أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


«القدس والسفارة»

بقلم : بسام البدارين
29-03-2018 03:30 AM

قد تتوفر مساحة أكبر من الصعوبة سياسياً عندما يتعلق الامر بأي خطوات يقترحها مفكر سياسي من وزن الأردني عدنان ابو عودة للتصرف في وجه التسارع الوقح للإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس وسط حالة غير مفهومة من البقاء أردنيًا في مستوى الصدمة والدهشة والإحساس بعدم وجود ما يمكن فعله.
أبو عودة لامس عمليًا المنطقة نفسها التي لامسها قبله المخضرم رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري حيث سبق للأخير ان اعلن أن ملف القدس يفلت من يد الفلسطينيين والعرب وسط تسارع إجرائي في خطوات اليمين الإسرائيلي لاقتناص وامتصاص كل ما يمكن بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بالخصوص.
وتحدث عبر صحيفة عمون المحلية الالكترونية عن «وقاحة» إسرائيلية قل نظيرها تستهتر في الشعب العربي والقانون والمجتمع الدولي وقبله بثلاثة أسابيع أشار المصري لعدم وجود ما يمكن فعله لأن الواقع يتم تغييره في القدس. وتغلب بوضوح على النخب السياسية الأردنية خصوصاً تلك التي خارج دوائر القرار والحكم مشاعر الاحباط السياسي.

صمت غريب

داخل دوائر القرار المحلية ثمة ما هو أبعد من الإحباط حيث الصمت الغريب والأهم في وزارة الخارجية بدأ دبلوماسيون أردنيون يبلغون ضيوفًا أجانب بأنه «لا يوجد ما يمكن فعله».
العبارة الوحيدة التي يبدو انها غير مرسومة في السياق وردت على لسان رئيس مجلس النواب عاطف طراونة في إجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي الذي هاجم رئيس الوفد الإسرائيلي معتبرا انه يمثل دولة تعتقل الأطفال ثم رفع الصوت على المايكروفون وهو يقول بأن بلاده لن تتنازل عن «الوصاية الهاشمية».
هجمة الطراونة هنا مرسومة وتستوجب التصفيق وإن كانت غير منسقة مع الموقف الرسمي التفصيلي على الارجح لأن دوائر المسئولية العميقة بدأت تميل في مستجد بغاية الاهمية لعدم التشدد في الحديث أولاً عن القدس. وثانياً في التسمك بخوض معركة من أجل الوصاية حتى ان بعض السياسيين المخضرمين وفي الاجتماعات المغلقة بدأ يدعو لاستغلال اللحظة والتملص من عبء الوصاية الضاغط على اعصاب الأردن ومصالحه والانتقال لمفهوم الرعاية وترك الوصاية لمنظومة إسلامية مع المجتمع الدولي وهو اتجاه يقاومه القصر الملكي بصلابة حتى الان.
«الوصاية» على القدس هي مفردة لم يعد يرددها المسئولون الأردنيون في الوقت الذي يجتهد فيه مسئولون في حكومة الرئيس هاني الملقي لإطلاق تصريحات تتميز بالتوازن الشديد وتعكس حقيقة «ميزان القوى» على حد تعبير وزير بارز في الحكومة تحدث عن مفارقات المسألة مع «القدس العربي» قائلاً إن دوائر القرار الأردني فعلت ما تستطيع فعله ومن الصعب الان الاسترسال في إطلاق تعليقات وتصريحات لا تعكس الواقع.
في الخارجية الأردنية قيل لسفير أجنبي إن الأردن لا يستطيع وحده وبدون غطاء عربي الأستمرار في خوض المعركة مع إسرائيل وإدارة ترامب معا بشأن القدس مع ان الوزير ايمن الصفدي يبلغ كل من يقابله من الأجانب بان «التسارع» في إجراءات نقل السفارة الأمريكية للقدس «وصفة خاصة» تخدم فقط الإرهاب في منطقة الشرق الاوسط وتزيد الهوامش مع الحل السياسي ولا تعالج اساس الصراع.
يتحدث الأردنيون بهذه الطريقة لكنهم لا يحددون سيناريو خاصا للتصرف والمناخ السياسي مائل الان لترقب مصير «الوصاية الأردنية» على مقدسات القدس بعدما استكان الخبراء في المنطقة التي تقول إن الأردن والسلطة الفلسطينية لا يستطيعان معاً التأثير في مجريات الامور بخصوص ملف القدس. فالأمريكيون لا يستمعون لا للأردن ولا لغيره عندما يتعلق الامر بالعمل على تأجيل تنفيذ قرار نقل السفارة قليلاً على الاقل حتى تنضج ملامح تسوية اشمل.

رسالة لعمان

الرسالة ابلغت لعمان من إدارة ترامب مبكرًا وتقول: ستنقل السفارة وسيتم التفاوض لاحقاً على «إدارة الحرم والأقصى»… تلك صيغة حمالة أوجه لأن الواقع القانوني الدولي أقر اصلاً بالوصاية القانونية والشرعية للأردن على الحرم والأقصى حيث يرفض الأردن التفاوض معه على المحسوم والمحدد فيما تخوض البيروقراطية الأردنية وحيدة معركة حراسة وتأمين ورواتب العاملين في المسجد الأقصى. الأهم هو ما تقره في العمق المؤسسات الأردنية حيث الحلقات الصديقة في العمق الإسرائيلي وعلى صعيد المؤسستين العسكرية والامنية لا تفعل شيئاً محدداً للتخفيف من إندفاعات طاقمي ترامب ونتنياهو في تغيير الواقع بسرعة في مدينة القدس والأردن قال مبكراً للأمريكيين إن ما يحصل من تسارع خطير للغاية وقد يؤدي لانتفاضة فلسطينية وسيثير الشارع الأردني.
الرد الأمريكي جاء على شكل تذكير بان الشارع العربي احتشد لـ18 يوماً فقط وبطريقة أقل من المتوقع واقصر بأسبوعين من المرسوم وفي خمسة بلدان عربية فقط عندما اتخذ ترامب قراره مع الاشارة إلى ان انفعال الشارع حصل على مداه وسقفه ولا يوجد ما يبرر الاستثمار في هذه المسألة لا أردنياً ولا فلسطينياً.
ملف القدس يفلت من الحضن العربي والأردني لأسباب لا علاقة لها بقدرات الأردن ولا بموقفه فقد ناضل بشراسة قبل ان ينكشف ظهره سياسياً حيث لا موقف من مصر والسعودية تحديداً بإعتبارهما أكبر دولتين عربيتين.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012