12-11-2017 07:16 PM
كل الاردن -
{في عالمنا العربي 'العرفي' يتم إنشاء محاكم خاصة فقط من أجل ملاحقة أي منتقد للأنظمة وتكميم الأفواه المعارضة، وحتى يتقبل البعض الأمر تعلن الجهات المعنية أن تلك المحاكم خاصة بالإرهاب والمخدرات وإثارة الفوضى وتهديد نظام الحكم، ولا أعلم لماذا لم يسبقنا ' العالمالمتختلف' في إنشاء مثل هذه المحاكم والاكتفاء بالقضاء المدني الذي يغطي كل تلك الحالات من خلال التشريعات القانونية؟}
يقال أن القضاء العادل والقوي والمستقل أهم عامل في بناء الدول وتحقيق العدالة والاستقرار، ولذلك يحرص العالم المتحضر والديمقراطي على استقلال القضاء حتى يبقى المرجعية الأخيرة لضبط أي تجاوز سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، وعليه أصبح القضاء يُحترم والكل يرضى بحكمه حاكما أو محكوما.
في عالمنا العربي لا يختلف القضاء عن 'أي دائرة حكومية أو مؤسسة عامة' لا يملك من الاستقلال إلا الإسم، فلا تفرق بين القاضي والموظف العام الذي ينتظر تعليمات السيد حتى يقرر في معظم أمور دائرته خاصة التي قد تمس علية القوم أو السلطات القائمة في الدولة، حتى وصل الأمر إلى وصفه 'بقضاء الهاتف' أو التعليمات عبر الهاتف، طبعا إذا تجاوزنا المحاكم الخاصة العسكرية في عالمنا العربي والتي لا يعترف بها إلا حكام العرب.
كان يقال أن من كل ثلاثة قضاة اثنينن في النار، طبعا هذا الحديث أو الرواية كانت قبل مئات السنين وقبل المغريات والسلطات المتنفذة وفقدان رجال القضاء الحقيقيين، فماذا نقول اليوم في ظل إنهيار القضاء العادل والمستقل وضعف القضاة، أكاد اجزم أن 99 قاضيا في النار وواحد في الجنة، ليس بسبب استقلاله بل ربما بسبب عدم تعرضه لموقف يفرض عليه ويحكم فيه حسب التعليمات العليا أو لخدمة مصلحة خاصة له أو لمن يعنيه من الأصدقاء أو الزملاء.
في عالمنا العربي 'العرفي' يتم إنشاء محاكم خاصة فقط من أجل ملاحقة أي منتقد للأنظمة وتكميم الأفواه المعارضة، وحتى يتقبل البعض الأمر تعلن الجهات المعنية أن تلك المحاكم خاصة بالإرهاب والمخدرات وإثارة الفوضى وتهديد نظام الحكم، ولا أعلم لماذا لم يسبقنا ' العالمالمتختلف' في إنشاء مثل هذه المحاكم والاكتفاء بالقضاء المدني الذي يغطي كل تلك الحالات من خلال التشريعات القانونية؟.
هل من المنطق أن يدعي البعض استقلال القضاء 'ورئيس القضاء نفسه' يعين بقرار ويعزل بقرار حتى بدون إبداء الأسباب، وكأنه موظفا من الدرجة السادسة في السلم الوظيفي؟ هل استقلال القضاء يتم من خلال اعتقال الناس وتوقيفهم اشهرا دون محاكمة ويتم الإفراج عنهم أيضا بدون قرار قاضي وكأنهم 'بضائع' ويتم الإفراج عنها بعد تصويب وضعها الجمركي مثلا؟.
هل من المنطق أن تجد في دولة عدة قوانيين مشرعه تحت عدة مسميات كلها من أجل ملاحقة المعارض أو صاحب الرأي في الوقت الذي يدعي نظام الحكم دعمه للحريات العامة حسب نصوص دستورية تضرب بعرض الحائط بعد تلقي القاضي هاتف ليصدر حكمه ليس من أجل تحقيق العدالة بل من أجل ترهيب الشعب وتكميم الأفواه؟
في عالمنا العربي الحاكم هو القاضي وهو المشرع وهو صاحب الحق بالاتهام والعفو، والجهاز القضائي فقط هو أداة تنفذ تلك الرغبات والأوامر ويأتي بعض المنافقين للأنظمة يدعوا أن القضاء محترم ولا يجوز الطعن به أو انتقاده وكأن القضاء والعاملين به 'منزلين' واشبه ما يكونوا بالمرسلين، وهم في الحقيقة أجبن من رفض هاتف من 'ضابط صغير' في جهاز أمني.
لن أتطرق إلى ما يقال عن فساد القضاة ماليا وحتى أخلاقيا في عالمنا العربي فهم بشر قد يخطئ البعض منهم، ولكن أن يصبح القضاء بأكمله تحت شبهة الفساد كما هي بقية أجهزة الدولة فهذه الطامة الكبرى وأكبر علامة على قرب إنهيار الدولة بالرغم من كل الأجهزة الأمنية والعسكرية التي أصبح عنوانها ملاحقة الشعوب بدل حمايتهم.