أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بني رشيد يكتب وصناديقُ سود.. من يدفع للزمار؟

بقلم : زكي بني ارشيد
10-06-2017 02:51 PM
على مدى أكثر من عشرين عاماً كانت وكالة المخابرات الأميركية هي التي تدفع للزمار والمزمرين، وتدير جبهة ثقافية بدعوى حرية التعبير، معرّفةً الحرب الباردة بأنها معركة من أجل الاستيلاء على عقول البشر وقلوبهم.

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وسكت هدير المدافع وأزيز الطائرات ودوي القصف؛ أخرجت الترسانة أثقالها الثقافية: الصحف والمجلات والإذاعات، والمؤتمرات ومعارض الفن التشكيلي، والمهرجانات الفنية والمنح والجوائز... إلخ.

وتكونت شبكة من الراديكاليين السابقين والمثقفين اليساريين ممن تحطم إيمانهم بالماركسية والشيوعية، ومن مؤسسات وهمية وتمويل سري ضخم وحملة إقناع هائلة، في حرب دعائية ضارية هدفها زرع ثقافة القرن الأميركي التنويري الجديد.
كانت تخطط لهذه الحرب وتديرها 'منظمة الحرية الثقافية' (Congress for Cultural Freedom)، وهي 'الزمار' الذي تدفع له وكالة المخابرات المركزية (CIA) ثمن ما تطلبه من ألحان.

هذا هو ملخص الجهد الضخم الذي قامت به الباحثة البريطانية ف. س. سوندرز في كتابها 'من الذي دفع للزمار؟'، فبيّنت الجانب المظلم من تاريخ أميركا الثقافي معتمدة على عدد كبير من المقابلات الشخصية، وفحص عدد كبير من الوثائق الرسمية التي أُفرِج عنها مؤخرا.
فقد كشفت سوندرز عن أسماء عدد كبير من أبرز مفكري وفناني المرحلة، من أمثال أشعيا برلين وكليمنت غرينبيرغ، وسيدني هوك وآرثر كويستلر، وأندريه مالرو وجورج أورويل، وبرتراند راسل وجان بول سارتر وآرثر شليزنغر الابن.
تعاون بعضهم دون أن يدري، وعمل آخرون بعلم واستعداد للتعاون لصنع ما يسمى 'أيديولوجيات الاستيعاب التنويرية'، وجُنّد قطاع متخصص في الوكالة للالتفاف على المعارضين للمشروع في الكونغرس. واستُعمل اليسار الديمقراطي ضد اليسار الراديكالي كستار للهيمنة الأميركية على أوروبا.

هذا هو الأسلوب الذي لجأت إليه وكالة المخابرات المركزية للعب في الميدان الثقافي، متخذةً من الفنون والآداب غطاءً لها في عملها.
وبعد أن خاضت الولايات المتحدة الأميركية حربيها في أفغانستان والعراق بداية هذا القرن، وتبين زيف الأسباب التي ساقتها لتبرير تلك الحروب وما رافقها من جرائم بشعة، وبدأت تعاني من عزلة دولية؛ عبّرت عن ذلك المناخ السائد بسؤالها: لماذا يكرهوننا؟
عندها لجأت إلى صياغة نظريات لأجيال جديدة من الحروب، فضاؤها حقول الإمبراطوريات الإعلامية والتطويع الفكري والثقافي، ومن لم يأت بالترويض لا بد أن ينتهي بالتقويض، ومن استعصى على التطويع فليواجه الترويع.

ومن لم يكن مع أميركا و'إسرائيل' فهو إرهابي وعدوٌ للحياة والأمل والمستقبل ولا بد من تصفيته، ولذلك كانت الثورات المضادة لقمع إرادة الشعوب العربية قاسية ودموية، برعاية دولية وأموال نفطية وألحان عبرية.
الجيل الجديد من الحروب 'حرب الاختراقات الإلكترونية' كشف عن وقائع صادمة في تطور المشهد السياسي، إذ إن الذي دفع للزمار ليس أميركياً فقط وإنما هم عرب الرداء واللسان والبيان، ينطقون شعرا موزونا وقافية محبوكة، تعرف منهم ذلك وتنكر فعلهم وتآمرهم على أقوامهم وبني جِلدتهم.

كبرى المفارقات وأعجبها أن اللحن المُنتَج -بصرف النظر عن الممول- هو لحن صهيوني بامتياز!!! والصندوق الأسود الذي فُتح مُؤخراً كشف عن مرحلة انحطاط جديدة من التاريخ الحديث، إذ كشف عن التحالف مع 'إسرائيل' ومع الشيطان ضد خيارات الشعوب في العالم العربي، ضد الإخوان وحماس وضد الدول التي تحترم خيارات هذه الشعوب.
ضد الدول التي اختارت لحنا آخر، فلم تطرب لأغنية 'تسلم الأيادي'، ولم تموّل أو تتابع الدراما المخزية في مسلسلات 'وغرابيب سود'، وغيرها من أفلام تغييب الوعي وتزوير التاريخ والحاضر... والهدف بحسب الرواية 'الإسرائيلية' هو 'وقوف ‘إسرائيل‘ والعرب معا، فإن ذلك يعني القوة'.

بحور الشعر لم تعد عربية ولا اللحن كذلك، حتى ولو كان الزمار عربيا..، ومن يدفع للزمار يختار اللحن الذي يطربه. اليوم يدفع الأميركي والأوروبي والعربي، ولكن الذي يختار اللحن هو 'الإسرائيلي'، وفيكم سماعون لهم.
بلسانه قال زعيم عربي بافتخار: يوميا أستمع إلى مطربين إسرائيليين.. أطرب لميشيل إلياهو وغيره.
أختم بسؤال بريء: ما الفرق بين ما انكشف من وثائق سفير الإمارات في واشنطن (الصندوق الأسود) وبين ما كتبته في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 في صفحتي الشخصية على فيسبوك عن الإمارات فسُجنت بسبب ذلك سنة ونصف سنة؟

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:07 PM

اصبح المعسكر العربي المتصهين هو المعسكر الاقوى في العالم العربي ،وأصبح يعاني من فوبيا أن الدعم الصهيوني لهم هو الكفيل بإبقاء عروشهم على قيد الحياة ،وانه لا يمكن كسب ود امريكا وإنجلترا والغرب الصليبي الا من خلال الباب الاسرائيلي، ولهذا شروط يجب القبول بها واولها الاعتراف ضمناً وواقعا بأن فلسطين لليهود وانه لا داعي ولا مبرر لوجود دولة فلسطينية ،وشطب حماس من المعادلة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

2) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:16 PM

للأسف لم تأتي على ذكر الخطر الايراني على المنطقة واستخدام أدواته في المنطقة لتصدير الثورة وتقسيم المقسم ما هو المطلوب من دول السنة المتبقية انتظار مصير سوريا والعراق ولبنان واليمن.
سلطة حماس اتت من منتجات اتفاقية اوسلو مع اسرائيل لاصل سلطة الحكم الذاتي الذي طورها ياسر عرفات..حماس اصبحت بندقية للأيجار لمن يدف اكثر فتارة مع ايران وتارة مع نظام الاسد وتارة مع المشروع الاردوغاني.

3) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:22 PM

نعتذر

4) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:23 PM

المطلوب هو رأس كل من يقاوم الكيان الغاصب، وكل من لديه عزة وانتماء لوطنه او دينه ولا يؤمن بالشرق الاوسط الكبير الذي بشر به بيرس لانه ارهابي متخلف يجب محاربته وقطع رأسه بتخطيط صهيوني وسلاح امريكي وبتمويل عربي طمعا في البقاء على الكراسي او تتويج زعماء جدد واصبح ينطبق علينا قول الشاعر:
لله قومي كيف عكر صفوهم ،،،، طيش الشيوخ وخفة الشبان

5) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:28 PM

دول الخليج اشترت أمنها من راعي النظام العالمي ترامب وقطر اخلت باتفاق 2014 ونظام ولاية الفقيه سوف يسقط عاجلا ام اجلا ويبدأ باسقام أدواته وعملاؤه بالمنطقة اسرائيل وايران نفس الخطر لكن ايران تحتل دول وعواصم وتريد الانقضاض على السعودية,كما ايران والاسد يتحالفون مع روسيا ويستخدمون قطر والاخوان لزعزعة دول المنطقة فلا نلوم دول الخليج لو دفعت مبالغ طائلة لازالة ولاية الفقيه.

6) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:37 PM

الذي يعمل على تقسيم سوريا والعراق هم اميركا واسرائيل وتركيا وبطانتهم من بلدان خليجية رغم ما يجري بينهم من خصومات لكنهم يتنافسون على من يحطم ما بقي من منجزات الامة العربية

7) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:39 PM

ما يهمني من «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» لحركة حماس، هو تبنّي الحركة لحلّ الدولتين، من خلال القبول بدولة على حدود 1967. غير ذلك كله تفاصيل تدل على تغيّرات لا يمكن إنكارها، أعتقد أن أهمها هو التخلص من اللغة المعادية للسامية التي كانت طاغية في الميثاق التأسيسي,السؤال الذي عجز السيد مشعل عن الإجابة عليه بخصوص التناقض الفج بين التأكيد على عدم الاعتراف بإسرائيل، وفي الوقت نفسه القبول بدولة بانتوست

8) تعليق بواسطة :
10-06-2017 03:55 PM

نحن أمه اضاعت الطريق فمن موءيد للخلافة العثمانية بشكلها الجديد القديم ويربط مشروعه معها باعتبارها دوله العداله ومحاربه اسراءيل وسوف تحرر فلسطين ومنهم من تعامل مع الواقع اربعه حروب عربيه إسرائيليه هزم فيها العرب بكل اطيافهم قوميوهم وإسلاميوهم ويسارهم ويمينهم والآن كل يمجد مشروعه ولا احد يقول زيته عكر رغم انها زيوت محروقة ارفعو ايديكم عن الامه أيها الأيديولوجين دعو الامه تتنفس الحريه

9) تعليق بواسطة :
10-06-2017 04:11 PM

اخي الحبيب محمد تعليقك مضروب بمائة لمكانتك وعلو كعبك تحليلاً وثقافة واخلاصك لناسك وصدقك مع نفسك وتمردك على واقع بائس بالمعرفة والاستنارة .من القلة انت ضربت المثل الاعلى في ان تقرن الكلمة بالفعل .دفعت الثمن حين تعاليت عن جوائز الدنيا. فلا معنى للكلمة ان لم تجسد فعلا،تبقى حبراً بلا معنى ومسخرة . رجل رسالة انت يمتاز بنزاهة فكره ،عفة قلمه، بسالة مواقفه.هنيئاً لك صدقيتك.عام سعيد لك والاسرة الكريمة

10) تعليق بواسطة :
10-06-2017 05:07 PM

ستسال عما كتبت امام الجبار

11) تعليق بواسطة :
10-06-2017 05:49 PM

هل يأتي يوم على العرب يتخلصوا فيه من ثقافة التسحيج والشخصنه

12) تعليق بواسطة :
11-06-2017 09:09 AM

لا ادري لماذا عاد زاكي الى الواجهة بعد ان ظهرت حقائق واتباثات عن جماعة البنا ودعم دويلة قطيرة الغنية لهم والمفروض صدور لائحة داعمين الارهاب الذي لا دين له والتطرف في الاردن مع ان حماس تنظيم اجنبي لا علاقة له بالاردن ولا شعب الاردني من جميع الاصول والمناقب وكل من يدعم حماس والبنا الى ............ حفظ الله الاردن الغالي ........... .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012