26-07-2011 11:08 AM
كل الاردن -
حسن عجاج
مضت أشهر والأزمة لا تزال قائمة... والسؤال الذي يطرحه الإنسان العربي على نفسه وعلى الآخرين هو لماذا الأزمة في سوريا ولماذا هذا النفخ الإعلامي المتعمد لتأجيج الأزمة وإشعال نار الفتنة؟؟
وكمواطن عربي يؤمن بوحدة الأمة العربية من المحيط للخليج، ويؤمن بوحدة المصير والأمن القومي، ويدرك عن وعي أن نهوض هذه الأمة مرهون بتقدمها ووحدتها ومن خلال إحداث تغيير جذري في بنية الحكم العربي القائم، وإشاعة أجواء من الارتياح لدى المواطن العربي، عن طريق بناء المجتمع المدني الديمقراطي التعددي العادل. وعلى قاعدة هذا الفهم المبسط الذي يطمح له الإنسان العربي، فإني أود أن أشير إلى بعض الأمور التالية ذات العلاقة المباشرة في الساحة السورية التي تثير اهتمام المواطن العربي لما تمثله من آمال وطموحات....
1. إن ظهور الأزمة المفاجئة في القطر العربي السوري وتطورها السريع لتمتد إلى كثير من المدن والقرى يشير إلى أن ما حدث في درعا لم يكن وليد الحدث المستنكر مع بعض الشباب من سكان المدينة، ولم يكن ردّ فعل على تصرف المسئولين السيئ، وإنما هو عمل مقرر مع سبق التعمد والإصرار من قبل منظمات وخلايا كانت تهيئ لإحداث فتنة كبيرة داخل الأراضي السورية.
2. فكيف يمكن أن تفسر هذا الأمر المفاجئ، في الوقت الذي كانت فيه سوريا تعيش حالة من الاستقرار لا يماثلها أي قطر عربي، كما كانت سوريا تعيش وضعا ً سياسيا ً يشد أنظار الجماهير العربية التي كانت تتطلع إلى الموقف السوري من مختلف القضايا القومية على أنه الموقف الذي ترى فيه تعبيرا ً حقيقيا ً عن موقفها.
3. أما العلاقات السورية مع جيرانها فوصلت إلى حالة متقدمة من الانسجام التام، وإلى التطلع إلى تطوير هذه العلاقات إلى أرقى أشكالها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقد تمكنت سوريا أن تطور علاقاتها مع بعض الدول العربية (قطر) والصديقة (تركيا) إلى درجة شعر بها المواطن العربي أنها قد ترقى إلى حد الوحدة!!!... فما الذي أقدمت عليه سوريا من تصرفات ضد هذه الدول حتى نرى فجأة ً حالة العداء منها تجاه سوريا!! على حد علمنا لم تقم سوريا بأي تصرف يسيء إلى جارتها "تركيا"، أو شقيقتها "قطر". إذن فهذا الموقف يحتاج إلى تفسير وتوضيح. أما علاقات سوريا مع الدول العربية وفي مقدمتها السعودية فقد وصلت إلى حد التفاهم التام على مختلف القضايا العربية وخاصة ما يتعلق بالقطر اللبناني، حيث أصبحت معادلة السين سين هي العبارة السياسية التي من خلالها يمكن حل كل المشكلات والقضايا العالقة على الساحة اللبنانية خاصة والساحة العربية بشكل عام!!
4. إن تغيير المواقف من قبل هذه الدول وتحديدا ً قطر وتركيا تجاه سوريا يثير الريبة والشك ويطرح العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى أجوبة صريحة، غير أن تصرفات هذين النظامين قد توضحت في دعم القوى المضادة إعلاميا ً "قناة الجزيرة" وعمليا ً في عقد المؤتمرات والندوات للقوى المعادية التي انعقدت في أنتاليا واسطنبول!!
5. أما موقف القوى القومية والوطنية واليسارية: فهو موقف متفرج متردد في كثير من الأحيان ليس له تأثير على صعيد الواقع، وهذا الموقف يؤخذ على هذه القوى في أنها لم تحسم أمرها ولم تقف مباشرة وعلنا ً إلى جانب سوريا التي تقاتل وحيدة القوى الظلامية والإرهابية، وتتصدى بشكل بطولي للهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية.
وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الشعبي فهو موقف بحاجة إلى استنهاض، وإلى الشعور بأن ما يجري على الساحة السورية إنما يمثل مستقبل الأمة، ومصير الجماهير العربية كلها.
6. أما موقف جماعة (الإخوان المسلمين): فهو موقف منحاز للقوى المناهضة، وينسق مع القوى الخارجية التي تعده بتسليمه السلطة في بعض الدول العربية!!.
وتحاول الجماعة حشد قواها متحالفة مع عناصر ذات سمعة سيئة داخل سوريا أمثال "عبد الحليم خدام" الذي أصبح يمثل عنصرا ً معاديا ً لتطلعات الأمة ويعمل على جر القوى الخارجية للتدخل في سوريا، ووصلت به الأمور إلى الطلب من حلف الناتو ضرب سوريا باعتبارها بلدا ً محتلا ً !!!! . ويبدو أن الجماعة قد تناست موقف سوريا الداعم للمقاومة الفلسطينية وحركة حماس!!
إزاء هذا الواقع فإن التحولات الجارية الآن في سوريا ستحدد مصير المنطقة إلى عقود قادمة و أن المعركة ليست مع سوريا وأعداءها الرجعيين المتحالفين مع الامبريالية الأمريكية والصهيونية وحدها وإنما هي معركة المصير العربي كله!
وإذا تفحصنا بعد هذا قوى المعارضة السورية، فإننا نجد أن هذه القوى لا تزال تتخبط وتنزلق باتجاهات خطيرة، وترفع شعارات لا يمكن أن تحققها، كشعارات إسقاط النظام، والدعوة للقوى الخارجية التدخل لإسقاط النظام!!! كما نلاحظ ضعف هذه القوى وذلك لعدم وجود قيادة علنية لها، وعدم وجود برنامج بديل للنظام القائم حاليا ً.
أما حالة الانقسام السائدة في أوساطها فواضحة كل الوضوح، وأصبحت هذه القوى تدرك أنها حمّلت المحتجين شعارات لا يمكن تحقيقها، فأوقعت هؤلاء المحتجين في حالة من التيه والضياع، الأمر الذي يدعو هذه القوى إلى مراجعة مواقفها وشعاراتها قبل أن يفوتها القطار.
لقد ضيعت هذه القوى الفرصة عندما طرح النظام مبدأ الحوار ورفعت شعارها "لا حوار!!". فهل هذه القوى تدرك أنه لا يمكن ولا بأي حال من الأحوال الوصول إلى "حل سياسي" بغير الحوار!! إن مبدأ الحوار هو مبدأ حقيقي، حيث يتم بوجود طرفين أساسيين طرف السلطة الحاكمة وطرف المعارضة، ومن خلال الحوار بينهما للوصول إلى القواسم المشتركة التي على ضوءها يتم إعادة بناء سوريا الجديدة!!
إن الواقع القائم في سوريا لا يمكن أن يبقى، وأن هناك العديد من القضايا التي هي بحاجة إلى تغيير، وإن المبادرات التي تطرحها القيادة بهذا الخصوص كثيرة ومتعددة، وكان آخرها ما صرح به نائب الرئيس السيد فاروق الشرع الذي أعلن أن معظم قواعد الحزب باتت مقتنعة بضرورة التغيير بدءا ً بالحزب وانتهاء ً بكل مفاصل الدولة التي أصابها الترهل طيلة العقود الماضية.
وأخيرا ً، وتكملة لهذه المقالة، فإنني أعلن أنني لست حزبيا ً ولكنني لا أزال بعثيا ً أؤمن بمبادئ هذا الحزب الذي تعرض لمؤامرات عديدة، وتم تشويهه كثيرا ً. ولكن مبادئه ستبقى لأن معظم الجماهير من المحيط إلى الخليج تؤمن بها وتسعى لتحقيقها سواءً في الوحدة أو الحرية أو بناء المجتمع العربي الموحد العادل.
أما الذين يراهنون على التغيير من خلال الاعتماد على القوى الخارجية، فإني أقول لهم، إن رهانكم خاسر، وأن الأفضل لكم إذا كنتم حقا ً تريدون مصلحة الشعب العربي السوري، أن تعودوا إلى عقولكم ، وإلى طاولة الحوار، فسوريا باقية، ونظامها باقٍ ، وثابت على طريق الممانعة والمقاومة، مهما كثرت المؤامرات والفتن، واشتدت عملية الحصار.
وبعد؟ لا أمريكا ولا أوروبا قادرة على نزع الشرعية عن النظام السوري. لأن هذه الدول تقول بنزع شرعية النظام لا يمكن أن تعمل لصالح الشعوب بل لإذلالها ونهب خيراتها، وسيبقى النظام في سوريا دولةً تقف إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، حتى تحرير فلسطين و كل الأراضي العربية المحتلة.....