|
|
مش أنا
بقلم : د. رشيد عباس
11-04-2018 10:13 PM
في الصف الخامس الابتدائي اذكر ان احد طلاب الصف احضر معه ذات يوم (بالون) احمر اللون, ومع نهاية الحصة الاولى قام هذا الطالب بنفخ البالون الى اقصى حجم وفقعه داخل غرفة الصف ليخرج من البالون صوت قوي مدوّي,..وعلى الفور حضر مدير المدرسة ومعه مجموعة من المعلمين وبدأت عمليات التحقق والتحقيق لمعرفة من الفاعل واستمرت هذه الاجراءات وقت طويل دون نتيجة تذكر, لم تتوصل ادارة المدرسة الى من هو الفاعل كوننا اتفقنا نحن جميع طلاب الصف على عدم الاعتراف مهما كلف الامر,..كانت اخر محاولة لمدير المرسة انه قام بتوجيه سؤال لكل طالب فينا, كان السؤال قصير مفاده هل انت الذي فقع البالون؟ كانت اجابات جميع الطلاب دون استثناء تتكون من كلمتين خفيفتين على اللسان هما (مش انا) مع تحريك الرأس للأعلى وهز احد الكتفين. انا وبقية الطلبة كنا نعرف بالضبط من هو الفاعل لكن بصراحة ولكم ان تعذرونا هنا يا سادة يا كرام كنا نخشى هذا الطالب مرتكب الجرم كنا نخشاه كونه بايعها بامتياز من جميع النواحي وكان قوي العضلات وشديد البنية, ولديه استعداد لخوض اية طوشة او اية هوشة دون حساب او عذاب,..يذكر أن الفرق بين الهوشة والطوشة كلغة كتابة هو حرفي الهاء والطاء فقط, في حين ان الفرق بينهما في ارض الميدان هو ان الهوشة هي الكلمة الأكثر دموية وهي أكبر من الطوشة, فالهوشة هي قتال بالسكاكين والمواس وغير ذلك من الأدوات الحادة, أما الطوشة فهي قتال بالعصي والقناوي والحجارة وما شابهه ذلك. الغريب العجيب هذه الايام ان الجميع يقول جراء شن هجوم كيماوي بصواريخ مجهولة تضرب مطار التيفور العسكري وتصيب اطفالا سوريين وتؤدي الى اختناقهم وموت البعض منهم الجميع يقول (مش انا) مع هز رتب الكتفين,..ان سياسة مش انا في غرفة الصف كانت مقبولة, كون غرفة الصف لا يوجد فيها اجهزة تصوير واجهزة تصنت متقدمة جدا, في حين ان سياسة مش انا جراء شن هجوم كيماوي بصواريخ مجهولة تضرب مطار التيفور العسكري غير مقبولة ابدا في الوقت الذي يوجد فيه هذه الايام تكنولوجيا عسكرية تستطيع تصوير ذرات التراب الموجودة تحت الصخر فيها, وتستطيع سماع دبيب النمل في بيوتها داخل باطن الارض فيها. يبدو ان الامر بين المعنيين كما قال جارنا ابو محمود والذي تجاوز التسعين عاما, وقد تفّرقت جميع اسنانه, قال بالضبط واصفا المشهد هناك وبلغته البسيطة (بدت طوشة وانتهت هوشة, والحجّاز الو ثلثين الكتلة), والمضحك المبكي هنا ان جارنا ابو محمود اطال الله في عمره شهد العديد من الطوش في شبابه وهو من انصار الطوشة والمدافعين عنها بقوة في جميع المناسبات,..بقي ان نقول ابو محمود هذه الايام يجلس على ركبه ونصف ويعيش اقصى درجات الاستنفار وعصاه دائما معه يتكىء عليها, ويهش بها الاطفال من حوله, وله فيها مآرب أخرى.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|