22-08-2011 09:56 AM
كل الاردن -
الدكتور محمود الحموري
رحم موصولة تقول لسيادتك لا تقبل بشعار القائلين 'الأسد أو لا أحد' وقل لهم بلسان عربي مبين 'قل هو الله أحد الله الصمد..' الآية الكريمة. سوريا يهدر بها دماء من فعل ورد فعل ما بين أبنائها وكل له أنصار في داخلها وخارجها, وماكينة الإعلام العربي والغربي تتصدر المشهد في نقل الأخبار غير السارة بكل أسى على أرضها. السيد الرئيس لقد أضحى الأسى في سورية الخير أكبر من حل عسكري مارسه قادة ميدانيون في الأمس واليوم, وقد يعدك بعض ضباطك بالسيطرة على الموقف, وبظني المتواضع لم يسيطروا, فعندما تسيل الدماء لن يسيطر أحد على الموقف حتى لو تفوق طرف بالعدة والعتاد, ولن يستطيع وطني عربي حتى لو كان بحجم المرحوم ساطع الحصري أو الشيخ اليوطي تبني الدفاع عن القتل وحتى لو كان من ذوي المقتول ! وتذكر أنك رجل سياسي والحل في سوريا العربية هو كذلك سياسي, يخضع لمعادلات تدركها سيادتك ومستشاروك تمام الإدراك. السيد الرئيس أول خطوات الحل يتعلق بتداول السلطة في منصب رئيس سورية القادم أيا كان, وسيتوقف عليه مستقبل سوريا التي بيدها الحل والعقد في شأن الإقليم برمته. سيسعى الماكرون في الغرب باستحضار النموذج العراقي الكريه لسورية, عندما تفرط حبات المسبحة بظنهم, ليحققوا ما يسعون إليه. وتذكر أن الجيش العراقي الجرار كان قد اختفى عندما تكالب على أرضه ونظامه عدو وصديق, وارتبك المشهد على أرض الرافدين, ولم يعد أحدا يفهم ما حصل ! ولسوف يتركك يوما وشأنك صديق اليوم, عندما يتلون المشهد بكل ألوان الطيف ليحملوك المسؤليه وحدك وتبحث عن نصير لك فلا تجد ! السيد الرئيس لا تنسى ما حصل في مصر وهناك الكثير من مقاربات في الماضي والحاضر بين سوريا التي نفخر بمواقفها ومصر التي نحب. ففي الحالة المصرية جندت آليات الحزب الحاكم والمنتفعين من كبار رجال الدولة المصرية لتوريث جمال مبارك الحكم لخلافة أبيه, فخسر الأب الحكم (الملك) بثورة شعبية ألهمت العالم, كيف يبنى شعب مصر قواعد المجد وحده ويحاكم نظام متغطرس, بوضع رموزه خلف القضبان. في مصر جيش لدولة ورأي عام معلن ومسموع إعلاميا لم يستطع النظام قمعه وإخفائه وفي سوريا رأي عام مكبوت ودولة جيش, أستطاع النظام والحزب الحاكم, قائد الدولة والمجتمع تغييبه وشله ردحا من الزمن. لا أنسى وغيري ممانعة سوريا لمشاريع التسوية اللعينة في المنطقة, وتشكيله لتحالفات مؤثرة تجلت في تسهيل تسليح حزب الله في لبنان ليتوازن مع عدو الأمة إسرائيل ويقف لها بالمرصاد, ولكن بالمقابل, هذا لا يمنح النظام في ظني ترخيص وتفويض لهدر دماء المحتجين وإيداعهم السجون بدعوى أنهم شرذمة وطابور خامس محدود العدد ممول من أعداء الأمة.
السيد الرئيس أدعوك مخلصا لرفض شعارات الانتهازيين الشاذة وغير الفاعلة بمنطق التاريخ مثل الشعار الذي تم ترديده 'الأسد أو لا أحد' فهذا الشعار هو شعارهم ولا يناسب سوريا اليوم والغد, كما أدعو سيادتك لعدم سماع نصائح من يؤمن بقوة السلاح لتصويب الوضع في سوريا الحبيبة فالوضع في سوريا لا يحتمل التجارب, ولكن الاتفاق على المسائل كلها في مقدمتها ما يتعلق بالحوار الايجابي بدون تخوين واستعراض للقوة في دولة ناجحة في إقليمنا هو الحل بعد أن أشعلت الفوضى في أطرافها توطئة لإشعالها في أوسطها لا سمح الله. سيادة الرئيس لنا في سورية الخير رحم موصولة ولنا فيها نسبا وصهرا ولنا فيها تاريخا مجيدا وصلابة شعب لم تلين قناته من مستعمر وفيها بوادر نصر الأمة وفيها الماء الزلال والقمح من سهولها وخضرة أرضها ولنا فيها قوة الحاضر ورصانة المستقبل وهي أمانة الآن بين يدي ولايتك وعندي أمل كبير ويقين بحماية الله لها ولأرضها ولشعبها, فكن صمام أمان ولا تقبل وصاية طرف قسا في قمع رأي لم يسمع, بسوط السلطة التي تنكر حدوثه. قد يقال ما هكذا تورد الإبل في سورية التي أتخذ منها 'معاوية' داهية العرب مقرا, ابتداء به حكم الدولة الأموية في سالف الدهر وأعطى نماذج ودروس عديدة في إدارة الأزمات ومواجهة الفتن ما ظهر منها وما بطن لشعوب أمتزج فيها العربي بالفارسي وبالرومي وغيرهم كثير. رحم موصولة لسورية يا سيادة الرئيس مع كل العرب الذين لن ينسوا فضل الشام التاريخي في الريادة والقيادة وهداية الأمة.