أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تعالوا نحلم في "ساحة العين" في السلط

بقلم : أحمد ابو خليل
01-03-2018 04:07 PM

هل من المبكر الخروج بتوقعات حول المشهد في ساحة العين في السلط؟
لكن حتى لو اكتفينا بما جرى للآن. فليس أمرا عاديا في بلدنا أن يجتمع هذا العدد من الرجال يوميا بهدف معلن هو إظهار حبهم وحرصهم وقلقهم على بلدهم؟ إنهم طوال الوقت يتحاورون ويستمعون لبعضهم ويهتفون ويهزجون ويتعانقون ويضحكون أحياناً، من دون أن يغيب عن بالهم ذلك الهدف.
في الوجوه ملامح جديدة، ولا يبدو أن ما يجري هو استئناف لما توقف عنده ما سميناه 'الحراك الشعبي' قبل سنوات. لقد شهدنا في ذلك الحراك أكبر عملية 'جرجرة' سياسية للجمهور، خلف ما تريده عواصم وسفارات وفضائيات وجماعات و'ثورات' وممولون وقادة طارئون كانوا يقولون للشعب قم فيقوم! إلى أن حصلت تلك الانتباهة الجماعية الوطنية المذهلة، فتوقفت المهازل.
هذا المساء قالوها في السلط صريحة عالية واضحة: ليس منا من يمد يده إلى سفارة، واجتماعنا ليس للتوظيف من قبل أي طرف، وولاؤنا لوطننا ولشعبنا ولدولتنا. لقد أعلنوا صنفاً 'رجوليا' أردنيا من الانتماء، وأقول 'رجولي' لأنهم يعلمون أنه انتماء مُكلِف ويتطلب التضحية ولا مكاسب فيه لأن السلطات لم تعد تقبله! وتفضل عليه أصنافا عافها ضمير الأردنيين.
بالطبع هناك تحركات مشابهة في مواقع أخرى لا تقل احتراما وقيمة عن تحرك السلط، لكننا هنا أمام ساحة جديدة لتحرك شعبي من نوع جديد.
تتكون شخصية بلدنا من امتزاج مجموعة من شخصيات مكوناته الجغرافية والبشرية والثقافية، ومن دون الانتقاص من أي مكون، يمكن القول إن للسلط حصتها الخاصة، فهي مركز البلقاء التي ضمت جزءا كبيرا من مساحة بلدنا وسكانه في فترة التأسيس.
لقد مرت الوطنية الأردنية بمراحل: ابتداء من جيل المؤسسين، الذين جدوا واجتهدوا كما اجتهد أقرانهم وإخوتهم في الدول العربية التي أقام حدودها المستعمر رغما عن الجميع. ولعل الأردنيين كانوا آخر من اعترف بتلك الحدود. وظلت وطنيتهم حاضنة ومرحبة بالوطنيات الجارة، وظلت وجوه الأردنيين يعلوها حياء عرفوا به، وهو حياء من يقوم بالواجب تجاه الآخرين.
وقد شهدت 'الوطنية الأردنية' حالات جَزْر وتراجع، تارة كخيار للسلطة، وتارة كخيار للمعارضة، اللتين اختارت كل منهما تعريفاً خاصا للوطن والوطنية لم يستطع أن يصل إلى القلوب والضمائر، واكتفى في أحسن الحالات بسطح العقول، وفق تعريف العقل حينها.
لكن الوطنية الأردنية ظلت تقاوم، وعبرت من حسين الطراونة وعلى خلقي الشرايري وماجد العدوان وصايل الشهوان إلى وصفي التل وفريقه ونهجه الذي لا يزال كامنا في قلوب وضمائر وعقول الأردنيين يستندون إليه في الشدائد.
قبيل تأسيس الدولة الحديثة خاطب زعيم الشمال المرحوم علي خلقي الشرايري زعماء البلقاء والكرك في رسالة دعاهم فيها إلى العمل على 'إقامة رابطة مدنية لهذا العش الصغير'.. هذه كلماته هو التي مر عليها 98 عاماً.
أحلم بأن في وجوه رجال ساحة العين، ووجوه إخوانهم في المدن الأخرى، بعضاً من ميراث الوطنية الأردنية. وأشعر أن المجتمعين في ساحة العين قرروا أن يمنعوا أيا كان من أن 'ينثر علينا عشنا الصغير' الذي نادى به أجدادنا.
هل في كلامي مبالغة؟ ربما! ولكن من فضلكم أريد أن أبالغ في محبة بلدي.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012