أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


«عاصفة الخليج» والاحتمالات المفتوحة

بقلم : محمد كعوش
08-06-2017 01:27 AM
كنت أقرأ مقالات مختارة كتبها الشاعر الراحل محمود درويش قبل عقود فاستوقفتني عبارات كتبها في شهادته على العصر تحت عنوان « هوية الغياب « يتحدث فيها عن الغزو الغربي الشامل الذي تتعرض له الامة العربية والذي نموله ونتوسله بامتثال سعيد، فيقول: « أميركا تغزونا بسهولة، بهيمنتها وذوقها ومجلتها وفيلمها وأدواتها الاستهلاكية وحراسة مصالحها وأدواتها الصهيونية وأدوات قمعها.. لذلك ينبغي علينا بدل البحث عن خطر السراب أن نواجه اميركا فينا «..

عندما قرأت هذه الكلمات تذكرت ما اعلنه الرئيس ترمب الذي قال تعليقا على العاصفة التي ضربت البيت الخليجي: « زيارتي الى الشرق الأوسط اعطت ثمارها «، انا لم أشعر بالاستغراب أو الدهشة عندما تابعت تصريحاته لأنني أعرف أن الفوضى العارمة التي ضربت المنطقة العربية كلها من مشرقها الى مغربها هي بضاعة أستوردناها من الغرب. وكما قال الشاعر درويش: « نحن ننفق على الغزو ونخشى انقطاع تدفقه»..

وعندما نتوقف أمام « عاصفة الخليج « بكل وجوهها واسبابها ونتائجها نرى مشهدا جديدا قيد التكوين يكرس مسلسل الانقسامات داخل البيت العربي، بشكل يفقدنا ما تبقى من اللغة الواحدة والموقف الموحد، ويقضي على كل ما هو مشترك فينا، وبالتالي يوقف كل اشكال التعاون والتكامل والتنمية والتقدم نحو المستقبل، وينهي لغة الحوار العقلاني في هذه المرحلة المصيرية الأخطر في التاريخ العربي المعاصر.

لذلك نأمل، بعد الخروج من الصدمة، وتلاشي حالة الغضب، الانتقال من التصعيد الأمني الى الحل السياسي، عبر اللجوء الى لغة الحوار الدبلوماسي، والبناء على الجهد السياسي الذي بدأه امير الكويت الشيخ صباح الأحمد، لتحقيق حل سياسي جذري للآزمات، ليس داخل البيت الخليجي فقط، بل داخل البيت العربي الكبير، ونوقف توسل الغزو الأجنبي، من اجل ايجاد حلول سياسية ووقف نزيف الدم العربي الذي يراه البعض فائضا عن الحاجة!

لا اعتقد أن « عاصفة الخليج « هي نتاج ما يتردد من أخبار في وسائل الأعلام، أو ما يطفو على السطح من معلومات فحسب، بل قد يكون هناك ما هو أعمق، نتيجة تراكمات سلبية ومواقف غير معلنة أدت الى توتر داخل البيت الخليجي، مع ضرورة التذكير بأن الرئيس الأميركي ترمب كان جادا في اشارته المتشددة الى ضرورة وقف تمويل الأرهاب فورا، وأعتقد أنه لم يكن يقصد تمويل ودعم المنظمات المسلحة المتطرفة كلها، بل كان يقصد تمويل فصائل محددة أميركيا، كما أشار الى دول بعينها، كذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان واضحا في رسائله التي بعثها عبر خطابه في قمة الرياض حول دعم وتمويل الارهاب الذي تواجهه مصر.

في ضوء ما يحدث اليوم في البيت الخليجي يجعل المشهد العربي العام مرتبكا ويزيده تعقيدا، ولكن رغم خطورة المشهد على مختلف الصعد السياسية والأقتصادية والأمنية، نؤكد ونشدد على ضرورة وقف تمويل وتدريب وتسليح المنظمات الأرهابية، وهي الوسيلة الأقل كلفة والأسرع للقضاء على التنظيمات الارهابية، التي كانت ثمرة شيطانية للربيع العربي المزعوم، وهي المنظمات التي تحولت الى ادوات لتنفيذ مشروع غربي يهدف الى تفكيك وتقسيم عدد من الدول العربية على قاعدة طائفية وعرقية وقبلية.

الحقيقة ان قرار تجفيف منابع الارهاب جاء متاخرا، وبعد خراب عام في أكثر من بلد عربي، وما نخشاه ان يكون قرارا انتقائيا لأن الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، غير جادة في ضرب الارهاب والقضاء على التنظيمات المتطرفة، خصوصا الناشطة داخل الأراضي السورية، لاعتقاد واشنطن ان توجيه ضربات للنصرة وداعش يصب في طاحونة النظام في سوريا، لذلك نرى القوات الأميركية تقاتل الى جانب الفصائل الكردية في الشمال من اجل اقامة كيان كردي ( اقليم كردي ) في الشمال السوري كمقدمة لتحقيق مشروع التقسيم، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012