أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الناتو العربي- رغبة عربية ام امريكية؟ ...بقلم : عيسى الخزاعلة

بقلم : عيسى الخزاعلة
28-07-2018 06:24 PM

في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حمى الصراع بين القوى الدولية في سوريا واليمن ومنطقة الخليج العربي بشكل عام, تخرج الادارة الامريكية بخطة استراتيجية تدعى (The Middle East Strategic Alliance- MESA) اي التحالف الاستراتيجي للشرق الاوسط والذي اصطلح على تسميته مجازا الناتو العربي ((Arab Nato على غرار الحلف الاطلسي الناتو.
وحسب وكالة انباء 'رويترز' فمن المقرر ان يتم مناقشة هذا الحلف المقترح يومي الثاني والثالث عشر من شهر اكتوبر القادم بناء على ما تم التخطيط له مسبقا من قبل الادارة الامريكية.
يشمل هذا الحلف الدول (السنية) في المنطقة والتي تشمل دول الخليج العربي الستة بالاضافة الى الاردن ومصر وذلك من اجل ايجاد توازن عسكري وقوة عسكرية في المنطقة لمواجهة ايران (الشيعية) والتي ازداد التوتر بينها وبين امريكا منذ ان اعلن الرئيس الامريكي (ترمب) في شهر مايو ايار الماضي انسحاب امريكا من الاتفاق النووي ' 5 زائد 1 ' الذي عقد عام 2015 للحد من طموحات ايران النووية.
الملفت للنظر هنا ان الادارة الامريكية تركز على تسمية هذا الحلف بالحلف السني لمواجهة ايران الشيعية وهذا دليل واضح ان امريكا والغرب بشكل عام والصهاينة يلعبون على وتر الطائفية كما هي عادتهم من اجل اذكاء نار الصراع في المنطقة.
والملفت للنظر ايضا ان امريكا تركز على هذه المنطقة العربية ومنطقة الخليج بالذات لاستغلالها لادامة الصراع فيها لخدمة دولة الكيان الصهيوني اولا ومن ثم خدمة المصالح الامريكة والغربية وهذا الامر لا ينكره اي شخص متابع للصراع في المنطقة.
يبدو ان هناك اهدافا غير معلنة تقف وراء هذه الخطة تختلف عن الاهداف التي اعلنت عنها الادارة الامريكية والمتمثلة في حماية الدول (السنية) العربية في منطقة الخليج من اي عدوان ايراني (شيعي) يمكن ان يخلط الاوراق في المنطقة بشكل عام.
المصالح الامريكية هي ذات اولوية في المنطقة ولا يمكن ان تفرط فيها مهما كان الثمن ولتتمكن من ادامتها تسعى الادارات الامريكية المتعاقبة الى ادامة الصراع في المنطقة الامر الذي يهدف الى حاجتين مهمتين بالنسبة لامريكا والكيان الصهيوني وهما ابقاء الدول العربية في المنطقة تحت الرحمة الامريكية وفي حاجة دائمة الى الحماية الامريكية والدعم العسكري المتمثل في شراء السلاح الذي تسوق امريكا فكرة اقتنائه من قبل دول المنطقة وهذا ما تم في السنوات السابقة حيث عقدت اتفاقيات شراء اسلحة بين السعودية والامارات والكويت من جهة وامريكا من جهة اخرى.
الامر الاخر هو اشغال الدول العربية في صراع وهمي غير واقعي مع ايران وهذا شبيه بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي وامريكا في القرن المنصرم. وهذا الامر يبقي على جذوة الصراع الوهمي مشتعلة بين الطرفين وهذا هو اهم الاوتار التي تلعب عليها امريكا في المنطقة.
المتابع للصراعات في المنطقة يجد ان التحالف العربي لم يحقق اي تقدم في حربه ضد الحوثيين وقد تكبدت دول التحالف العربي خسائر مالية كبيرة جرا هذا الصراع.
ويبدو ان الصراع سيطول امده اذا لم تعمل الادارة الامريكية وجميع الاطراف الى انهائه بنية صادقة. فدول التحالف العربي تجد نفسها في ورطة كبيرة بعد اكثر من سنتين من دخول اليمن لحماية الشرعية فيها الامر الذي يجبرها بطريقة او باخرى لانهاء الصراع سلميا والخروج منه بنصر حتى لو كان معنويا.
وهذا باعتقادي يشير الى ان هذا الامر هو احد اهداف الحلف المنوي اقامته الامر الذي يجبر الحوثيين للجلوس الى طاولة الحوار.
الصراع العالمي في سوريا يلقي بظلاله ايضا على تشكيل هذا الحلف. فامريكا وجدت نفسها امام منافس قوي في سوريا وهو روسيا اضافة الى ايران وربيبتها حزب الله. وهذا الامر من شأنه ان يجعل امريكا وحلفاءها في المنطقة يبحثون عن ند قوي يواجه هذا التحالف وبذلك يبعدون الكيان الصهيوني عن المواجهة المباشرة والحقيقية مع روسيا وحلفائها.
فوجود اذرع ايران في سوريا يشكل خطرا على الكيان الصهيوني اذا ما علمنا ان حزب الله يعتبر محطة مهمة متقدمة بالنسبة لايران ايضا. وهنا لا بد من الذكر ان محاولة ادخال الاردن في هذا الحلف يعتبر مهما لجميع اعضاء الحلف المنتظر لما لدى الاردن من جيش مميز في المنطقة من ناحية نوع الرجال والتدريب. والجيش المصري يعتبر ايضا اضافة مهمة لهذا الحلف حيث تلتقي مصالح جميع الاطراف.
يعتبر مضيق هرمز مهما جدا لمنطقة الخليج خاصة لمرور البواخر المحملة بالبترول والبضائع من والى منطقة الخليج العربي. وبين الفينة والاخرى نسمع تهديدات ايرانية بغلق مضيق هرمز امام التجارة الدولية والبواخر التي تنقل البترول الى دول العالم وامريكا بالذات.
ومن وجهة النظر الامريكية فان وجود حلف عربي في منطقة الشرق الاوسط ينوب عن امريكا في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة ومنع ايران من تهديد تجارة البترول في المنطقة يعتبر ضرورة امريكية اذا ما علمنا ان امريكا غيرت سياستها من التدخل المباشر في الصراعات الى ايجاد من ينوب عنها في الصراع كما حدث في سوريا حيث جلبت الكثير من الفصائل وجندتها لتنوب عنها في قتال النظام السوري.
في ظل عدم توافق دول مجلس التعاون الخليجي بعد الحصار الذي قادته ثلاث دول خليجية ضد قطر هناك احتمال كبير – حسب كثير من المراقبين- ان مجلس التعاون الخليجي ربما يتفكك خاصة اذا ما علمنا ان احدى الدول الخليجية المهمة تلمح – حسب وكالات الانباء – للانسلاخ من مجلس التعاون الخليجي. وربما تكون هذه احدى رغبات بعض دول المنطقة وامريكا ايضا لايجاد البديل لمجلس التعاون الخليجي. وهنا لا بد من الذكر ان مجلس التعاون الخليجي هو فكرة امريكية ايضا ولدت في بداية الثمانينات من اجل مواجهة ايران.
يبدو ان الرغبة لانشاء هذا الحلف هو رغبة امريكية بالدرجة الاولى ممزوجة برغبة عربية لدول المنطقة من اجل ايجاد قوة عسكرية تحافظ على التوازن وعلى اقتصاد المنطقة الذي هو هدف امريكي بالدرجة الاولى. وهذا يعتبر ترجمة لخطة ترمب المبنية على شعار 'امريكا اولا' والتي تشمل ثلاث نقاط مهمة وهي تقوية الحضور الامريكي في المنطقة وحماية المصالح الاقتصادية والاستثمارات الامريكية والتي ذكرت ضمن خطة ولي عهد السعودية (2030) اضافة الى ايجاد فرص عمل في داخل امريكا من خلال مبيعات الاسلحة الى دول المنطقة.

عيسى الخزاعلة 'باحث وأكاديمي'

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012