23-08-2011 12:06 AM
كل الاردن -
عدنان العطيات - الحلقة الثالثة
ها نحن قد وصلنا للمحطة الاخيرة من سلسلة هذه المقالات والتي تناولت اتفاقية وادي عربة ' معاهدة السلام الاردنية الاسسرائيلية', ففي الحلقة الاولى تناوانا بالبحث المواد المتعلقة في منطقة الباقورة والغامر المحتلة, وكانت المفاجئة بأن نكتشف بأن المفاوض الاردني قد اعترف بشرعية احتلال اسرائيل لهذه المناطق ورضّي بالسيادة الاسمية على هذه الارض الاردنية تحت ذريعة ما يسمى ' وفقا للاتفاقية' الملكية الفردية الاسرائيلية . وتناولنا في الحلقة الثانية المواد المتعلقة في موضوع المياه ' نهر الاردن ونهر اليرموك' لتكون المفاجئة مرة اخرى, بأن المفاوض الاردني قد تنازل عن مياه نهر اليرموك كاملة ' على الاقل عمليا' مقابل وعود اسرائيلية بمياه بديلة من نهر الاردن مشروطة بأن يدفع الاردن ثمن هذه المياه ......!!!
اما اليوم وفي هذه الحلقة من سلسلة هذه المقالات فسوف نتناول بالبحث, موضوع الحدود وموضوع اللاجئين والنازحين كما وردت في اتفاقية وادي عربة.
في البداية اود القولبأن الحلقة الاولى والثانية من هذه المقالات, كانت سهلة البحث والتدقيق نوعا ما, كون المواضيع المطروحة كانت على الاغلب مواضيع تقنية تتعامل مع الارقام وحقائق محددة وقواعد قانونية واضحة نسبيا', اما موضوع اليوم فهو موضوع شائك ومعقد الى حد بعيد, فضبابية المواد وفضفاضية التعابير وخلو الاتفاقية من اية توضيحات, بالاضافة الى البعد عن الصياغة القانونية ودقة التعابير, قد افرزت صعوبة البحث والتدقيق والخروج بنتائج قانونية دقيقة. على الرغم من ذلك يبقى الاطار العام والنوايا خلف هذه الاتفاقية هو ما يجلب الانتباه, وحجم الاخطاء التي ارتكبها المفاوض الاردني هي موقع الاهتمام والتدقيق في هذه المقالة.
الاتفاقية:
اتفاقية وادي عربة: المرفق الاول (أ).
ترسيم الحدود بين اسرائيل والاردن, ترسيم الحدود الدولية:
(1)- من المتفق عليه وفقا للمادة الثالثة من المعاهدة, فأن الحدود الدولية بين الدولتين تتكون من القطاعات التالية:
(أ)- نهر الاردن واليرموك.
(ب)- البحر الميت.
(ج)-وادي عربة.
(د)-خليج العقبة.
(2)- الحدود تكون كالتالي:
(أ)- نهر الاردن واليرموك:
(1)- يجب ان يتبع خط الحدود منتصف المجرى الرئيسي لتدفق نهري الاردن واليرموك.
(2)- يتبع خط الحدود التغيرات الطبيعية في مجرى النهرين ( التراكم والتآكل) , الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك, اما التغيرات الصناعية في مجرى النهرين فلا تؤثر على موقع الحدود, ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك, ولا يجوز اجراء اية تغييرات صناعية الا بموافقة الطرفين.
سأكتفي بهذا القدر من هذه المادة وأحيل القارئ الكريم الى نص المعاهدة كاملة للاطلاع على التفاصيل.
نتائج:
نلاحظ من خلال قرائة المرفق الاول للاتفاقية والمادة الاولى والثانية بفقراتها, بأن المفاوض الاردني قد اعترف بالحدود الدولية لاسرائيل على طول مجرى نهر اليرموك شمالا ونهر الاردن غربا, وهو في شقه الشمالي يوازي حدود منطقة الجولان السورية, فاعترف المفاوض الاردني ضمنيا بشرعية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية في منطقة الجولان مخالفا اتفاقية الجامعة العربية واتفاقية الفاع العربي المشترك, ومناقضا لقرارات الامم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن, وهو ما ادى الى الخلاف الاردني السوري في مفاوضات ترسيم الحدود الاردنية السورية,والتي لم تنتهي حتى هذه اللحظة.
اما في الجانب الغربي' نهر الاردن' فقد وقع المفاوض الاردني في نفس الخطأ, فاعترف بمجرى نهر الاردن كحدود دولية اسرائيلية,رغم موازاة النهر لأراضي الضفة الغربية المحتلة, فاعترف المفاوض الاردني ضمنيا بشرعية الاحتلال الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية , ووافق ضمنيا على عزل المناطق الفلسطينية المحتلة ' منطقة الدولة الفلسطينية المنتظرة' مخالفا مرة اخرى لقرارات الامم المتحدة ' قرار 181' , وهذا الاعتراف هو ما سيكون حجر عثرة امام اعتراف الاردن بالدولة الفلسطينية المنتظرة ' على الاقل من الجانب القانوني'.
اللاجئين والنازحين:
ناقشت المادة الثامنة من الاتفاقية موضوع اللجئين والنازحين, وكما قلت سابقا, وردت هذه المادة بصورة ضبابية وبعبارات فضفاضة وتخلو من الدقة القانونية في الصياغة خلافا لما نراه عادة في الاتفاقيات الدولية, واليكم نص المادة:
المادة الثامنة: اللاجئين والنازحين
(1)- ادراكا' للمشاكل الانسانية التي لحقت كلا الطرفين من ' النزاع في الشرق الاوسط' , وفضلا عن المساهمة التي يقدمها الطرفان للاجئين والنازحين, للتخفيف من معاناتهم الانسانية, فأن الاطراف سوف تسعى الى مزيد من تخفيف المعاناة على صعيد ثنائي.
(2)- واعترافا' بأن المشاكل الاتنسانية المشار اليها اعلاه, والتي سببها ' النزاع في الشرق الاوسط' , لا يمكن حلها بشكل كامل على الصعيد الثنائي, سوف يسعى الطرفان الى تسويتها في المحافل المناسبة, وفقا للقانون الدولي بما في ذلك:
(أ)- في حالة النازحين.
في اطار لجنة رباعية بالاشتراك مع مصر والفلسطينيين.
(ب)- في حالة اللجئين.
(1)-في المفاوضات متعددة الاطراف.
(2)-بالاطار الذي يتم الاتفاق عليه ثنائيا او غيره, بالتزامن وفي نفس الوقت في المفاوضات المتعلقة بالوضع النهائي للاراضي المشار اليها في المادة الثالثة من هذه المعاهدة( المادة الثالثة من المعاهدة هي التي وردت في هذا المقال والمتعلقة بالحدود الدولية الاردنية الاسرائيلية.....!!!!) .
(3)- من خلال تنفيذ برامج الامم المتحدة المتفق عليها, والبرامج الاقتصادية الدولية المتفق عليها والمتعلقة بالنازحين واللاجئين بما في ذلك المساعدة في توطينهم.
نتائج:
من الملاحظ في هذه المادة بالرغم من الضبابية المتعمدة في الصياغة انها ركزّت وبصورة مبالغ فيها على عبارة ' النزاع في الشرق الاوسط' كبديلا عن التسمية القانونية للنزاع وهي ' الاحتلال الاسرائيلي' , وان معاناة اللاجئين والنازحين هي احد منتجات هذا النزاع, تتحمل جميع الدول ' اطراف النزاع' المسؤولية القانونية والاخلاقية عن هذه ' المعاناة الانسانية' بالتساويو دون الاشارة باي شكل من الاشكال للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية او التهجير القسري والمجازر الاسرائيلية, او على الاقل وصف هذه المعاناة الانسانية كأحد منتجات النزاع الاسرائيلي الفلسطيني من مبدأ اضعف الايمان, وهو ما يحصر المسؤولية القانونية والاخلاقية في الجانب الاسرائيلي.
وخرجت المادة بتوصيات بعبارات فضفاضة للعمل على تخفيف المعاناة الانسانية للاجئين والنازحين, وليس العمل على حل هذه المعاناة جذريا, ولم تشر هذه المادة باي شكل من الاشكال الى حق العودة لاي من المهجرين كأحد الحلول لتخفيف هذه المعاناة الانسانية, لا بل اشارت الاتفاقية بشكل واضح في البند الثالث من الفقرة الثانية الى العمل على توطينهم , وتحديدا في الاردن وهو ما ورد في البند الثاني من الفقرة الثانية من المادة الثامنة لهذه الاتفاقية والتي اشارت للاردن كما ورد في ترسيم الحدود في المادة الثالثة للاتفاقية, وهو ما تم تنفيذه فعليا ضمن اجندة ' الوطن البديل' الاسرائيلية, في جزئية اللجئين والنازحين, رغم التخلي الاسرائيلي عن الاطار الشمولي للوطن البديل ' على الاقل من الناحية الشكلية'.
واخيرا, أتوجه بالشكر وعظيم الامتنان لكل من ساهم في اخراج هذا العمل الى حيّز الوجود, سواء بتزويدي بالوثائق المتعلقة بالاتفاقية او بالنشر او التقييم, وأخص بالشكر والامتنان كل من:
(1)- السيد المهندس منقذ مهيار من جمعية اصدقاء الارض في الشرق الاوسط, لما قدمه لي من وثائق اثرت معلوماتي في موضوع المياه.
(2)- السيد خالد المجالي من موقع كل الاردن الاخباري.
(3)- السيد علاء الفزاع من موقع خبر جو الاخباري
(4)- جميع المواقع الاخبارية التي قامت بنشر هذا العمل.