أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب

بقلم : د.عادل محمد عايش الاسطل
26-12-2016 03:10 PM
منذ صدور قرار مجلس الأمن 2334، والقاضي بتحريم الاستيطان في مناطق الضفة الغربية ومدينة القدس، لم يكفّ الفلسطينيين عن استلام الكثير من التهاني والتبريكات المفعمة بالانبهار والاستبشار، وسواء من أنفسهم أو تلك الآتية باتجاههم من الشرق أو الغرب، وهي بالتأكيد كانت مشابهة أو أكثر تشابهاً وعدداً، نظراً للنمو الطبيعي العالمي، لتلك التي تلقتها أجيال فلسطينية سابقة، بعد تمرير قرارات عديدة، كانت صدرت عن المجلس ذاته، والتي على رأسها قرارات 191، 242، و338، والتي لم يتم تنفيذ خطوة واحدة منها إلى الآن.
وبغض النظر عن ردود الأفعال الدولية المؤيّدة، فإن القرار لدى مفهومات الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يؤسس لمرحلة جديدة مختلفة عما قبل، ولكنها من غير ريب متضادة، فبينما تُعتبر لدى الفلسطينيين، انتصاراً للأمل ويوماً للنصر، فقد اعتُبرت لدى الإسرائيليين بأنها مرحلة حاسمة تتطلب العمل لإسقاط القرار، وترميم ما علق بإسرائيل من جرّاء النفاق الدولي.
فالفلسطينيون المغتبطون بالقرار، سيعتمدون عليه بكل أثقالهم وجوارحهم، باعتباره اعتراف دولي (خارق،) يقضي ببطلان الاستيطان بشكل تام، وبمقدورهم من الآن فصاعداً، ارفاقه للقرارات الأممية التاريخية التي يملكونها بشأن صراعهم الدائر مع الإسرائيليين، وباستطاعتهم أيضاً، نشرها على الطاولة عند أي مفاوضات مُحتملة، لكن الإسرائيليين يرون بأنهم أمام عهدٍ أمريكي جديد، بقيادة الرئيس الأمريكي السوبر 'دونالد ترامب'، الذي بادر إلى رفض القرار وإلى الإعراب عن غضبه الشديد من صدوره، لاعتباره بأن السياسة الاستيطانية، لا يمكنها تشكيل عقبة للسلام، بل إن صدوره هو الذي سيشكل تلك العقبة.
سارع من جهةٍ ثانية، إلى الإبلاغ عن استعداده، بعد أن يتسلم مقاليد الحكم في 20 من يناير المقبل، بالقيام إلى قلب الأمور رأساً على عقب، وسواء فيما يتعلق بتغيير ما علق في عقول الآخرين، أو بمحو أي شيء يعيق المسيرة الإسرائيلية، وأعطى في ذات الوقت، وعوداً (جديدة) بتسريع خطوات نقل سفارة بلاده لدى إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس.
نوعيّة الفرح المتواجدة لدى الفلسطينيين، بعدما وصفت رئاسة السلطة الفلسطينية قرار مجلس الأمن بصفعة كبيرة للسياسة الاسرائيلية، ستظل محليّة ومحدودة، كما يبدو من التاريخ والحاضر، حتى برغم الاحتفالات العارمة التي سادت على الساحة عقب صدور القرار، بسبب أنها لم ولن تُشعل حماس المجتمع الدولي، باتجاه السير نحو اتخاذ خطوات عملية لصالح الفلسطينيين، وفي ضوء مسايرتهم للرأي الدولي ومقترحاته الضعيفة والغير صالحة لا للزمان ولا للمكان أيضاً، ولن تكون أكثر صرامة ضد إسرائيل وفي ضوء إصرارها على العناد، وعدم اعترافها بالقرارات النّاتجة عن المجتمع نفسه.
ربما لدى الكثيرين علم اليقين، بأن ذلك المجتمع ومهما تصل الأمور من الشحن وتصدع العلاقات، لن يُجازف بأي حال بخسران علاقاته الكبرى والمصيرية، وسواء مع الولايات المتحدة أو مع إسرائيل، بسبب العرب ككل، أو لأجل حفنة من الفلسطينيين، وكل ما قام أو يقوم به هو نتيجة لتضارب في المصالح وحسب.
كميّة الغضب الإسرائيلي، كانت زائدة عن الحد وغير مسبوقة، حيث اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي 'بنيامين نتانياهو'، إعلان الحرب على الأمم المتحدة برمّتها، بعد أن وصفها بالنفاق، وبأنه لا يمكنها فرض قرارات دولية على إسرائيل الديمقراطية، كما وأعلن عن فرض عقوبات إسرائيلية على مؤسساتها.
الأهم هو، أن 'نتانياهو' - كما يبدو- سيقرر التعامل مع القرار وكأنه لم يكن، بما يوضح بأن العمل الاستيطاني سيستمر، وبعزيمة أكبر سيطوف كامل الأنحاء وبخاصة حول وداخل مدينة القدس، وضمن هذا الوضع، فقد توعّدت قيادات إسرائيلية – يمينية ويسارية – بمواصلة الاستيطان، وأظهرت استخفافاً بالأمم المتحدة وبقراراتها، مُعتبرةً بأن القرار الدولي، لن يؤدي إلى وقف عمليات البناء الاستيطاني وخاصة في مدينة القدس، وتوقعت أن تصادق لجنة التنظيم والبناء المحلية خلال الاسابيع القليلة القادمة، على بناء أكثر من خمسة آلاف وستمائة بناية جديدة في أحياء يهودية، تقع داخل حدود الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية.
على أي حال، وإن كان لا مجال للإحباط بشكلٍ مُبالغ فيه، فإن الفلسطينيين مضطرين للانتظار وقتاً ليس محدداً، حتى يروا فيما إذا كان القرار نافعاً وبدرجة مُثيرة للإعجاب بشأن نهاية الملف الاستيطاني، أم أنهم سيُرغمون على اعتباره انتصاراً للأحلام وحسب.
خانيونس/فلسطين
26/12/2016

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012