أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إنقاذ الصحافة ... الفرصة الاخيرة

بقلم : إسماعيل الشريف
12-07-2017 05:37 PM
ثلاث كلمات يعرفها كل طفل، إحك لي قصة.هويت دون، مؤسس ستون دقيقة...

قبل أيام نُشرت نتائج جائزة الصحافة العربية، وهي أرفع مسابقة صحفية تهدف إلى تشجيع الصحفيين العرب في مختلف المجالات الصحفية، ومقرها في دبي، حيث أصدرت قائمة الصحفيين المرشحين لنيل الجوائز، والصحف والمطبوعات التي نشرت أعمالهم فيها.

خلت القائمة من أية مطبوعة أردنية، ولكني ميزت اسمين لرسامي كاريكتير أردنيين نشرت أعمالهما في صحف عربية دولية، وأجزم أن عددا آخر من الصحفيين الأردنيين قد ترشحوا من خلال مطبوعات عربية أخرى.

أنه لأمر مؤسف للغاية، ودليل على المستوى الكئيب الذي وصلت إليه الصحافة الأردنية والذي تتحمله في رأيي الحكومات وحدها.

علينا أن لا ننسى أبدا أن عددا من الصحف العربية التي ترشح صحفيوها للجائزة هي صحف أسستها كوادر أردنية في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كانت هذه الكوادر تذهب لتؤسس، فيبقى بعضهم والبعض الآخر يرجع إلى صحيفته بعد أن ينجز مهمته، ولغاية هذه الأيام فإن أهم الصحفيين الذين يعملون في دول الخليج هم أردنيون، وأبلغ المذيعين أردنيون، وألمع الكتاب أردنيون، وحتى الفنيين الذين يعملون خلف الكاميرات أو في المطبخ الصحفي أردنيون.

فالصحفي الأردني لا تنقصه مطلقا المهنية ولا الاحتراف، ولا يشق له غبار في الإبداع والحس الصحفي.

ولكنها من سخريات القدر، ففيما ينتعش الإعلام المطبوع والمرئي خارج الأردن على أكتاف أبناء هذا الوطن، فإن محطتنا الوطنية منزوعة المشاهدة، وصحفنا تئن، بعضها بدأ بالاختفاء والبعض الآخر في طريقه إلى الهلاك، والمواقع الالكترونية مع كثرتها إلا أن القليل منها يعمل بشكل مهني احترافي، حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي المصدر الأول للأخبار، مع ما تحمله من كذب وإشاعة وتبثه من سموم.

الصورة قاتمة وقابلة للتأزّم، وقد نستيقظ يوما فلا نجد إعلاما وطنيا، ولغاية هذه اللحظة لم يتصدَّ أحد بصورة جادة لهذه الكارثة، فمجلس النواب السابق شكل لجانه واجتمعت اللجان عدة مرات وخرجت بتوصيات موجودة في الأدراج، والحكومات كلٌ تحمّل سابقاتها مسؤولية تراجع الإعلام، ولكن لم تكلف أية حكومة نفسها بإشعال شمعة ونشل إعلامها الرسمي من الضياع.

برأيي، وكتبت هذا مرات ومرات، أن أساس مشكلة الصحف هو سيطرة الصندوق الاستثماري للضمان الاجتماعي على مجالس إدارة الصحف، فلا يعقل أن يكون للصندوق على سبيل المثال في الدستور خمسة أعضاء من تسعة بينما تملك مؤسسة الضمان والصناديق التابعة لها %30 فقط من أسهم الشركة، وليذهب القطاع الخاص من حملة الأسهم إلى الجحيم، فكل ما يقال عن شراكة القطاع الخاص والعام هو مجرد هراء، وإذا لم تصدقني فاسال أي مساهم في أية صحيفة عن رأيه فيما أقول! لا بل وأصبح منصب رئيس مجلس الإدارة في الصحف الأردنية من مناصب الترضية لمسؤولين سابقين، والأدهى من ذلك أنهم أدخلوا تقليدا جديدا يقضي بأن يتولى إدارة الصحف مسؤولون أمنيون سابقون! وهذا ما لم أره حتى في فترة الأحكام العرفية عندما كان مندوب الحكومة يدقق ويجيز كل حرف قبل طباعته.

المسألة بسيطة للغاية، أي محرر يعلم لو أن أية حكومة أو جهة أمنية لم يعجبها ما نشرته صحيفته، سيتلقى وزير العمل رئيس مجلس إدارة الضمان اتصالا هاتفيا، وبدوره سيتصل بممثيله في مجالس إدارة الصحف وسيُتخذ القرار فورا بالاستغناء، فماذا نتوقع من الصحف الأردنية إذا كان سقف حريتها هو غطاء الوظيفة.

يا سادة يا كرام، صحيفة الرأي فشلت حين كانت إحدى مؤسسات الدولة في بدايات تأسيسها، ونجحت حين تخلت عن إدارتها، وسر نجاحها كان مواقفها القومية التي تسببت بإغلاقها أكثر من مرة في فترة السبعينات وبداية الثمانينات، والدستور نجاحها يعزي لمصداقيتها العالية وعدم احتسابها على أي جهة سوى الوطن، وصحيفة العرب اليوم شكلت ظاهرة عندما صدرت لسقفها العالي قبل أن تذبح وهاي هي أغلقت.

تقول الدراسات أن المواطن يقضي سبعين دقيقة في اليوم في استهلاك الأخبار، وهو نفس كمية الوقت المخصص للأكل وضعف الوقت الذي نقضيه مع عائلاتنا، فما زالت هنالك أيام جيدة للصحافة، ولكن صحافة مستقلة تعطي أخبارا جذابة وحقائق، ولا أقصد أبدا صحافة صفراء وإنما صحافة ملتزمة تركز على مكتسبات الوطن وترفع المعنويات، كما تنشر السلبيات بجرأة ومسؤولية، تستطيع أن تطور نفسها وتواكب الإعلام الحديث.

جميع تعريفات المجتمعات الديمقراطية لا تخرج عن المعنى التالي، المجتمع الديمقراطي هو الذي لديه الأدوات للمشاركة في إدارة شؤونه ولديه وسائل إعلام حرة.

قبل فترة قرأت فحوى لمحاضرة أحد مدراء الصحف، استوقفتني عبارة: يجري تنسيق غير مسبوق بين الأجهزة الأمنية والصحف. لعل هذه العبارة تلخص المشهد الإعلامي الأردني، وما وصلت إليه السلطة التي حملت رقم أربعة في فترة ما!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012