أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عجباً كيف تنــــــام النخب ؟

بقلم : سالم الفلاحات
28-03-2018 04:34 PM



لا يفارقني هذا التساؤل كثيراً وقد لا يفارق الكثيرين..

ولا أعني بالنخب هنا طبقة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية محددة، إنما أعني بالدرجة الاولى كل من يهتم بالأمر العام ويتفاعل معه ويدرك خطورة الواقع والمستقبل.

قرأنا في بعض صفحات تاريخنا كيف عاش بعض الرواد لأمتهم حتى يقول سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام: مضى عهد النوم يا خديجة.

ويقول خليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أينقص الدين وأنا حي .

ويقول سعد بن الربيع: قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقول صلاح الدين: كيف أضحك والأقصى أسير، ولم يحج مرة واحدة لانشغاله بالأهم حسب تقديره.

ويقول أحمد ياسين: لم استرح والراحة عندي في التعب.

والقائمة تطول....

والنخب أنواع منها السلبي وهي التي امتلكت من القدرات التي تمكنها من استغلال مقدرات الوطن لنفسها والسيطرة على قراراته السياسية والاقتصادية والتربوية وغيرها، وتشويه صورة ما سواهم والحيلولة دون وصول رأي الفريق الآخر الأكثر والأوسع والأصدق.

ولا شك أن هؤلاء ، حتى لو اختلفت معهم فقد أفادوا من تجارب الوصوليين في التجربة الإنسانية واستخدموها ووظفوها لمصلحتهم.

أما النخبوي الإيجابي المنتمي لأمته ووطنه وللقيم العليا، والذي آخر ما يهتم به مصالحه الخاصة وبمستوى 'ولا تنس نصيبك من الدنيا'.

لكنهم مميزون فعلاً بهمهم واهتماماتهم وعطائهم وصبرهم وسعة أفقهم وتقديم مصالح الامة على مصالحهم وراحتهم وحتى حقوق بيوتهم، وعلى أمثال هؤلاء تقع المسؤولية الكبرى والعُتبى على سواهم لا قيمة لها.

إلى هؤلاء أقول.. اختلوا بأنفسكم ساعة مراجعة ساعة واحدة فقط بلا مُشْغلات ولا هواتف ولا محادثة أحد ولا مشاهدة لمشتتات، وفي ساعة حضور ذهني مميز قد تكون قبيل الفجر أو في الصباح الباكر أو قبل ساعة النوم المعتادة بساعة واحدة، وسائل نفسك وسائلي نفسك سؤال الواجب، وبمقدار قيمتك ونخبويتك الحقيقية ستكون الاسئلة أشد حرجاً وأحوج إلى سرعة الإجابة العملية، وليس منها إلقاء اللوم على أحد، وباعتبارك المسؤول الرئيس والمعني الأول كما قال كبير المجددين في العصر الحديث الأستاذ حسن البنا رحمه الله وكان في العشرين من عمره فقط متمثلاً قول طرفة بن العبد في معلقته:

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنا عنيت فلم أكسل ولم أتبل

هل الأمة في خطر حقيقي وهل التهديدات حقيقة واقعة ؟

وهل أستطيع أن أقدم وأعمل أفضل مما أنا عليه ؟

هل أنا مسؤول أمام الله والأجيال ؟

هل أنا معذور ؟

وكيف يمكن أن أسهم بما أستطيع ومع من ومتى ؟

وهل بقي وقت للانتظار ؟

وبعد أن اجتهد الفريق الأول لمصالح ضيقة وأنانية فردية لفترة العمر وهي قصيرة وإن طالت، وهزيلة وإن تعاظمت، وسخيفة ولو تزينت، أما وجب على الاخيار الوطنيين الصادقين بمختلف مدارسهم واتجاهاتهم الفكرية أن ينهضوا لدرء الأخطاء وإنقاذ الأمة قبل فوات الاوان والتوقف عن لوم الآخر فقط لتبرئة النفس والبحث لها عن معاذير.
إن الفتى من يقول هاأنذا...

لقد قال الله تعالى: 'وقفوهم إنهم مسؤولون'، 'كل نفس بما كسبت رهينة'، 'وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون'.

وأما القول الحاسم والأكثر حسماً فهو قول الله تعالى: 'أولمّا أصابتكم مصيبة قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم'.

ربما تنضج النخب في العادة بعد الخمسين في الغالب، وترى ماذا بقي من العمر لمعظمهم ؟ ألا تكون المسؤولية الوطنية بعد تقاعد معظمهم ألزم وأوجب.

وكما قال الصحابيان الجليلان وقد تقدمت بهما السِّن اليمان بن جابر وثابت بن وقش: ما بقي من أعمارنا إلا كظمئ حمار ؟ ألا نلحق بإخواننا في أحد ولعل الله يرزقنا الشهادة..

هل بقي وقت للتسويف واللوم والقعود ومتى ننتصر للوطن والأمة ؟

والرجال في الشدائد والملمات والصديق للوطن عند الضيق.

وصدق الشاعر الأبيوردي في تعجبه:

وكيف تنام العين ملء جفونها على هفوات أيقظت كل نائم



سالم الفلاحات

28/3/2018م


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012