بقلم : فايز الفايز
15-10-2017 12:19 AM
أعلن الأردن رسميا مباركته للمصالحة بين الأشقاء الفلسطينيين، وهنأ جلالة الملك الرئيس محمود عباس بهذه المناسبة التي يتمناها الملك فعلا ويطرب لها الشعب الأردني، ولكن يبقى الدخان الأبيض يتسلل من العود الأخضر في نظر البعض، فطرف لا يريد المصالحة، وطرف لا يثق بديمومة المصالحة، وطرف آخر يحاول أن يستغلها لكسب مصالح أكثر على حساب الشعب الفلسطيني الذي أكل السياط من ظهره وبطنه، ولكن لا أحد تحدث عن القدس التي ينتهكها الإسرائيليون يوميا وبشكل روتيني، وبرعاية من بنيامين نتيناهو الذي يمتلىء قلبه غيظا من الموقف الرسمي الأردني تجاه السياسة الإسرائيلية وموقف نتنياهو وفريقه المتعصب.
الأردن بالمؤكد أنه على علم بكافة تفصيلات الإتفاق منذ وقبل البدء فيه، وإن نجح الأخوة في القاهرة من جمع شمل الأشقاء الفلسطينيين والضغط لإخراج عيد الحب الفلسطيني، فإن الأردن معني تماما بعدم تكرار أي خلافات بين شباب القيادة الفلسطينية وحماس مجددا، وهي التي كانت تضع الرئيس محمود عباس في مواقف محرجة أوصلته الى حالة لا يحسد عليها، وهو المغضوب عليه من إسرائيل ومن منافسيه داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، وهو الذي ينتظر الموعد الذي يجد فيه خليفة يمكن الإعتماد عليه ليتقاعد هو وأبناؤه في مكان لا يزعجه أحد، أو تطارده الإشاعات!
المصالحة الفلسطينية، وبعيدا عن المصلحة الإسرائيلية العليا التي فرضها الواقع الإحتلالي، يجب أن تؤسس لمرحلة إنشاء جهاز دولة فلسطيني يمكنه الإعتماد على نفسه ويدير صراعاته بطريقة أفضل من السابق مع الأخذ بعين الإعتبار أن كل حرب تنشب ضد الفلسطينيين يكون بطلها الجيش الإسرائيلي الذي يدك البيوت ويقتل المدنيين، ولكن أي تغيير في المناصب القيادية يجب أن تكون مبنية على أساس النزاهة والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، لا الإنبطاح للحاكم العسكري الإسرئيلي، أو التعاطي مع دول لا حدود لها مع فلسطين أو غزة.
الأردن اليوم وغدا سيبقى ظهيرا للشعب الفلسطيني، لكن يجب أن يساعد الأشقاء أنفسهم هناك، فلا يمكنهم البقاء في موقع المتكىء على الغير، وإذا بارك الأردن للإخوة إتفاقهم فلهذه المباركة إستحقاقات، وخصوصا من جماعة رام االله، كي يساعدوا الأردن في مواقفه الواضحة من قضية القدس والحرم القدسي الذي يخضع للوصاية الهاشمية، خصوصا بعد المحاولات الإسرائيلية للإتفاف نحو دول ليس لها علاقة سياسية ولا تنموية ولا دينية بمدينة القدس ومقدساتها، فمدينتنا المقدسة تخضبت بدماء أبطالنا من الجيش الأردني قبل نشوء الجيوش، واختلط الدم الفلسطيني مع دماء إخوانهم الإردنيين قبل أن يتعلم الجيل الجديد مبادئ السياسة والتفاوض والحسابات الشخصية.
القدس عهدة هاشمية أردنية، وبذل الأردن كل جهوده للمحافظة على الوضع القائم هناك قبل قيام السلطة وحركة حماس، وأنفق ما يزيد على مليار دولار في عمليات الإعمار،والإشراف الوقفي من قبل وزارة الأوقاف الأردنية ليست مهمة سهلة، فمن يستطيع مواجهة المحاولات الإسرائيلية بتدمير دولة إسرائيل فليتفضل وليفعل إذا،وإلا فليتذكر الجميع أن تاريخ المدينة والضفة الغربية مرتبط إرتباطا عضويا مع الأردن الداعم دوما، وأي رئاسة مقبلة ستكون بمباركة أردنية أيضا، ومهما جاء من زعامات وقيادات وعقدت من مصالحات، فسيبقى الأردن الرئة الكبيرة لإخواننا في فلسطين، ومعابرنا مفتوحة للملايين منهم.
إن جهود الأردن يجب أن لا ينكرها أحد،وأن لا يستقوي أحد بأي طرف غير موثوق، ولكن الأهم أن يكون عندنا في عمان من يقوم بإسناد المواقف الأردنية لا التشكيك بها،والترويج لقميء يعقد مؤتمرا هزيلا في إسرائيل ليعارض به الأردن، دون خجل من تعاملهم مع «العدو الصهيوني» ، فالأردن أقوى من كل المشككين والحاقدين والمفلسين.
عندما سار المغفور له الملك عبداالله الأول نحو القدس عام 1951 نزل في نابلس على آل المصري وتناول طعام الإفطار في ديوان الحاج معزوز المصري وطلب منه الصلاة في مسجد الحاج نمر النابلسي، ولكنه أصرّ على عادته الصلاة في المسجد الأقصى، ولكنه لم يدرك صلاته حيث استشهد على عتباته المقدسة،ولم يتناول طعام الغداء عند آل النشاشيبي، ومنذ ذلك اليوم والقيادة الأردنية تقفز عن كل مهاترات الخصوم الخارجية ، إذ لم يكن هناك شريك حقيقي للحفاظ على الأراضي المقدسة حتى قام مشروع الدولة الفلسطينية بأريحا، وسيبقى الأردن داعما للأخوة هناك، وهذه مسؤولية وطنية لا أطماع فيها.
(الراي)