أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


انتفاضة غزة بين مفاوضات فتح ومقاومة حماس

بقلم : عمر الرداد
09-04-2018 12:51 AM

تتواصل الانتفاضة الفلسطينية في قطاع غزة ، والمقرر أن تستمر وصولا الى الخامس عشر من أيار، موعد الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية ،وتزامنا مع موعد افتتاح السفارة الأمريكية التي قرر الرئيس الأمريكي ترامب نقلها الى القدس، في إطار ترجمة الخطوات الأولى لصفقة القرن ، التي ستفضي بحال إقرارها الى دولة فلسطينية منقوصة ،جوهرها السلام الاقتصادي والأمني بين إسرائيل والفلسطينيين وعاصمتها الجديدة في ابو ديس ، وإنهاء ابرز واخطر ملفات الحل النهائي وهو عودة اللاجئين ،بإغلاقه بلا رجعة، عبر إجراءات تم البدء بتنفيذها من خلال وقف تمويل ال”اونروا” ،وخاصة في قطاع غزة.
انتفاضة غزة الجديدة ، إضافة لما أبرزته من إبداعات فلسطينية ميدانية ،عنوانها استخدام الكاوتشوك والمرايا ،والرهان على ممارسة حرب استنزاف طويلة الأمد مع الجيش الإسرائيلي ، وهو ما يعني أنها انتفاضة سلمية ،إلا أن أهم رسائلها أنها تعلن رفضا مطلقا مزدوجا لسياسات السلطة الفلسطينية ورهاناتها في تحسين شروط التفاوض،وعدم قدرة حماس على إدارة قطاع غزة بما يضمن توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش،وإخضاع القضية الفلسطينية من قبل حماس والسلطة لتقلبات التحالفات والصراعات الإقليمية ،خاصة وان هناك “طبخات” يتم انجازها بغطاء أطراف عربية مع صفقة القرن، من خلال تحسين شروطها، لدرجة أن أوساطا ترى أن هذه الانتفاضة غير بعيدة عن المحورين السعودي المصري الذي تتعاطى معه السلطة الفلسطينية ،مقابل المحور التركي الإيراني ، الذي تتحالف معه حماس.
ورغم الآمال العريضة بكون انتفاضة غزة تشكل فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام الفلسطيني بين حماس وفتح ، الا أن ردة الفعل في الضفة الغربية ،حيث تسيطر حركة فتح لا تبشر بإمكانية تحقيق تلك الآمال،اذ تبدو الضفة الغربية وكأنها دولة مجاورة سقفها إصدار بيانات التنديد والشجب والاستنكار للإجراءات الإسرائيلية واستخدام الجيش الإسرائيلي للقوة “المفرطة” ضد المتظاهرين العزل، وتمضي في استعداداتها لعقد المجلس الوطني الفلسطيني في نهاية نيسان الجاري لدراسة كيفية التعامل مع ما يمكن ان تعرضه صفقة القرن.
هذه الانتفاضة ،على أهمية رسائلها في تأكيد حق العودة وان اللاجئين لن يقبلوا الا بالعودة الى ديارهم ،ووضع المجتمع الدولي والقمة العربية القادمة أمام مسؤولياتهما بإيجاد حل منصف للقضية الفلسطينية، جوهره القدس وعودة اللاجئين وفقا للقرار الدولي 194،إضافة لكونها ردا على صفقة القرن الأمريكية ،إلا أن خطرين يحيطان بها ، وهما الأول: استمرار امتناع الضفة الغربية (رغم المعطيات التي تم فرضها منذ أوسلو بربط سكان الضفة الغربية مع إسرائيل، وخاصة في الجانب الاقتصادي والمعيشي )عن إطلاق انتفاضة شعبية موازية ،وبما يظهر وحدة الشعب الفلسطيني ، والثاني: تحول الانتفاضة في غزة الى العمل المسلح،بتنفيذ عمليات عسكرية وخاصة إطلاق صواريخ من غزة على مناطق مدنية داخل الخط الأخضر ، وهو ما يعني تراجع حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني،والعودة إلى “معزوفة” الإرهاب ،هذا الخطر سيظل قائما في ظل استعداد وقابلية جهات فلسطينية في غزة للقيام به،وفي ظل سيطرة حماس على قطاع غزة سيتم تحميلها مسؤولية أية عملية تنفذ من قطاع غزة.
انتفاضة غزة ربما لا تحقق كافة آمال وتطلعات الفلسطينيين في التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة ،الا أنها ترسل الرسالة الأهم ،بأنه اذا كانت صفقة القرن تؤسس لمرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عنوانها شبه دولة فلسطينية بلا قدس ولا عودة للاجئين ،فان هذه الانتفاضة السلمية الحالية ،تؤسس لمرحلة مقابلة في التمسك بالحقوق الفلسطينية، ودون تغييب حقيقة ان الضفة الغربية “المحتلة” أحق بهذه الانتفاضة من غزة”المحررة” وان الشعب الفلسطيني فوق حماس وفتح، واللعب بالقضية الفلسطينية باعتبارها ورقة تتقاذفها تحالفات وصراعات الإقليم.
كاتب،وباحث بالأمن الاستراتيجي.راي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012