أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


سلام على وصفي

بقلم : أ.د أمل نصير
27-11-2017 04:50 PM
لام على وصفي... على شهيدنا الحي أبدا، وليلنا القنديل، فتى حوران، يا من سكنت في قلوب الأردنيين، يا هامتنا الشامخة، وصوتنا الحر، ما زلت في الدار لم ترحل، بل رحلوا جميعا، وبقيت أنت فينا، راسخا في ذاكرة الوطن، متجذّرا في أعماقنا، نُغنيك صباح مساء.

وصفي يا أنشودتنا القومية، وأغنيتنا الأردنية، يا عاشق الأقصى، دمك نور نستضيء به، وفكرك مدرسة نغرف منها، ووطنيتك نبراس نهتدي به، يا بردنا حاضرا، ونارنا غائبا، سلام عليك يوم مت، ويوم تبعث حيا، بل سلام الله عليك كل يوم، يا من تجعلنا نقرأ ونعتبر، وتثير فينا السؤال تلو السؤال: أين هم محبو الاردن؟! أين هم رجال العروبة؟! أين هم الذين قدموا مصلحة الأردن على مصالحهم وأطماعهم؟! أين هم الذي افتدوا الأردن بدمائهم؟! فإن كانت يا وصفي، رصاصات الغدر غيّبت جسدك، فها هو عبقك يتجدد فينا يوما بعد يوم، ونشْرُك العبق ينتشر في سهول حوران، وريّاك تنعش قلوبنا كل يوم.

في سويداء قلبك، وفي ضميرك أرى الأردن، وفلسطين، وكل الوطن العربي، فأين أمثالك يا وصفي؟ صدقت في قولك: ” من يزرع لا يخلع”، وأنت زرعت حُبا وعملا ووطنية، وما خلعت يوما قيادة، ولا وطنا، ولا شجرا، فحصدت حبا وخلودا، والخالدون قليل. مرت العشرون والثلاثون والأربعون، وما زلت شابا، بل ما زلت تزداد شبابا وبهاء كل يوم، وستمرّ السبعون والتسعون، وتبقى حاضرا فينا جيلا بعد جيلا.

وصفي، يا نموذجا لكل الرجال الرجال، وخيرة الخيرة، وكل الأحرار، يا مدرسة وطنية من مدارس الهاشميين، وأحرار العرب، يا رفيق درب ملكينا الحسين في الزمن الحالك الصعب، يا من كنت نهجا حكيما، وقنديلا مضيئا، يا عظيما ما سرق، ولا باع يوما قومه، ولا تراب وطنه، رئيس وزارات ثلاث، ولم تترك قصورا، بل ديونا!! نذكرك في الليل الحالك، وفي استعار الريح، ونوح الفقر في بيوت من جُوّعوا، ونقيق البطون في بيوت من سرقوا ونهبوا.
يا نظيف اليد واللسان، يا سيفا مُصلتا على الفساد والفاسدين، نناديك اليوم، فما أحوجنا إلى سيفك القاطع! ولسانك المفحم، وقلبك الكبير الذي يسع الكثير الكثير.

الحنين إلى أيامك يا وصفي جمر يكوي جباه الأردنيين في زمن الفاسدين، والسارقين، والبائعين، والمتربصين، والمتاجرين. نعم، يا وصفي، التجارة والإمارة لا تجتمعان، وما كنت فينا تاجرا، بل أميرا عاشقا لثرى الأردن، مؤمنا بأردنيتك وعروبتك، فكانت تجارتك الرابحة أبدا، ربحت حب الأردنيين والأردنيات، أحببتهم، فبادلوك حبا بحب، وعشقا بعشق، كيف لا! وأنت ما خنت يوما حلمهم؟! وما خنت خبزهم، ولا خنت قمحهم.

هذا زمان يا وصفي، يرتدي ثوب الجبان، هذا زمان يأكل الشهداء، يستبقي القيان، هذا زمان القانعين بذلهم…
يا حبيب الطيبين، والكادحين، يا من حرثت أرضك بذراعك، وبذرت فيها حبك، وسقيتها انتماء وإخلاصا وولاء، فجادت حبا، وعطاء تلو عطاء.

يا طالعا من وجه حصّادي إربد، والطفيلة، والكرك، والسلط، ومعان، وجرش، وعجلون… كل الوجوه ستعرفك، لن تنكرك، وستتذكرك…
لن نخذلك يا وصفي في يوم استشهادك، بل في يوم ميلادك، فبورك دمك يا وصفي، وبوركت دماء كل الأردنيين المخلصين لتراب وطنهم.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012