أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


المهندس عبدالحميد العبادي يكتب : حكومة لا ورقية في العام 2020 بين الحلم وواقع العمل

بقلم : م. عبد الحميد العبادي
18-06-2018 11:23 AM


وجه جلالة الملك عبد الله الثاني الحكومة ممثلة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأن يكون العام 2020 عام الحكومة اللا ورقية، رسالة ملكية سامية تتسق مع ما تشهده دول كثيرة حول العالم من تحول ملموس في هذا الاتجاه، الا ان تحقيقه بحاجة ماسة لعمل حقيقي وتعاون جاد بين كافة الاطراف br>ذات الاثر في التنفيذ.
في نظرة شمولية لواقع ما تم تحقيقه من مشاريع الحكومة الالكترونية على اقل تقدير اخر اربع سنوات تقريبا، والتي بدأت بالاعلان عن ان هناك 110 خدمات حكومية الكترونية جاهزة، وبعدها بدأ هذا الرقم بالتقلص تدريجيا الى ان وصل الى ان هناك 7 خدمات جاهزة!، اي ان القاطرة تسير الى الوراء.
عللت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عدم الانجاز الحقيقي في مشاريع برنامج الحكومة الالكترونية الى اسباب متعددة كان اخرها التصريح بعدم وجود تمويل كاف لهذه المشاريع التي تحتاج لاكثر من 70 مليون دينار اردني، الامر الذي يحتاج بالضرورة الى تفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع الحكومة الالكترونية، على الرغم من ان هناك اصواتا كثيرة على المستوى الاعلامي ومستوى قطاع الاتصالات وبعض المستثمرين المهتمين اكدوا على اهمية ان يقوم القطاع الخاص بتنفيذ هذه المشاريع، مستنيرين بخطة استراتيجية تضعها الحكومة لتحقيق هذا الهدف، الا ان الاستفاقة اتت في العام 2018.
اي ان الحكومة ليس لديها سوى عام و اشهر معدودة للوصول الى حكومة لاورقية، وهذا امر شبه مستحيل، فعامل الوقت الذي تم اغفاله سابقا اصبح سيفا مسلطا على رقبة الجهة المنفذة للبرنامج، والتي كان من الواجب عليها ان تقترح استراتيجية معتمدة على اراء ومقترحات ذوي الخبرة محكومة بفترة زمنية منطقية للوصول الى الحكومة اللاورقية، علما بان خبراء ذوي باع طويل في هذا المجال ويوصفون بانهم عالميون اكدوا على ان بدء الحكوة اللاورقية في الاردن قد يكون خلال العام 2020، لكن تحقيقها بشكل كامل سيأخذ عشر سنوات اخرى على الاقل اي ليس قبل العام 2030.
ومن واقع احتكاكنا بهذا القطاع منذ سنوات طوال وبالاستشهاد باراء خبراء ومختصين، فان ابرز التحديات التي تواجه تنفيذ مشاريع برنامج الحكومة الالكترونية تتلخص في عدة امور، منها عدم وضوح مفهوم الحكومة الإلكترونية ، كي يتم استنباط الرؤية والرسالة والأهداف، وعدم اعلان خطة استراتيجيه ثابتة واضحة المعالم تخص هذا البرنامج الوطني الهام لا تتغير بتغير الحكومات المتعاقبة.
اضافة الى عدم وضع معالم محددة لإعادة تقييم ماتم انجازه ، للمساعدة في تعديل الخطط المستقبلية، كما ان التعامل مع برنامج الحكومة الالكترونية يتم على اساس انه مشروع تقني 100% بينما يجب التعامل معه كونه مشروعا اعلاميا سياسيا تطويريا استثماريا له ذراع تقنية لتنفيذه مما يقودنا الى طرح المفهوم الصحيح لمثل هذه المشاريع بان التقنية لا تمثل الا جزءا بسيطا يتراوح بين 10%-15% من العمل الفعلي ومدى نجاحه.
بالمقابل فانه من الاولى لانجاح مشاريع برنامج الحكومة الالكترونية الذي يحظى بدعم وتوجيه مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني، ان يتم تشكيل لجنة تنسيقية بمثابة هيئة على سبيل المثال تقدم خدماتها للحكومة وتحصل على الصلاحيات اللازمة وتتبع الاسلوب المناسب في فرض ايقاع التنفيذ وابراز المنجزات وايجاد الضوابط وتوحيد المتطلبات ومراقبة الاداء بما يخص كافة الدوائر المعنية في المشروع، وان يتم خلق جهة مسؤولة عن تنفيذ هذه المشاريع تحت مظلة الوزارة لمراقبة ادائها، بحيث تبقى الوزارة ضمن صلاحياتها بوضع السياسات وتدع امر مشاريع هذا البرنامج في يد هذه الجهة المستحدثة.

ان تحقيق حلم 'حكومة لاورقية' امر سام يحتاج الى النظر على المدى الطويل، وتسليم الامر لاهله لا ينقص قدر احد ولا يقلل من اهميته، ودون ذلك فهذا سيبقى حلما ممكن الاستيقاظ منه على الواقع في اي لحظة.

مدير عام سابق للمركز الوطني لتكنولوجيا المعلومات

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012