13-08-2011 11:14 AM
كل الاردن -
المحامي محمد احمد الروسان
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
لقد ظلّت البوّابة الدمشقية لأيران -(وما زالت)-, تشكل محور اهتمام أجهزة شبكات المخابرات الأسرائيلية المختلفة, وكذلك شبكات المخابرات الأمريكية, في اطار المجمّع الفدرالي الأمني الأمريكي, والذي يضم أكثر من سبعة عشر وكالة مخابرات واستخبار, أضف الى ذلك اهتمامات متنوعة لشبكات المخابرات الغربية الأوروبية, كل ذلك بسبب الدور المركزي الهام, الذي ظلّت ومازالت تلعبه سوريا, في ضبط وتشكيل وتشكل التوازنات الجيو – سياسية الشرق الأوسطية, وكدولة اقليمية ذات أدوار حيوية في مجالاتها الحيوية, وفي توجيه مفاعيل وتفاعلات متغيرات الصراع العربي – الأسرائيلي, بكافة مكوناته وملفات قضاياه الأساسية, حيث اختصره البعض منّا مع كل أسف وحصرة, الى النزاع الفلسطيني – الأسرائيلي, والفرق في ذلك واضح كالشمس, هو فرق بين الثرى على الأرض, والثريا في السماء الدنيا, كذلك أدوار دمشق في توجيه مفاعيل, متغيرات الشعور القومي العربي وبكافة مكوناته, وملفات قضاياه المتعلقة بالعمل العربي المشترك, وبناءات الهوية القومية العربية من جديد وتقاطعاتها, مع بناءات الهوية الأسلامية, كذلك الدور السوري الواضح, في توجيه متغيرات ردع النفوذ الأجنبي على المنطقة, بأشكال استعمارية تستسيغها الأذن العربية, وتحت عناوين الديمقراطيات, وحقوق الأنسان, والحاكميات الرشيدة ... الخ.
شبكات المخابرات المختلفة, لمحور واشنطن – تل أبيب, ومن ارتبط به من العربان, وباقي الحلفاء الغربيين الأوروبيين, تركز على عامل فهم تأثير العامل السوري, ان لجهة اخراج دمشق, من دائرة الصراع العربي – الأسرائيلي, لأنهاء هذا الصراع والى الأبد, وان لجهة اخراج سوريا من دائرة الشعور القومي العربي, لأنهاء المشروع القومي النهضوي العربي, وهو شرط موضوعي, لتفكيك تماسك المنطقة العربية, وتحويلها الى كيانات مفككة, يمكن اخضاعها بكل سهولة للنفوذ الأسرا- أمريكي, كل ذلك من أجل ضبط تأثير العامل السوري, ليصار الى انهائه لاحقاً, أو على الأقل اضعافه, ثم تحييد دوره بشكل مؤقت, ليتاح لاحقاً السيطرة عليه.
انّ سياسة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, لجهة المنطقة العربية بساحاتها القطرية المختلفة, ومنذ ربيع الثورة التونسية والمصرية المجيدتين تحديداً, تمتاز بفعل مشترك مزدوج, فنجد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية, قد ركبت على حصان الحراك, الشعبي العربي وعملت وتعمل على توظيفه, لصالحها ومصالحها في المنطقة, فهي كما تقول ماكينات اعلامها المختلفة, وبعض من اعلام بعض الساحات السياسية المتحالف معها, أنّ واشنطن تسعى الى نشر الديمقراطيات المفتوحة, وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة, وتؤيد الملكيات الدستورية المقيدة في المنطقة العربية, باعتبار الأخيرة نوع من الديمقراطيات.
الولايات المتحدة الأمريكية, وحلفائها في العالم والمنطقة, يسعون بجد وثبات الى تغيير وتبديل, أنظمة الحكم التي تشكل ( سلّة) من العوائق والمعطيات, والتي من شأنها اعاقة انفاذ السياسة الأمريكية والأوروبية في المنطقة والعالم, حيث الأستبدال بوجوه جديدة مستحدثة, فيها سمات السياسات الأمريكية والأوروبية الخارجية, ويقود ذلك الى جعل تلك الأنظمة الجديدة, ذات الوجوه المستحدثة أو المستنسخة, تحت سيطرة وانفاذ الرؤية الأمريكية والأوروبية.
كما أنّها بعمليات الأستبدال هذه, والأحلالات بآخرين موالين لواشنطن والغرب, يتم ضمان السيطرة الأمريكية – الغربية, على النفط والثروات الطبيعية في البلدان العربية, مع التمتع بنفوذ كبير وعميق على المواقع الأستراتيجية, وممرات المياه المختلفة, وما شهدته وتشهده الساحات السياسية العربية, ان لجهة الضعيفة منها, وان لجهة القويّة على حد سواء, في مصر, تونس, ليبيا, اليمن, سوريا, وما يتم التحظير له في المستقبل لبعض الساحات العربية الأخرى, لجعلها ساحات حلول, لمخرجات حلول متعددة, كل ذلك بمثابة وصفة سياسية اجتماعية أمنية محكمة, لأضعاف تلك الأنظمة الحاكمة هناك, ومن شأن تداعيات الحراكات الشعبوية فيها, أن تؤسس لخارطة طريق أمريكية لأستبدالها, خاصة مع ازدياد عدد القتلى والجرحى, وبشكل دراماتيكي يومي ودائم, وتصعيدات للعمليات الأجرامية المتعددة الأطراف الخارجية, والمتقاطعة مع ما هو في الداخل القطري لساحات الأحتجاجات.
ولا بدّ من الأشارة الى نقطة مركزية حيوية, لجهة ما يجري من حراك شعبي, هو أنّ المعارضات العربية بشكل عام, ليس لديها برامج محددة لأنقاذ الأوضاع الجارية, والخروج من الأزمات, بل على العكس تماماً, نجدها تلك المعارضات المزدوجة الأهداف, تسعى الى استخدامات الأزمات, كأسلوب ادارة متقدمة, لأزمة صراعها مع أنظمة الحكم التي تواجهها.
وهي بذلك قطعاً, من حيث تدري ولا تدري, وكأنّها تتساوق مع رؤية الغرب الأوروبي وواشنطن, حيال حراك الشارع العربي من مائه الى مائه, حيث الغرب وأمريكا, لا يسعون الى انفاذ سياسات الأحتواء لما يجري, ومساعدة كلا الطرفين – الأنظمة والشعوب – للوصول الى تسويات, حقيقية مفصلية دائمة, تجدد نفسها بنفسها, من أجل الحفاظ على استقرار الساحات, بل على عكس ذلك تماماً, وبالمطلق تتموضع بنوك الأهداف, والمعطيات, والأعمال, والرسوم البيانية في قياسات نبض التصعيدات, لجهة المزيد من استفحال الثورات العربية, مع توظيفاتها المتعددة كخادم ومزوّد, لتنتج الفوضى الخلاّقة وعدم الأستقرار, لبناء الملفات الأنسانية والأمنية والعسكرية, ولحماية المدنيين, وفرض مناطق حظر الطيران الجوي, وخطوط طول وعرض مصطنعة, ليصار الى تدخلات أممية عسكرية, وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة, والتي صارت هيئة أممية منتهك عرضها, وشرفها, وأخلاقها, من قبل العم سام وأعوانه الأوروبيين.
أدوار جديدة لحلف شمال الأطلسي, ومن تحالف معه من العرب, في المسارح الإقليمية والدولية, تمّ في السابق هندسة بعضها ونفّذ, وينفذ المتبقي الآن, ويتم هندسة الآخر منها, هذا الأوان الشرق الأوسطي المتحرك, وبعد حراكات الشارع العربي, بالإضافة إلى أنّه تم وضع, عقيدة أمنية إستراتيجية جديدة للحلف, بعناصر مختلفة متعددة, لإجراءات ترتيب المسرح في المنطقة, حيث هناك تطورات جديدة, في سيناريو أدوار حلف الناتو في الشرق الأوسط, عبر متتاليات هندسية توزيع الأدوار, السياسية والدبلوماسية والمخابراتية والعسكرية.
فالاتحاد الأوروبي يركز لجهة القيام بحصر جهوده, في استخدام الوسائل الدبلوماسية: السياسي والاقتصادي والمخابراتي – الدبلوماسي, بينما حلف الناتو يركز لجهة القيام, بحصر جهوده في استخدامات الوسائل العسكرية – المخابراتية, وبالفعل تم إسقاط ذلك هذا الأوان العربي على سوريا, حيث هناك سعي محموم لفرض, المزيد من العقوبات على دمشق, عبر استهداف بعض من الأطراف السورية الاعتبارية, عبر الشخوص الطبيعيين الذين يمثلونها, وهذا من شأنه أن يتيح, إلى فرض المزيد من العقوبات خلال المرحلة القادمة, مع محاولات حثيثة إلى تطوير التدخل العسكري الجوي, الجاري حاليا ضد ليبيا, إلى تدخل عسكري بري, بما يسمح باحتلال ليبيا, كل ذلك وسط معارضة روسية صينية قويّة, ودولية- شعبية عريضة.
هذا وتشير المعلومات, إن حلف الناتو يسعى, إلى استغلال وتوظيف موارد, حلفاء الناتو الشرق أوسطيين, بما فيهم بعض العربان, لصالح أهدافه التكتيكية والإستراتيجية, وذلك عبر توظيف واستخدام القدرات الإعلامية لحلفائه, لجهة القيام باستهداف خصومه, لتسخين ساحاتهم سواءً القوية أو الضعيفة, وجعل البعض منها ساحات حلول, لموضوعة مخرجات الصراع العربي - الإسرائيلي, عبر التقارير المفبركة والمنتجة, في استوديوهات غرف البروباغندا السوداء, مع توظيف قدراتهم المالية - أي الحلفاء - في تمويل, العمليات العسكرية الجويّة الجارية حاليا ضد ليبيا.
بعبارة أخرى, إنّ الفهم المشترك هو: أن يسعى هذا الحلف إلى توظيفات واستغلال موارد حلفائه, لجهة القيام باستهداف الخصوم, والقضاء المبكر الأستباقي عليهم, قبل أن تتصاعد قدراتهم المختلفة, بما يجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً, على الحلف وتحالفه مع الآخر, حيث الآخر أدوات للأول.
وتقول المعلومات, إنّ شبكات المخابرات البحثية للحلف, بحثت مؤخراً متغير الدور الأمني الخاص بحلف الناتو, في منطقة الشرق الأوسط بعد الثورات الشعبية العربية, وعلى أساس عدد من الاعتبارات المتنوعة المذهبيات, والتي تجمع بين مفاهيم المدرسة الإستراتيجية – الاقتصادية, والمدرسة العسكرية – السياسية, والمدرسة المخابراتية – الدبلوماسية, مع ضرورة تقديم المبررات المهمة, لجهة التأكيد لاعتماد حلف الناتو, للقيام بمهام حفظ الأمن والاستقرار, وحماية مصالح الأعضاء الحيوية في المنطقة, ومن تحالف معهم من الدول الأخرى – دول الأدوات.
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com