أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الوطن وأهل الكتة

بقلم : د. معن المقابلة
12-01-2017 03:10 PM
سجل أهالي بلدة الكتة في محافظة جرش سابقة ليست غريبة على المجتمع الاردني الأصيل ، بفلاحيه وبدوانه وكل اطيافه ، بجمع مبلغ في غضون ايام قليلة وصل لواحد وثلاثين الف وخمسمئة دينار لعلاج فتاة من بلدتهم في مقتبل العمر تعاني من مرض في الكلى نسأل الله تعالى ان يشافيها ويعافيها ، سابقة ان دلت على شيء فإنما تدل على ان الاردني صاحب نخوة وفزعة قد لا تجدها عند غيره ، قرية لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف تقف صفاً واحداً لإنقاذ ابنتهم في حالة تكافل عز نظيرها ، انا متأكد ان هناك خلافات بين عشائرها ، خلفتها التنافس في الانتخابات النيابية والبلدية وغيرها، لكن عندما يتعلق الامر بالقيم النبيلة التي نشأ عليها الاردنيون تجدهم صفاً واحداً في السراء والضراء. وانا متأكد أيضاً ان بعض سكان هذه القرية فقراء قدموا ما استطاعوا ، وانا متأكد أيضا ان هذه النخوة والفزعة موجودة في كل قرية أردنية ، وأُذكر الجميع ان الأردنيين هم من بنوا مساجدهم في قراهم ومدنهم وبواديهم ومخيماتها ويصينونها ، وهم الذين يدفعوا فواتير مائها وكهربائها والتي تصل لآلاف الدنانير.

الاردنيون على استعداد لتسديد المديونية كاملة في غضون عقد او عقدين من الزمان ، فكما انتخى أهل الكتة لمريضتهم ،

وجمعوا المبلغ المطلوب لعلاجها ، الاردنيون وهم من ذات الطينة والعجينة التي جُبل منها أهل الكتة ، سينتخون وبكل حبٍ ورضاً وانتماءٍ لمعالجة اقتصادهم المريض ، على الرغم من معرفتهم ان جزءاً كبيراً من هذه المديونية ذهبت لجيوب الفاسدين الذين لم يرعوا إلاً ولا ذمة بهذا الوطن واهله.

الاردني سينتخي عندما يدرك ان الوطن بأيدي امينة من ابناء الفلاحين والبدو في القرى والبوادي والحواري والمخيمات ، وليس بأيدي مغامرين طارئين على الوطن واهله يعرفون احياء نيويورك وباريس ولندن ولاس فيقاس اكثر مما يعرفون جغرافيا الوطن.

وعندما تذكر أمامهم قم وقميم وعيرا ويرقا والدفيانه والقصفة والحميمية...كأنك تذكر طلاسم او اسم مرض من الأمراض.
الاردني سينتخي ويعطي الوطن ما في جيبة عندما يدرك ان الوطن وطنه في السراء والضرء في الحلوة والمرة.
الاردني سينتخي للوطن عندما يدرك ان لون الوطن هو انعكاس لونه ولون اديم ارضه عندما يشقها عود المحراث.
الأردنيات اللواتي عجن العجين وخبزنه في الطوابين والأفران ووصل الى بغداد ساخناً ايام العدوان والحصار ، سيخلعن حليهن ويقصونن ضفائرهن للوطن ، فاللواتي يقدمن فلاذت أكبادهن مشاريع شهداء للوطن لن يبخلن بذهبهن وحليهن من أجله.

الاردنيون كل الأردنيين هم اليوم أهل الكتة الذين دفعوا ما استطاعوا لعلاج ابنتهم المريضة ، ونحن اليوم واقصد كل الأردنيين سندفع الغالي والثمين في سبيل علاج الوطن الذي يترنح بين أيدينا ، فهل ترفعوا أيها الفاسدون ، والمغامرون والطارئون ، والسارقون ، ايديكم عنه وتبتعدوا ولو قليلاً لنعطيه قبلة الحياة.
د. معن علي المقابلة


‏Sent from my iPhone

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012