجل ليلة رومانسية على ضفاف البوسفور، وبلال هذا رجل الاستخبارات التركية الأول في لبنان ومعه آخرين، حيث الاستخبارات التي لا يخفى على أحد من يفرش أمامها الذهب، لتحقيق أغراض إستراتيجية وإيديولوجية محددة ومعينة، السعوديون يعلمون كل التفاصيل، ولكن في الفم ماء والدم في أفواه أخرى(لتحرير حلب من الأرهابيين السفلة تداعيات قادمة في أكثر من ساحة ومكان في دول الجوار السوري، كرد على تقدمات الجيش السوري في أكثر من مكان في سورية). فهل صحيح أنّ الاستخبارات التركية تسعى إلى تفكيك الجيش اللبناني وإقامة الأمارة؟ وهل صحيح أنّ فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي واردوغان الرئيس التركي يدعمان حرب أهلية في لبنان؟ الصحيح والثابت أنّ الاستخبارات التركية تعمل وتسعى على تسويق جبهة النصرة ومعها السعودية، على أنّها البديل 'الحمل الوديع'أو البديل 'البهي'عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية المعروف إعلامياً بداعش، وعن تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد المغرب العربي وأسميه: بدامس، والمطلوب والمعني الآن من تنظيم دامس: استهداف الجزائر بالدرجة الأولى وكدولة إقليمية ذات احتياطات غاز ضخمه جدّاً، ولفك ارتباطها الوثيق مع الفدرالية الروسية. وتذهب بعض المعلومات، أنّ الاستخبارات الألمانية وعبر مستشار الأمن القومي الألماني كريستوف هويسفان، وبعد لقاء نظيره الصهيوني يوسي كوهين في 'إسرائيل'، همست بإذن باريس أن لا تنزلق وتتهور وراء أردوغان وخططه في لبنان والمنطقة، حيث استشفّت المخابرات الألمانية بعد تحليل معلومات تقرير كريستوف المرفوع لها، ما تحاول تل أبيب فعله في لبنان عبر آخرين وبالتنسيق مع الفرنسيين. حيث هناك سايكس بيكو جديدة في المنطقة وعلى حساب الأمن الإستراتيجي لتركيا. لبنان الآن يتحول مرةً ثانيةً، إلى ساحة خصبة بالبويضات لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وجاهزة للتلقيح الطبيعي، حيث عدد الخلايا النائمة في الداخل اللبناني، مع وجود قرار أممي بعدم السماح للوصول إلى الحلول السياسية الكاملة للمسألة اللبنانية(بالرغم من انتخاب الرئيس ميشيل عون – ربع حل سياسي تنفيسي لحين أن تحين اللحظة القاتلة)، من شأنه أن يقود إلى مزيد من تعقيد الأمور، والدفع باتجاه زوايا ضيقة يصعب الخروج منها إلاّ بقرارات دولية وإقليمية متصلة بمستقبل المفاوضات والمحادثات الأمريكية الإيرانية في عهد ادارة ترامب القادمة من جهة، والعلاقات الروسية الأمريكية من جهة ثانية، وبمستقبل الوضع في سورية والعراق من جهة ثالثة. حيث هناك غطاء دولي يرعى الخطوات التي تؤسس إلى استمرار الأزمة الإقليمية، إن لجهة دعم الإرهابيين، وان لجهة دعم الأنظمة، وحيث الطرف الخارجي في المسألة اللبنانية، لا يريد انتخابات نيابية قادمة، عبر قانون انتخابي يعطي مزيد من الشعور بالراحات، وفائض القوّة السياسيذة لطرف ضد آخر في لبنان بعد انتخاب الرئيس عون، من شأن نتائجها، أن تقلب الطاولة على رؤوس أصحاب المخططات الخارجية المتصلة بإعادة رسم خريطة نفوذ ومصالح جديدة، تستند إلى الصراعات الدولية وكل ما ينجم عنها من إرباكات وتقاطعات غير محسوبة النتائج. الطرف الخارجي فيما يجري بالمنطقة، لا يريد حلول عسكرية في الدول والساحات العربية، بل حروب استنزاف بعيدة المدى، فلا حسم للأزمة السورية من زاويته(من زاوية دمشق الحسم العسكري هو الذي يقود الى الحل السياسي)، ويسعى هذا الطرف الخارجي على العمل على البقاء عليها ملتهبة، كساحة كباش إقليمية ودولية حادة، ولا مقاربات سياسية كاملة وعسكرية حقيقية في الداخل اللبناني، ولا ضرب للإرهاب والتطرف، ولا دعم للجيش اللبناني أمريكياً بالمعنى الحقيقي والنوعي، الذي من شأنه أن يقضي على الإرهاب المصنّع في الداخل اللبناني والمدخل إليه من الخارج، مع العرقلة الأمريكية لأي مشروع متصل بدعم الجيش اللبناني من جانب إيران، حيث المطلوب توازنات دقيقة بميزان الذهب من غير المسموح المساس بثوابتها. الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان ما زالت كما هي بالشكل وان انتخب الرئيس عون، وهذه الطبقة هي محكومة من بعض الخارج بالمضمون، وان تم تشكيل الحكومة برئاسة الحريري سعد رفيق، كل ذلك من أجل إدارة الأزمة ضمن المعطيات والظروف الحالية، والمحافظة على الستاتيكو المعمول به راهناً، فلا قضاء على الإرهاب اللبناني، ولا تدخل البلاد فراغ قاتل بالمعنى العميق، كل ذلك بانتظار نتائج التحولات السياسية والحروب المنتشرة على مساحة المنطقة، وتحديد صورة المستقبل، حيث لبنان صار جزء لا يتجزأ من تفاصيل اللعبة الأممية، والأردن وحسب القراءات مرشح بقوّة كذلك ليكون جزء من لعبة الأمم إذا استمرينا بإستراتيجية الطبخ الرديء كسياسة. أشار بعض الخبراء العرب إلى الحجم الكبير والواسع الذي تبثه وسائل الإعلام المعادية لسورية، كذباً وافتراءً عبر صناعة الكذبة بالحدث السوري، حول ما تدعيه من قيام الحكومة المركزية 'بالتهجم الطائفي والمذهبي' والقيام بعمليات الثأر والتصفية في حلب وغيرها، حيث يتوقعون أن هذه القنابل الإعلامية ستهيئ الأجواء بشكل مؤكد لتصاعد التوترات المذهبية في مختلف الدول العربية، وخاصة في الدول التي فيها تركيبة طائفية تشبه التركيبة الموجودة في سورية، كما أن الموجات المتزايدة للنازحين السوريين إلى هذه الدول يجلب معه تحديات أمنية واجتماعية بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية أيضاً – الأردن مثالاً، فأثر اللجوء العربي على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والديمغرافي في الأردن كبير وخطير ومفهوم، وضرورة جلوس الحكومتين السورية والأردنية على طاولة واحدة للبحث في هذا الموضوع أكثر من ضروري، وعدم الجلوس مع الحكومة السوري بمثابة انتحار أردني صرف، فهل تحط طائرة الملك عبد الله الثاني في مطار دمشق وتحت عنوان مكافحة الإرهاب وحل مشكلة اللجوء السوري في الأردن، في ملاذات آمنة في الداخل السوري وبإشراف الأمم المتحدة؟ إن فعل صاحب الجلاله ذلك، سيخلط الأوراق في المنطقة لتداعيات الزيارة، وستدفع ديون الأردن كاملة من النادي الخليجي وغيره، وسيتحرر الأردن من أعباء ثقيلة بالمعنى الاقتصادي والدبلوماسي والأمني، وانّ التزامنا كنسق سياسي، بالسياسات الأمريكية العرجاء وخاصةً القادمة في عهد ترامب، وبالإستراتيجيات الفوضوية المتوحشة، قد يكون الثمن وجود النظام الأردني نفسه لصالح: لا نقول وطن بديل بل نظام بديل بديمغرافيا ممزوجة).
كما حذر بعض المحللين السياسيين(ونحن منهم)في الدول المجاورة كالعراق والأردن وتركيا ولبنان، من قضية إقامة مناطق عازلة ومستقلة أو آمنة من قبل المجموعات الإرهابية و أو دول الجوار السوري، وبمساعدة أمريكية وبريطانية وفرنسية، الأمر الذي سيشكل خطراً وتهديداً على الأمن القومي وحتى على السيادة الوطنية الكاملة لدول المنطقة.
إنّ الصورة التي كان من المقرر أن يرسمها الشعب السوري لبلدهم تحت عنوان الحرية والكرامة، تحولت اليوم إلى صورة مليئة بالدم والفوضى، وأجزاء كبيرة منها تنقل العدوى بالتدريج إلى دول الجوار. وقد تحول القلق من التحولات الدموية الجارية في سورية، إلى تحديات كبيرة بالنسبة للمسؤولين العرب في دول الجوار، وهم يتابعون أخر التطورات وعمليات الكر والفر في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، وإذا لم نقل: قد أضحى هذا القلق أكثر من قلق الرئيس بشار الأسد فإنه يساويه. إنّ الجغرافيا السورية، لها ديكتاتوريتها الخاصة، دون أدنى تدخلات للأنسقة السياسية التي حكمتها، أو حتّى الحضارات التي تكالبت عليها، لذلك أبت وتأبى جغرافيا سوريا، بأنّها عصية على التجاوز والتخطي. في المشهد الدولي وكما قلنا في البداية، لعقابيل الحدث السوري أثار ونتائج واثارات، تقود إلى عالم متعدد الأقطاب، كون تلك العقابيل تتخطّى حدود الشرق الأوسط والشرق الأدنى، ولأنّ روسيا والصين تدركان ذلك جيداً، قادهم ذلك إلى عمليات عرقلة وإعاقة، لاندفاعات زخم الاستهداف الأمريكي الأوروبي بعض العربي، لجهة سوريا ونسقها السياسي عبر الفيتو ولأربع مرات، ثم عبر المبادرة السورية الروسية المشتركة حول الكيميائي السوري، حيث فتحت مروحة التسويات السياسية في المنطقة لتحدد شكل العالم من جديد.
mohd_ahamd2003@yahoo.com
هاتف – منزل عمان : 5674111 خلوي: 0795615721
سما الروسان في 18 – 12 – 2016 م.