أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


عندما يفقد القانون سيادته يبدأ الفاسدون بالظهور
09-10-2011 07:31 AM
كل الاردن -



alt

مأمون أبونوار
لا يوجد نظام سياسي مثالي أفضل من الأنظمة الموجودة الأخرى في العالم , فلكل نظام له ايجابياته وسلبياته, والذي يجب البحث عنه هو ما هو النظام السياسي الأفضل والأنسب لنا ولخصائص مجتمعنا وثقافته ولظروفنا والتحديات التي نواجهها  داخليه او خارجيه, ولا يجب أن نقارن أيضا بما هو أسوأ منا فهذه مقارنة خاطئة لا تقوم على الأسلوب العلمي الصحيح, كأن  نقول أن دستورنا هو الأفضل في المنطقة ويضاهي جميع الدساتير العالمية, بل يجب أن نقارن بدساتير قد جُربت ويعدل عليها بإستمرار في الدول المتحضرة  التى بنت دساتيرها على حق الفرد وحريته حتى وصل الأمر أن بعض النصوص الدستورية في هذه الدول تمنع السلطات من محاولة أي تفكير  بمنع حرية التعبير وحقوق الفرد الإنسانية.

هذه الدساتير في الدول المتقدمه تم تبنيها بعدما أخذت الكثير من الجهد والزمن, وتحاليل عديدة من أفكار فلاسفة السياسة في عهد جمهوريات الرومان واليونان أمثال (روسو, جان لوك, مونتيسكو, وهوبز), إضافة الى خبراء وفقهاء مختصين في كتابة الدساتير, وكان جميعهم  داعمين لفكرة أن السياسة هي معركة صراع قوى وهي معركة مستمرة من أجل السلطة.

إن القوة والأمن السياسي (الناعم والخشن) لا يمكن أن تكون أساس الشرعية السياسية للسلطة, وإنما الرضاء الشعبي والعدالة الإجتماعية وامتلاك أفئدة المواطنين هم أساس شرعية الحُكم. ولكي تكون هذه القوة السياسية آمنة ومنظبطة, يجب أن تكون سلطاتها الثلاث منقسمة ومفصولة فصلاً تاماً عن بعضها البعض, وهنا يأتى دور الدستور لتنظيم وترتيب وضبط العلاقة البينية لهذه القوى بحيث لا تستطيع أى من هذه السلطات أن تجبر سلطة أخرى على فعل عمل ما من خلال إيقاف السلطة بالسلطة  stalemate  ومن خلال الرقابة المتبادلة بمعنى حق المراقبة لكل سلطة على السلطة الأخرى من أجل تحقيق التوازن بينهم.

إن فصل السلطات في الدول الديمقراطية المتقدمة التي تحترم وتقدر شعوبها هي علاقة تشاركية مبنية على مبدأ تقاسم السلطةpolitics of shared power    وأن الدستور يُمَثل كخرائط سلطة power maps من خلال توزيع هذه السلطة بين عناصر الدولة المختلفة, بحيث يبقى النظام السياسي آمن ومستقر, فالدستور يمثل النظام العام للسلطة تمارس  الدولة من خلاله وظائفها وصلاحيتها, والدستور هو مقر السيادة بالدولة, لذلك يجب أن يكون للدستور السلطة المطلقة في الدولة.

لكن الواقع لدينا, أن هنالك علاقة إندماج وإنصهار بين هذه السلطات لعدم الفصل بينها, وهذا النوع من العلاقة يقود إلى إستغلال السلطة وإحتكار القرارات وعدم الإلتزام بالنصوص الدستورية, وكأن السلطة هى دوما' على حق ولديها الحكمة والقدره بإتخاذ القرارات وعلى المواطن الطاعة فقط. ونتساءل لمصلحة من كانت هذه التعديلات الدستوريه ؟ ولمصلحة من تمارس السلطة وخاصه الإنحرافات العديدة تجاه الوطن؟ ويبدو أننا قد إنحرفنا عن بداية الطريق لعملية الإصلاح السياسي. إن هذا النوع من الممارسات يزيد من فقدان الثقة بين الدولة والشعب وخاصةً ما نشاهد من هيمنةٍ للسلطة التنفيذية على التشريعية وعدم استقلال القضاء, فأسهمت هذه الممارسات في تراجع هيبة الدولة وتآكل سيادة القانون وهذا أسوأ مرضٍ قد يصيب أي نظام.    

لقد تم تعديل الدستور ولم يتم فصل حقيقي للسلطات, مع ذلك  كمواطنين نحن نتطلع أن نشهد تحولاً ديمقراطيا حقيقيا وفصل للسلطات إلى واقع ملموس وليس مجرد ديكورات ديمقراطية أصبحت في طي التاريخ ومكشوفه لكل مواطن أردني. إن التعديلات الدستورية الأخيرة ثانوية لكنها ايجابية, فقد عززت من صلاحية السلطات الثلاث لكنها لم تحقق الفصل  والتوازن بين هذه السلطات كما أنها لم تعالج المسائل الجوهرية من تشكيل الحكومات ومبدأ أن الشعب مصدر السلطات.

 لذلك فقد عبرت القوى الشعبية والسياسية بكل صراحة أن التعديلات الدستورية الأخيرة غير كافية لإحداث إصلاح حقيقي في بنية النظام السياسي ولا تستجيب لمطالب الشعب, وأصبح هنالك فوضى وإنفلات في المجتمع وانتشار للفساد السياسي والإداري, وعندما يفقد القانون سيادته يبدأ الفاسدون بالظهور في كل مكان,  وهنالك حالة احتقان وعدم استقرار, وغياب الثقة بين السلطة والمجتمع وهنالك تصاعد في حملة الإحتجاجات العامة بقصد الضغط على السلطة من أجل تلبية مطالبها, فلقد أصبحت الحكومة لا تتحرك إلا بضغط من الشارع لمعالجة القضايا المختلفة.

وبإيجاز نقول, أن هنالك أزمة إصلاح وأزمة ثقة بين الدولة والشعب تؤثر سلبا' على الوطن, وإنني غير متأكد أن الإستمرار على هذا النهج يقودنا إلى الطريق الصحيح.



 mabunowar@hotmail.com

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-10-2011 12:02 PM

عرفتك رفيقا في السلاح نزيها عفيفا صاحب يدا نظيفة عداك عن العلم والمعرفة التي تميزت بها, فياحسرة على وطن لا يجعل قدرا لامثالك من الرجال وهم قليلون.

2) تعليق بواسطة :
09-10-2011 01:59 PM

الاخ العزيز موضوع عدم تطبيق القانون او تطبيق قرارات المحاكم ليس بجديد
فعندما يصدر قرار حكم يكون مروس باسم جلاله الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وعدم تطبيق القرار يعني استهداف ليس للقضاء بل استهداف شخصي ومباشر لشخص الملك
السؤال هل تعرف من هو مدير دائره كبرى يرفض تنفيذ قرار صادر عن محكمه العدل العليا ويعتبر نفسه ملكا في موقعه حتى انه ضرب تعليمات واوامر جلاله الملك اولا ورئيس الوزراء ثانيا ومش شايف حدى بعينوا من اثخن شنب لاصغر شنب
وهل تعلم انك لو كنت تعمل في احد الشركات الخاصه وقمت برفض تنفيذ اوامر مرؤؤسيك ان هذا يعني انك تضع نفسك في نفس المقام مع مرؤوسيك
يعني بالمشرمحي كلها ملوك وما حدا حاسب حساب لحدا

3) تعليق بواسطة :
09-10-2011 03:20 PM

يوجد قانون وقضاة ومحاكم وشعب ,هذة بديهية موجودة حتى بموزمبيق ,, ولكن عندما يطبق القانون بحذافيرة على البسيط ويستثني المتخم بالدولارات والنفوذ ماذا نسمية؟؟؟؟؟؟

اقوى جملة اختزلتها يا سيدي وهي المسألة وهي الحل /ان شرعية اي نظام تنبع من العدالة والرضى الشعبي ,,,,نعم العدالة لا بالقانون ولا بالقوة ولا بالأزدراء ولا بالصمت المطبق والانحناء امام العاصفة حتى تمر,,,,,فقط بالعدالة والرضى

4) تعليق بواسطة :
09-10-2011 06:01 PM

يا استاذ : "روسو, جان لوك, مونتيسكو, وهوبز" هم فلاسفة العصر الحديث فما علاقتهم بالرومان واليونان !!!!
ثم بتقدر تقلي : الحكومة البريطانية تخرج من صلب البرلمان فأين الفصل بين السلطات ؟؟؟ اليست الحكومة مشكلة من نواب وهي اشبه بلجنة برلمانية ؟؟؟

5) تعليق بواسطة :
09-10-2011 07:47 PM

مجالس النواب الاردنية لم تك شرعية في يوم من الايام لانها جرت في ظل قوانين مؤقتة او انتخابات مزورة -لو - ان لدينا دستور مطبق وقوانين دستورية مطبقة ووعي شعبي لتغير وجه الاردن -مع -كل هذه لفوضى لدينا ما نفخر به ونعتز به -فريط - بدون رعاية ولو -سلمنا -من تدخل الحكومات لاصبح الاردن مثالا في المنطقة العربية -الله يجازي من كانوا السبب , خربوا بيتنا وسرقوا حنطتنا وكسروا زيرنا ويا رب نكسر وراهم جره !!

6) تعليق بواسطة :
09-10-2011 08:18 PM

ابدعت يا باشا

7) تعليق بواسطة :
10-10-2011 05:35 AM

الى تعليبق 4 (سياسي) نعم الحكومة ببريطانيا تخرج من الأغلبية بمجلس النواب والذين فازوا بالإنتخابات الشرعية المضبوطة الغير مزورة وبناًْ على برنامجهم الوطني. هذا لا يمنع ان مجلس النواب التشريعي هو سلطة مستقلة فالمعارضة موجودة ورائيها محترم ومستقل عن إرادة الحكومة المنتخبة من الشعب. لذلك يا أخي سياسي الكومة المنتخبة لا تمكنع فصل السلطات ولا الاستقواء على بعضها ولا يوجد احد فوق القانون ببريطانيا بما في ذلك الملكة وابنائها وللعلم فقط لقد تم مخالفة الأميرة ابنة الملكة لتجاوزها السرعة من رجل شرطة عادي وسُحبت رخصة السواقة منها. أتمنى عليك ان تعرف السياسة وتعلق بموضوعية. شكراً للكاتب مقالته الواقعية وكلامه الموزون

8) تعليق بواسطة :
10-10-2011 11:16 PM

لماذا الانفعال ! وما دخل الملكة والاميرة ! انا اتحدث عن نظم سياسية مقارنة وليس عن سلوكيات . انا طرحت نقطة اكاديمية : في بريطانيا يسمى النظام " نظام دمج السلطات " ، اما في امريكا فيسمى " الفصل الحاد في السلطات " حيث الرئيس لا يحل الكونغرس والكونغرس لا يقيل الرئيس ! ما وددت ان اقوله هو ان لا نردد مفاهيم لا نعرف ما ورائها . ان ترديد المفاهيم لاجل الترديد جعلنا نصنع محكمة دستورية !! في بلد يسعى لحكومة برلمانية ! فقلي عن اي نزاع بين السلطات ستحكم المحكمة الدستورية حين تصبح الحكومة من الاغلبية ! هل ستختلف الحكومة ذات الاغلبية مع برلمان تملك الاغلبية فيه !!! لنفكر خارج الكأس احيانا ! وعن موضوعية الكاتب : سقطت اذ اعتبر روسو من فلاسفة اليونان !!! مع انه عاش بعدهم ب 2000 عام ! اما قولك ان مجلس الشعب مستقل عن الحكومة فقول يفتقر للدقة ، فالحزب الحاكم يقرر ما يريد فعله في البرلمان والحكومة ! والقرارات تخرج منسجمة ! هل تدري لماذا ؟ لان الحكومة اشبه بلجنة برلمانية . يقولون في بريطانيا : البرلمان يستطيع ان يغير اسماءنا ! هل تدري لماذا ؟ لان له السلطة الاعلى ! ويقولون ان لا دستور في بريطانيا ! هل تدري لماذا ؟ لان البرلمان هو الدستور وهو ابوها ومسميها !! فلا تقل لي فصل سلطات بل قل : سلطة برلمانية هي الكل في الكل تفوض تنفيذ القوانين للجنة تسمى حكومة ! وهذا هو معنى ما نصدح به في وسط البلد : نظام برلماني !! ولكن يبدو اننا نصرخ بسبب الغضب وليس بسبب الحق !

9) تعليق بواسطة :
11-10-2011 11:20 AM

الى السيدالمحترم تعليق 4+8
انت على حق عندما قلت ان روسو ليس من فلاسفة اليونان ما قصدته ان فصل السلطات مر قبل ان يستقر بمراحل تاريخيه طويله منذ عهود قديمه (الرومان واليونان 347ق.م) مرورا بفلاسفة العصر الحديث امثال جان جاك روسو 1778-1712 . وكان يجب ان ابين ذلك في المقاله اما عن موضوعيه الكاتب فاانا اختلف معك كليا على ماتم ذكره من قبلك يخصوص نظام البرلمان البريطاني وحكومتها فهل اعتبرك انك شخص غير موضوعي واترك لك اعادة النظر بذلك وهذه هى ملاحظتى لك:
صحيح ان بريطانيا لاتمتلك دستور مكتوب لديهاوهذا معروف لكن تاريخ بريطانيا السياسي يبن بكل وضوح ان لديها مطبوعات قانونيه رئيسيه تخدم نظامها السياسي وتسمى
British consisutional law these document include the Magna Carta (1215) the bill of right (1689) the act of settlement (1701) and certain special act of the British parlimant وهذه القواننبن كافيه لادارة النظام السياسي التابع لهم وهي بقوة الدستور ومن قال لك ان البرلمان في بريطانياهو الدستور فالحكومة عليها تحديدات كثيره لاتستطيع ان تتجاوزها وحكومتها هى حكومه دستوريه وليس لجنة برلمانيه كماذكرت اما ما تنادى انت في الشارع من نظام برلماني فانت حر انا مثلا ارغب ان ارى حكومة الطبقه الوسطى تمثل التوازن في الدوله تستهدف الصالح العام بمعنى حكومة المواطنين اطلق عليها اسم ما شئت برلمانيه دستوريه الخ.
لم يبحث كاتب المقال في نظم سياسيه مقارنه لكن شكرا"لاهتمامك بقراءة المقال

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012