الفصائل الفلسطينية

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

الفصائل الفلسطينية

بقلم : عبدالحليم المجالي
28-04-2018 05:16 AM

الفصائل جمع فصيل ، من فصيلين واكثر ، ببساطة ، اكثر من تنظيم واكثر من قيادة واكثر من رؤية واكثر من برنامج ، تكرار الحديث عن فصائل فلسطينية وليس فصيلا واحدا ، مظهر من مظاهر الانقسام الفلسطيني المزمن ، مظهر آخر طارئ للانقسام الفلسطيني حول المجلس الوطني الفلسطيني المنوي عقده في رام الله ، هناك من يصفه باللاوطني وطرح مجلسين بديليين واحد في غزة وآخر في بيروت .. وحول الكلام في هذا الموضوع والتبريرات والاتهامات ...سد اذنك .
ابدأ بما اعلم وما هو اكيد ....في نيسان من عام 1970 عدت من ابوظبي الامارة قبل وحدة الامارات ، كنت احد اعضاء بعثة عسكرية اردنية ، هي الاولى المرسلة لقوة دفاع ابوظبي . اراد اخي الاكبر ان يولم بهذه المناسبة ، كان ذلك عاديا ، ولكن غير العادي ان حضر الوليمة اشخاص باسلحتهم الفردية يرافقون احد شيوخ قريتي ، كانوا ينتسبون للجبهة الشعبية ، طبعا كان ذلك محرجا لي كضابط في القوات المسلحة بحضور افراد من الجبهة الشعبية الى منزلي فقد كانت الجبهة من التنظيمات غير المرحب بها رسميا .
كيف حصل ذلك ومن الذي جاء بالجبهة الى قريتي الوادعة ؟ الجواب ان الشيخ الاول في القرية ساعد فتح على تاسيس قاعدة لهم في قريتنا ، جكر به قام الشيخ الثاني بمساعدة الجبهة الشعبية من مبدأ ما حدا احسن من حدا . الكفاح المسلح الفلسطيني تأ ثر بانقسام قريتي بين شيخين فتم بناء خيمتين خيمة لكل فصيل وعلمين ولكل خيمة روادها ...كان اساس الانقسام الشيخة وما يأتي منها . ألمخابرات فتحت ملفا لاخي على انه خطير بانتمائه للجبهة الشعبية ، علما انه مشى معهم ارضاء للشيخ لاغير، ظل هذا الملف يلاحقه وكان موضع تندر لنا العارفين بالحال .

ما جرى في قريتي ، يمكن اسقاطه على الدول العربية وتعاملها مع الفلسطينيين ، الذين لا بد لهم من اللجوء الى الكفاح المسلح وحمل السلاح والنضال من اجل تحرير ارضهم والعودة اليها آجلا او عاجلا ، من باب اولى لا بد لهم من الرجوع الى اهلهم العرب وطلب المشورة والمساعدة منهم قبل غيرهم ، بناء عليه لابد من تأثرهم بالانقسامات العربية الواضحة والتناقضات الفكرية وحتى المزاجية ، لا بد لهم من مراعاة خاطر هذا الشيخ العربي وتشكيل فصيل على مزاجه ، وتشكيل فصيل اخر على مزاج الشيخ الثاني والسير على خطى شيوخ العرب المختلفين فكرا ورؤية واصطفافات ، حتى يمشي الحال لا مانع من الخلافات بين تلك الفصائل ، ولا بد ان يكون في اضيق الحدود .
جاءت اتفاقية اوسلو وكرست الانقسام الفلسطيني كانقسام حاد بين نهجين مختلفين لحل القضية الفلسطينية ، الكفاح المسلح النهج الاول والصاعد ، والمفاوضات برعاية امريكية حصريا والمتراجع , وظهور اتباع ومشجعين لكل نهج يقف على طرف نقيض مع الطرف الاخر . اوسلو فتحت الباب على مصراعيه لانقسامات فلسطينية افقية وعامودية حادة في الثوابت للمشروع الوطني الفلسطيني ضيقت من هامش الالتقاء ، الاجتماع في مكة وتحت استار الكعبة وكل تلك القدسية والرعاية السعودية لم تضمن التوافق لبضعة اشهر.
الفصائل الفلسطينية ، التي تعود في بدايات تشكيلها الى التناقضات العربية ، باتت اليوم في اوضاع صعبة وخاصة على صعيد التأييد الشعبي الفلسطيني بالدرجة الاولى والتأييد الشعبي العربي ثانيا. يتزامن ذلك مع ارتفاع الاصوات العربية ايضا بالنقد الحاد واستهجان المواقف العربية الرسمية التي تجاوزت كل حدود الضعف والتبعية للاجنبي الى حدود اذلال المواطن العربي وارباكه وايصاله الى اقصى درجات اليأس والقنوط وانسداد كل افاق الانفراج في وجهه.
الامة العربية بقضها وقضيضها والفلسطينيون بفصائلهم في ازمة حادة تلفهم جميعا ، الازمة العربية الفلسطينية تجاوزت الاشخاص والتيارات الى ازمة فكر ومرجعيات فكرية وسياسية ، بات واضحا الصراع بين فكرين الاول المقاومة والكفاح المسلح والثاني التفاوض والاعتدال . كلا الفكرين لا يملكان مشروعا واضح المعالم وانما هي اجتهادات واصطفافات متغيرة ترتب علىها فقدان الامة والفلسطينيين مشاريع واضحة محددة الاهداف والوسائل . للخروح من تلك الازمة ، عربيا وفلسطينيا ، لابد من مشروع وطني عربي وحدوي نهضوي يتجاوز كل الاخفاقات العربية التي حطمت كل امل بالنصر على اعداء الامة ونجاتهم من دفع ما يترتب على تدخلهم السافر من تبعات ...الوحدة العربية ، بمرجعياتها الفكرية , الامل المرجو بجمع الامة ومقدراتها لتحقيق تطلعات شعوبها وخلق المرجعيات المتفق عليها لتجنب اي اختلاف ، وهذا موضوع يأتي على قمة كل المواضيع وجدير بالدراسة ...