أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأردن وحيدا..

بقلم : د حسن البراري
11-12-2017 05:11 PM
كشفت الخطوة الأميركية المتهورة المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل عن حقيقة طالما حاول الرسميون في الأردن اخفاءها وهي أن لا حلفاء عرب للأردن في مواجهة الاستفزازات الإسرائيلية والعربدة الأمريكية. والحقّ أن ما يسمى بمحور الاعتدال العربي ليس معتدلاً في شيء وانما اكتسب صفة 'الاعتدال' بامتثاله لما تقوم به إسرائيل وأمريكا من فرض سياسة الأمر الواقع.

عبثا يحاول البعض الاصرار على متانة هذا المحور الذي فشل في كل معاركه، فالسعودية مثلا تريد أخضاع الجميع ودفعهم للانضباط وفقا لأولويات سعودية حددها في الفترة الأخيرة تيار 'الحزم' وهي أولويات تعكس طموحا سعوديا يفوق امكاناتها البشرية و 'العلمية' وحتى العسكرية. وهي بهذا المعنى غير مؤهلة لقيادة هذا المحور المتهالك لأنها لا تمتلك الرغبة – ناهيك عن القدرة – في التصدي للعربدة الإسرائيلية، فالهوس بالتهديدات الإيرانية دفعها لأن تراهن على تحالف مع إسرائيل وكأن الأخيرة ستخوض حربا نيابة عنها. فالإسرائيليون لا يخوضون إلا معاركهم، غير أنهم مستعدون للتقارب توطئة لابتزاز السعودية، فمثلا، لا يمكن فهم قرار الرئيس ترامب إلا في هذا السياق، وهناك مصادر غربية واسرائيلية موثوقة تحدثت عن تفاهمات توصل إليها جارد كوشنر مع ولي العهد السعودي مهدت في نهاية المطاف لقرار ترامب. لن ينتهي مسلسل الابتزاز الأمريكي والإسرائيلي للسعودية بذريعة التصدي للخطر الإيراني مع أن القاصي والداني يدرك أن من مكّن إيران في العراق وسوريا هو الولايات المتحدة.

فأي قراءة متأنية وهادئة لتوجهات تيار الحزم السعودي ونهجه المقامر يقودنا لنتيجة منطقية وهي أنه لا يمكن الاعتماد على العمق الخليجي في قادم الأيام لدعم صمود الأردن امام العربدة الإسرائيلية وانقلاب اسرائيل على المنطق الاستراتيجي التقليدي الذي حكم سلوكها تجاه الأردن.

وعليه، فإن الأردن مطالب بمراجعة حقيقة لسياسته التي يصفها البعض بأنها متوازنة لكنها في واقع الحال لم تخرج عن الحدود التي ترسمها السعودية، فلا أفهم على سبيل المثال لماذا نستمر في تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر! وما هو الثمن الذي يقبضه الأردن لقاء الانحياز لمعركة خليجية داخلية لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟!

هناك جملة من الخطوات يمكن للأردن أن يقوم بها حتى يحافظ على استقلالية قراره وفقا لمصالحه الوطنية. ليس المطلوب من الأردن أن ينقلب على أحد لكن وفي حدود المحور الموالي لأمريكا يمكن التفاهم مع الاتراك والقطريين لايجاد ارضية مشتركة تخدم مصالح الأردن الاقتصادية، فحالة التوتر مع الدولتين لها اسباب اردنية داخلية متعلقة بالموقف من الاخوان المسلمين لكن هذا لا يمنع من محاولة التفاهم مع الدولتين ورسم خطوطنا الحمراء، فهي دول لم تعد تمتلك ذات الحماس في دعم التغيير في الاقليم وبالتالي هناك مساحة للعمل المشترك.

ثبت في اليومين الماضيين أن الاردنيين يدعمون قيادتهم التي بذلت جهدا كبيرا لثني ترامب عن قراره، والحال أن حديث ترامب عن الاماكن الدينية في خطابه جاء -وفقا لمصادر اسرائيلية- كمحاولة أمريكية لاسترضاء الأردن، فالأردنيون يدركون أن هناك حدودا لما يمكن أن يقوم به الأردن الرسمي ولا يطالبونه بأكثر مما يحتمل. وقد عبر جلالة الملك في تغريده عن تقديره لما اسماه رقي الشعب الاردني في احتجاجاتهم ضد القرار الارعن للرئيس ترامب.

الأردن الذي وقف وحيدا في الأزمة الأخيرة بعد أن خذله الجميع عليه أن ينتبه للداخل الأردني وأن يفكر جديا في تنويع خياراته وتحالفاته، صحيح أن الولايات المتحدة تدعم الاردن ماليا لكن لو كان هناك حكومة وطنية تضبط الانفاق وتحارب الفساد وتسترد الاموال المنهوبة وتعالج مسألة التهرب الضريبي لكان بالامكان العيش من دون المساعدات الأمريكية. طبعا لا يمكن لأحد أن يشير إلى مساعدات خليجية في السنتين الماضيتين وأن هذه الدول الغارقة في معارك دونكيشوتية والغارقة في مستوى إنفاق لا يتلائم مع احتياجاتها لا يمكن لها تقديم المساعدة للأردن وبخاصة بعد أن توصل بعض من هذه الدول إلى تفاهمات عريضة مع إسرائيل.

في كتابي الذي نشر عام ٢٠١٤ كنت قد حذرت مما اسميته سيناريو الاصطدام بين الأردن وإسرائيل، فالنتيجة المنطقية لديناميكة القوة في المجتمع الاسرائيلي وازمته الديمقراطية ستقود إسرائيل إلى التفكير بحلول على حساب الأردن، وتشعر إسرائيل الآن انها تحظى بدعم أكبر قوة عرفها التاريخ وهي الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك تشعر إسرائيل بانها لم تعد الدولة المنبوذة عربيا، فهي تقيم علاقات استراتيجية مع مصر في وقت أصبح تيار الحزم في السعودية يرى بان اسرائيل حليف!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-12-2017 06:58 PM

لا افهم جملتك بان السعودية غير مؤهلة عسكريا !!!! للقيادة ولا علميا ..
ليكون انت مصدق ان القوات الخاصة تحمي السعودية؟
افضل جامعات في الشرق الاوسط سعودية
حصول سعوديين على جوائز في حقول علمية من جامعات امريكية كثيرة....

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012