أضف إلى المفضلة
الجمعة , 31 كانون الثاني/يناير 2025
الجمعة , 31 كانون الثاني/يناير 2025


عَمليّة جنين بِدايةُ مَرحلةِ التَّصعيد لمِحور المُقاومة و”حماس″ قَرَّرَت العَودة إلى ينابيعِها وسَيَلْحَقها الآخرون

بقلم :
18-03-2018 06:10 AM

عَمليّة جنين ومَقتَل جُنديين دَهسًا ليست رَدًّا على ترامب وصَفقة قَرْنِه فقط وإنّما بِدايةُ مَرحلةِ التَّصعيد لمِحور المُقاومة و”حماس″ قَرَّرَت كَسْر حاجِز الاسْتسلام والعَودة إلى ينابيعِها وسَيَلْحَقها الآخرون


العَمليّة الفِدائيّة التي تَمثَّلت في دَهْسْ مَجموعةٍ من الجُنود الإسرائيليين، وأدّت إلى مَقتَل اثنين وإصابة ثلاثة آخرين كانوا يَحرسون مَوقِع عمل في مُستوطنةٍ قُرب مدينة جنين في الضِّفّة الغربيّة ربّما تُؤشِّر إلى مَرحلةٍ جديدةٍ من مُقاومة الاحتلال، مُرشَّحةٍ للتّصعيد في الأسابيع والأشهر المُقبِلة.
تَبنّي حركة “حماس” للعمليّة على لِسان المُتحدِّث باسْمِها حازم قاسم تَطوُّرٌ آخر يُؤكِّد أن استراتيجيّة الحَركة باتَت تُركِّز على قَتل جُنود الاحتلال، لإضْفاء طابَع المَشروعيٍة القانونيّة على هذهِ العمليّة وغَيرِها في المُستَقبل، وسَحب الذَّرائِع من دَولة الاحتلال.
السيد قاسم حَرص على التأكيد أن هذهِ العمليّة التي تأتي بمُناسبة مِئة يَوْمْ على صُدورِ قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقُدس المُحتلّة عاصِمةً لدَولة الاحتلال، مِثلما حَرِصَ أيضًا على الإشارة أنّها تأتي في إطار “انتفاضة القُدس″، التي لم تَكُن مَوْجَة غَضب، وإنّما فِعْلٌ مُستَمرٌّ حتى تَحرير الأراضي الفِلسطينيّة.
تأييد فصائِل فِلسطينيّة لها ثُقل على الأرض مِثل الجِهاد الإسلامي والجبهة الشعبيّة لهذهِ العمليّة نَقلةٌ نوعيّةٌ أيضًا، وانْعكاسٌ لقَرار جرى اتّخاذه بِتَصعيد العَمل المُقاوِم، وعدم الالتفاف للمُجتمع الدَّولي ومَواقِفه، وسَيف الإرهاب الذي يَرْفَعُه في وَجْه الشَّعب الفِلسطيني ويَصمِت في الوَقتِ نَفسِه على جرائِم الاحتلال وتَغوُّل استيطانِه.
إنّه الهُجوم الثّاني في غُضون أُسبوعَين، وفي مدينة جنين تحديدًا، المَعروفة بتاريخِها الحافِل في مُقاومة الاحتلال وتَقديم الشُّهداء، وكان آخرهم الشهيد أحمد جرار الذي قَتَل حاخاما إسرائيليا قُرب مُستوطنة في مدينة نابلس قبل شَهرين.
الشَّعب الفِلسطيني وصل إلى مَرحلة من الغَضب غير مَسبوقة، وفَقد الأمل بِكُل الحُلول السِّلميّة، والسُّلطة التي تبنّتها وتَدّعي الحَديث باسْمِه وتَمثيلِه، ومن غير المُستَبعد أن تكون مُحاولة تَفجير مَوكِب الدكتور رامي الحمد الله عِند مَدخل مدينة غزّة رِسالة واضِحة المعالِم في هذا الصَّدد.
حركة “حماس” قرّرت العَودة إلى المُقاومة النوعيّة، سواء بالسِّلاح النَّاري أو الدَّهس، أو الطَّعن بالسَّكاكين، وباتَ جَناحها العَسكريّ هو الذي يَمْلُك اليَد العُليا، ويُقيم تحالفاتٍ استراتيجيّة قَويّة مع مِحور المُقاومة في لبنان وإيران وسورية والعِراق، والعُنوان الرَّئيسي هو تَصعيد المُواجَهات في الضِّفّة، حيث إمكانيّات المُواجَهة مع الاحتلال وقُوّاته ومُستَوطِنيه مُتاحة، على عَكس قِطاع غَزّة المُحاصَر بالأسلاك الشَّائِكة الإلكترونيّة.
طَفَح كَيل الشَّعب الفِلسطيني، ولم يَعُد يَحتمِل الإذلال والإهانات وضَياع حُقوقِه، وتَهويد مُقدَّساتِه، فحَل الدَّولتين انْهار، وحَل الدَّولة باتَ غَير مَقبول، والعَرب، وفي الخليح خاصَّةً، باتوا يَرون في إسرائيل حَليفًا و”حامِيًا”، ويُطبِّعون العَلاقات عَلنًا معها، والسُّلطة باتت بِلا سُلطة، ورئيسها مَريض ويُقال أنّ أيّامه مَعدودة، وهُناك مِليونا فِلسطيني في قِطاع غزّة يَعيشون على أقل من وَجبةٍ في اليَوْمْ، ولا يَستطيعون عِلاج مَرضاهُم، وفي ظِل هذا الوَضع المأساوي من يَلوم الفِلسطينيين إذا ما انتفضوا دِفاعًا عن كرامَتِهم وعِزَّة أنفسهم؟
الإسرائيليون أضاعوا فُرصَةً ذهبيّةً للتوصُّل إلى السَّلام، وارتكبوا خَطأً استراتيجيًّا عندما اعْتقدوا أن الشَّعب الفِلسطيني اسْتسلم وفَقَد الرَّغبة في المُقاومة، وأثبتوا عَمليًّا ومَعهُم بعض رِجال السُّلطة في رام الله أنّهم لا يَعرِفون هذا الشَّعب جيّدًا، فهو مِثل الجَمل يَصبِر على جلّاديه، ولكن عِندما يَطْفَح كَيله يَثُور ويَغضَب لكرامَتِه ويُدَمِّر كُل شَيء أمامه.
السُّلطة الفِلسطينيّة التي راهَنت على أكاذيب المُجتَمع الدَّولي في السَّلام تَقِف على حافّة الانْهِيار، إن لم تَكُن انْهارَت فِعلاً، ومُحاولاتها كَسْب الوَقت، وإشغال الشَّعب الفِلسطيني في حَركات بَهلوانيّة مِثل عَقد المَجلس المَركزي ثم الوطني، باتَت مَكشوفةً، واستنفذت أغراضها، وسَتكون المُقاطعة لدَورة انعقاد المَجلس الوطني نِهاية نيسان (إبريل) المُقبِل هي الرَّد على هذا الخِداع.
حركة “فتح” التي تَحمّلت وِزْر عَمليّة السَّلام المَغشوشة بَدأت عَناصِرها الشابّة الوَطنيّة “تتململ” ولا نَستبعِد أن تَعود كوادِر الحَركة إلى ينابيعِها الأولى، وتَنضم إلى حَركة المُقاومة الجَديدة التي تتبلور بِشَكلٍ مُتسارِع.
تهديد إفيغدور ليبرمان، وزير الحَرب الإسرائيلي بإعدام الشَّاب المُنفِّذ لعَمليّة الدَّهس هذهِ لن تُخيف المُقاومين الشُّبّان الجُدد الذين يَحظون بَقَدرٍ كبيرٍ جدًّا من الإقدام والشَّجاعة، فهؤلاء جَميعًا هُم مَشاريع شَهادة، ويَتمنُّون المَوت دِفاعًا عن كرامَتِهم وسَعيًا لتَحرير أرْضِهم.
نَعَم الإسرائيليون لا يَعرِفون الشَّعب الفِلسطيني، والعَرب أيضًا للأسف، ونَحن نَتحدَّث هُنا عن حُكومات وليس شُعوبًا، والأيّام والأسابيع، والأشهر المُقبِلة، سَتُثبِت عَمليًّا ما نَقول، وراقِبوا جِنين ونابلس وطُولكَرم والخليل والقُدس وكُل مُدن الضِّفّة جَيّدًا، وسَيأتيكُم الجَواب حَتمًا.. والأيّام بَيْنَنا.
“رأي اليوم”

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012