أيمن العتوم وحديث الجنود

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

أيمن العتوم وحديث الجنود

بقلم : د. معن المقابلة
24-12-2016 03:15 PM
قبل أسبوعين ألزمتني الفراش انفلونزا حادة ، وعلى وقع انتشار خبر اعتقال الروائي أيمن العتوم على خلفية روايته 'حديث الجنود' والتي تدور أحداثها حول احداث جامعة اليرموك سنة ١٩٨٦ ، وذهب ضحيتها عدد من الطلاب ، ويبدو ان برنامج 'خارج النص' حول الرواية الذي بثته قناة الجزيرة كان السبب في هذا الإعتقال ، الانفلونزا أجبرتني ان أعيد قراءة الرواية مرة اخرى وحتى اكون صريحاً ربما دفعني لقرائتها مرة اخرى أنني كنت طالباً في الجامعة في تلك الفترة وشاركت ببعض المظاهرات ، الرواية تقدم الأحداث بشكل متوازن وبموضوعية يحسد عليها أيمن وهو الاخواني ابن الاخواني -والده القيادي الاخواني الدكتور علي العتوم-فقد أنصف الرئيس 'رئيس الجامعة' من خلال سعيه للنهوض بالجامعة الناشئة واستقطاب كفاءات أكاديمية وهذا صحيح فقد كان بها تنوع اثراها سواء كان هذا التنوع من حيث أساتذتها الذي استقطبهم من الشرق والغرب او طلبتها الذين كانوا من جنسيات متعددة الى جانب طريقة تصميم الجامعة العمراني والمسطحات الخضراء التي انتشرت فيها والكافيتريات وغيرها من القاعات والمختبرات والمكتبة ارادها جامعة على النمط الغربي وبالتحديد الامريكي بحيث اذا دخلتها تشعر انك في عالم اخر عن محيطها وكان الرئيس حينها الدكتور المتميز 'أكاديمياً وادارياً' عدنان بدران الا ان الرواية تقدمه على انه شخصية حالمة وتغلب عليها الانا قد اختلف في تحليل شخصية الرئيس التي يقدما العتوم في تحليله لها فعلى مذبح التدخلات الأمنية في ادارات الجامعات وغيرها من المؤسسات ذُبح كثير من الكفاءات الإدارية ومنها في اعتقادي الدكتور بدران.
الرواية تقدم توثيق موضوعي لأحداث جامعة اليرموك ويستطيع من يريد توثيق الحركة الوطنية الاردنية الاعتماد عليها ، فكما ذكر العتوم انه اعتمد على روايات حية ممن شاركوا بهذه الأحداث فقد ذيل روايته بشهادات الطلاب الذين قادوا هذه الاحتجاجات وشاركوا فيها.
حاول الروائي العتوم في حديث الجنود ان يسقط الحاضر على الماضي من خلال الصراع السياسي بين اليمين'الحركة الاسلامية' واليسار وبالتحديد الحزب الشيوعي وكيف هذا الصراع انتهى بتقاطعات التقى عليها اليمين واليسار في خضم الصراع مع إدارة الجامعة ومن خلفها الأجهزة الأمنية وكيف أحرج هذا التقاطع الذي أدى الى وحدة الصف الطلابي من يسار ويمين ممن أداروا الأزمة ، والتي عجزت الأجهزة الأمنية في تفكيك هذه الوحدة فاضطرتها الى اتخاذ قرار اقتحام الجامعة وما كان له من كُلف سياسية كان لها ما بعدها مما أدى الى الإطاحة بكثير من رجال تلك المرحلة.
العتوم في روايته 'حديث الجنود' يقدم نفسه على انه روائي أخذ يشق طريقه بين الروائيين الكبار فقد قدم في هذه الرواية قطع ادبية رائعة من خلال الاستعارات والكنايات وسائر الفنون الأدبية فكثير من جمل وفقرات الرواية تصلح لقطع ادبية من خلال هذا الغنى بهذه الاستعارات والكنايات والتشبيهات والحكم.
ستكون رواية حديث الجنود مصدراً رئيساً لهذه الأحداث ، خاصة انه لا يوجد توثيق تاريخي لتلك المرحلة باستثناء الرواية الرسمية.