أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل يسهم دخول قوات عربية إلى سوريا في حل الأزمة؟

بقلم : عمر الرداد
20-04-2018 04:02 PM

تؤكد التسريبات حول طرح الولايات المتحدة مقترحا بإحلال قوات عربية محل القوات الأمريكية المتواجدة في شرق سوريا ،تحت عنوان محاربة داعش ،بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة، مدى جدية الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا ،وان ما طرحه الرئيس الأمريكي قبيل الضربة الصاروخية التي نفذتها أمريكا بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا ،بهذا الخصوص لم يكن عبثا .
لكن المقترح الأمريكي لا يعكس وجود خطة متكاملة ،توضح مهمة هذه القوات العربية البديلة ،ولا حجمها ولا الدول المشاركة فيها ،باستثناء إشارات إلى أنها ستكون سعودية إماراتية مصرية ،وان مهمتها الرئيسية مواصلة محاربة داعش في المنطقة ، التي تتناقض التصريحات الأمريكية ما بين القضاء عليها واستمرار خطرها،وهو ما يؤكد الحقيقة القائلة أن أمريكا ما زالت “تتلمس” خطة إستراتيجية للتعامل مع القضية السورية ،خاصة وان سياساتها في سوريا قاسمها المشترك بناء ردود فعل على خطوات التحالف الذي تقوده روسيا على المستويين السياسي والعسكري.
تساؤلات عدة تطرح ،حول الدول العربية المشاركة في القوة البديلة ، إذ إن الدول الثلاث المقترحة ،رغم كونها تشكل تحالفا في المنطقة، إلا أنها تتباين في مواقفها تجاه النظام السوري والموقف من مستقبله،كما تطرح تساؤلات حول المسوغ القانوني لدخول قوات عربية الى سوريا وموقف السلطات السورية وحلفائها منها، ارتباطا بالموقف السوري الدائم ،ومضمونه أن أية قوات تدخل سوريا دون تنسيق معها تعتبر قوة احتلال،خاصة وان تلك القوات المفترضة لن تكون قوات حفظ سلام ،قادمة على ضوء اتفاقات سلام بين أطراف النزاع السورية ، على غرار دخول القوات السورية الى لبنان بعد الحرب الأهلية بقرار عربي حينها.
مؤكد أن القوة العربية ستكون هدفا مشتركا لكافة الخصوم الذين يخوضون الحرب الحالية في سوريا ،بدءا من قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، إضافة لروسيا،وتركيا، وتنظيم داعش ، وربما يشكل وجود قوات من تحالف الاعتدال العربي فرصة لهذه الأطراف للانتقام منها ،خاصة من جانب الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والمليشيات الإيرانية وتنظيم داعش ، خاصة في ظل قدرة إيران على عقد صفقات مع داعش، وهو ما يعني تجديد دورة العنف في سوريا ،ومنحها روحا جديدة لإطالة أمد الأزمة.
الاحتمالات تشير إلى أن من بين الأهداف البعيدة للمقترح الأمريكي، مخططات أمريكية يجري تداولها في أوساط أمريكية وعربية ، لتوجيه ضربة عسكرية للقوات الإيرانية في سوريا ، بعد القرار الأمريكي المتوقع بخصوص تعديلات ستتم على الصفقة النووية مع إيران ،والتي سيعلن عنها الشهر القادم،ومن الملفت هنا تصريحات روسية جديدة حول عدم تحملها أية مسؤولية عن مواجهة محتملة بين إيران وأمريكا في سوريا ،وان المليشيات الإيرانية لا تقع ضمن تنسيق العمليات المشتركة الروسية السورية ،إلا أن المؤكد أن هذه الضربة المفترضة ستزيد الأمور تعقيدا في سوريا ،وسيمتد تأثيرها على المنطقة والإقليم ،باحتمالات واسعة لحرب مفتوحة ستجد كافة الإطراف في المنطقة نفسها مضطرة للمشاركة فيها بشكل أو بأخر،مع الأخذ بعين الاعتبار ان إيران لا تخوض الحرب في سوريا من خلال جيوشها النظامية ،وإنما من خلال مليشيات شيعية عراقية و باكستانية وأفغانية، ما سيعزز روح المغامرة لديها.
وفي الخلاصة ،فان دخول قوات عربية”بأية صيغة كانت” الى سوريا تأخر كثيرا ، وينسجم مع الغياب العربي السياسي عن الأزمة السورية ،وتركها للتحالفات الدولية والإقليمية، والأجندة التركية والإيرانية في المنطقة، ولن يسهم المقترح الأمريكي في إنهاء الحرب في سوريا، بل سيفتح فصلا جديدا في هذه الحرب،وسيضعف احتمالات تحقيق تقدم على المسار السياسي، الذي يرجح أن الضربة الصاروخية الأخيرة فتحت افقأ جديدة له في جنيف.
كاتب ،وباحث بالأمن الاستراتيجي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012