|
|
وجدْتُها..
بقلم : د. رشيد عباس
12-08-2017 05:34 PM
تقول الحكاية يا سادة يا كرام أن صانع تاج الملك «سيراكوس» ادخل بالغش نسبة معينة من النحاس بدلاً من الذهب الخالص في صناعة تاج الملك, وصلت هذه المعلومة للملك, رصد الملك مكافئة مجزية لمن يكتشف هذا الغش في التاج,..وذات يوم وعندما كان «ارخميدس» يغتسل في حمامٍ عام، لاحظ أن منسوب الماء ارتفع عندما انغمس في الماء وأن للماء دفع على جسمه من أسفل إلى أعلى، فخرج في الشارع يجري ويصيح وجدْتُها وجدْتُها, عندها وضع ارخميدس قاعدته الشهيرة المسماة قاعدة أرخميدس والتي بني عليها قاعدة الطفو والتي مكنته من حل لغز تاج الملك المغشوش,..وجدْتُها وجدْتُها صرخة خرجت من أعماق قلب العالم الفيزيائي ارخميدس قبل ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد, خرجت مدوية عندما توصل بعقله إلى حل قضية التاج المغشوش والتي كانت تُشكل له ولغيره التحدي الأكبر,..صرخة أسّست لاحقا لخارطة طريق لعلماء آخرين عملوا في مجال علم الفيزياء.
أنا أيضا ولا ادّعي أنني عالما كـ «ارخميدس», أقول هنا وجدْتُها وجدْتُها بعد أن وجدتُ حلول شافية وافية لثلاث من أصحاب ظواهر اجتماعية مخزية ومخجلة منتشرة في مجتمعنا للأسف الشديد, هذه الظواهر لا يكاد أن تخلو منها أو من احدها أية جلسة من جلساتنا الاجتماعية, واسمحوا لي أن أطلق على هؤلاء كلمة أصحاب لتعني فقط مجموعة من الأفراد لديهم لغة سلبية مشتركة يقوموا بطرحها على الحامي والبارد أو ما يسمى بعلك الكلام الفارغ, هؤلاء على ثلاثة أشكال: أولا أصحاب قدح المقامات, وثانيا أصحاب مقولة الوضع خربان, وثالثا أصحاب كلمة أنا. وجدْتُها وجدْتُها لأصحاب (قدح المقامات),..حين تجلس قصرا رغم انفك وتسمع أو تستمع لأشخاص لا ذمة لهم ولا ضمير ويبدءوا طالعين نازلين بقدح مقامات الآخرين وسرد روايات وقصص وأمثلة لا محل لها من الإعراب,..حين تسمع أو تستمع لهؤلاء تشعر بان قرف وزناخة ورائحة هؤلاء النتنة قد عكّرت صفو الجلسة, وحين تناقش هؤلاء بالمنطق يقولوا لك أنت لا تعرف شيء, لكن في المقابل هنالك شركة دنمركية طوّرت لهاية أطلقت عليها اسم تجاري يدعى لهاية منع قدح المقامات, وأكثر من ذلك قامت هذه الشركة بربط طرف خيط بحلقة اللهاية الدائرية وربط الطرف الآخر للخيط برقبة أصحاب هذا السلوك, وتقول النشرة المرفقة مع اللهاية لأصحاب قدح المقامات, تقول عزيزي صاحب قدح المقامات حين تشعر انك ستبدأ بقدح المقامات ما عليك إلا أن تضع اللهاية في فمك وتبدأ بالمص تدريجيا حتى تشعر بالتوازن النفسي, بعد ذلك يمكنك خلعها وتوزيع الابتسامات على الآخرين.
وجدْتُها وجدْتُها لأصحاب مقولة (الوضع خربان),..أحيانا يُثقل على سمعك أشخاص في كل عبارة أو عبارتين من حديثهم المُمل يرددوا عبارة الوضع خربان, والأدهى والأمر حين تسألهم ما هو الشيء الخربان يقول لك خربانه, ويعود ويقول لك الوضع خربان, هؤلاء بكل صراحة ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة, ..يذكّروني هؤلاء ألأشخاص أصحاب مقولة الوضع خربان يذكّرونني في الزمان الماضي وعندما كان استخدام بابور الكاز هو الدارج, حيث أننا كنا نذهب عند سمكري البوابير لإصلاح البابور كان يسألنا السمكري شو الخربان بالبابور كنا نقول له كلوا على بعضه خربان,..أنا وجدت مهنة ممتازة لهؤلاء ألأشخاص أصحاب مقولة الوضع خربان, وهي أن يعمل سمكري بوابير, نعم هذه المهنة طبق لزق تأتي على قياسهم, وهذا أفضل لهم بكثير من راس روس عين نون, مع أن بابور الكاز له راس وله عين, وله نكاشة أسنان, عفوا نكاشة عيون.
أخيرا وجدْتُها وجدْتُها لأصحاب كلمة (أنا),..في بعض المواقف وإذا كنت دقيق العد, وأردت أن تعد لبعض الأشخاص من هم من أصحاب كلمة أنا, فانك قد تصل لعد مثل هذه الكلمة أنا أكثر من مائة مرة خلال دقيقة, تسمع يقول لك أنا..وأنا...وأنا.., وأخيرا يقول لك أنا من ضيع في الأوهام عمرا, وعند البحث والاستقصاء عن كلمة أنا عند هؤلاء الأشخاص تجد أنها فارغة من مضمونها وان هؤلاء لم يقوموا بعمل أي شيء يذكر سواء كان على المستوى الشخصي أو حتى على المستوى العام, وتسمى أنا هؤلاء عند اللغويين بانا الخرط,..العلاج لمثل هؤلاء الأشخاص هو تنزيلهم للصف الرابع/ د, وإعطاءهم واجب بيتي بسيط هو نسخ كلمة (نحن) ألف مرة, وان يستخدموا كلمة نحن في جمل مفيدة بعيدة عن الأنانية على مدار العام.
(نحن) تعلمنا من العالم الفيزيائي «ارخميدس» كيف نتكلم وكيف نفكر وكيف نجد الحلول, تعلمنا من ارخميدس كيف نُحترم المقامات ونقدرها مهما كان زمانها ومكانها, وتعلمنا انه لا يوجد شيء خربان في هذه الحياة مع التخطيط والإرادة, وتعلمنا أن نستبدل كلمة أنا الفردية بكلمة نحن الجماعية, تعلمنا أن أصحاب قدح المقامات, وأصحاب مقولة الوضع خربان, وأصحاب كلمة أنا, هم أناس مغشوشين وليسوا انقياء في المجتمع, نعم مغشوشين كتاج الملك «سيراكوس», هؤلاء تم اكتشافهم عندما طفو على سطح الماء لتظهر لنا جليا سوءاتهم, وما أدراكم ما سوءاتهم,..بقي أن نقول لهؤلاء إمارات تعرفهم بها منها, أن ألسنتهم تحتاج إلى شيء من الإجازة.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|