06-12-2017 07:30 PM
كل الاردن -
{احيانا لا نعرف أين نقف، هل نريد دولة مؤسسات حقيقية ومجلس رقابي وتشريعي ومشاركة في إدارة الدولة، أم نريد مجتمع يأكل القوي حق الضعيف ويسود الفساد بكل أشكاله وتقطع الألسن التي تعري من يتطاول على الشعب والوطن وتتغول فيه القوانين العرفية ويدعي البعض بعد كل ذلك 'بمجتمع الأمن والآمان' ما دام الشعب خانع وخائف لا يقوى حتى على التعبير عن غضبه وكشف المستور؟}
لا أعتقد أن هناك دولة عربية يحظى 'المنسف' فيها بكل هذا التأثير الاجتماعي والسياسي كما يحظى به في الأردن، فلا تكاد قضية سياسية داخلية أو اجتماعية تستعصي على مفعول المنسف الأردني، حيث لديه القدرة على 'نسفها' رأسا على عقب خلال دقائق، لا بل لعلي أقول أن من أكبر داعمي الفساد المالي والإداري 'المتوسط وصغير الحجم' يبدأ بعد تناول المنسف خاصة إذا كان قد استخدم فيه اللحم البلدي والجميد الكركي والسمن البلقاوي ويكتمل المشهد أحيانا بوجود
كأس من 'الويسكي' حتى تختمر الأمور ويصدر القرار.
قبل أيام انتفض مجلس النواب الأردني في وجه التغول الحكومي بطريقة غير مسبوقة في الأعوام الأخيرة، حتى بدأ الشعب يتغنى بالنواب على اعتبار أنهم اليوم يمثلون الشعب، وما هي إلا ساعات حتى انتشر خبر وجود مناسف في منزل نائب رئيس الوزراء في اليوم التالي، وللأمانة لم يخيب بعض النواب تلك المناسف ومفعولها حتى انقلبوا على مواقفهم بشكل أثبت بشكل قاطع أننا ما زلنا نحترم المنسف ونقدمه على مصالح الوطن والشعب 'ويكثر خير المعزب'.
شخصيا لا أجد ما يمنع الاستمرار بالاعتماد على المنسف في حل الأزمات السياسية والاجتماعية ما دمنا عاجزين عن مقدرتنا على رفض قوانين شرعت من أجل فئة لا تعرف عن الوطن شيئا، إلا مقدار مكاسبها الشخصية والتقلب في المواقف بما يرضي الجهات التي اوصلتهم ليدعوا أنهم يمثلون الشعب والحقيقة أن هناك من امتهن 'التمثيل على الشعب سنوات طويلة' وما زال الشعب يصفق له ويوفر له الحماية العشائرية والمناطقية في مشهد لا نحسد عليه ونحن ندعي مطالبنا بالإصلاح والشفافية والانتماء الوطني شبه المزيف.
احيانا لا نعرف أين نقف، هل نريد دولة مؤسسات حقيقية ومجلس رقابي وتشريعي ومشاركة في إدارة الدولة، أم نريد مجتمع يأكل القوي حق الضعيف ويسود الفساد بكل أشكاله وتقطع الألسن التي تعري من يتطاول على الشعب والوطن وتتغول فيه القوانين العرفية ويدعي البعض بعد كل ذلك 'بمجتمع الأمن والآمان' ما دام الشعب خانع وخائف لا يقوى حتى على التعبير عن غضبه وكشف المستور؟.
لا أريد أن استبق الأحداث فلعل الأيام تحمل في طياتها ما نتفاجئ به من نوابنا الكرام، ولكني ومن تجاربنا المتعددة أجد أن المنسف سيكون له تأثير أكبر من كل ردود فعلنا الشعبية ما دامت لا تتعدى جدران منازلنا أو شاشات الأجهزة الخلوية وستمضي حكومات الجباية في مسلسل امتصاص ما تبقى في جيوب المواطنيين حتى يأتي اليوم الذي تنفلت الأمور وتستغل وعندها لن ينفع الاعتذار ولا المناسف و سيدفع الجميع الثمن...