أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الفرق بين المتمدنين والبدائيين ... بقلم : موسى العدوان

بقلم : موسى العدوان
07-08-2018 07:30 PM


يقول الدكتور علي الوردي في كتابه ' مهزلة العقل البشري ' ما يلي وأقتبس :
' إن المتمدن إذا جاع سرق . . وإذا شبع فسق، وهو في كلتا الحالتين شقي لا يقف شقاؤه عند حد. إنه يركض وراء هدف، فإذا وصل إليه نسيه وابتكر له هدفا آخر يركض وراءه، فهو يركض وراء سراب. إنه يجدد ويُبدع في سعيه كل يوم، ولكن الجديد يصبح عنده قديما في اليوم التالي.

أما البدائيون الذين يعيشون على الفطرة، فهم إذا شبعوا حمدوا ربهم، وإذا جاعوا حمدوا ربهم كذلك. ومزيتهم أنهم يشبعون جميعا ويجوعون جميعا. فليس بينهم متخوم ومحروم، والتنافس ممنوع عندهم إلاّ فيما يجلب منفعة للجميع. أما التكالب الفردي فهم يعدونه عيبا لا يجوز لإنسان أن يتصف به.

وجدنا هذا واضحا عند البدو الواغلين في الصحراء، والذين لم يتأثروا بعد برذائل المدنية. ويحدثنا ( ويل دورانت ) أنه موجود كذلك عند البدائيين الذين يعيشون في الغابات. فلا يوجد بينهم جائع في الوقت الذي يوجد طعام في مكان في القرية. وإذا حصل أحدهم على غنيمة، وزعها حالا على كل من كان بقربه. يُقال أن أحد السواح أعطى بذلة كاملة لأحد البدائيين، وبعد وقت قصير وجد أن القبعة صارت حصة رجل منهم، والسراويل ذهبت لآخر، والمعطف عند ثالث.

وعندما سمع أحد البدائيين في جزيرة ( سامو ) عن حالة الفقر في لندن من فم سائح مر به، تعجب البدائي عجبا شديدا وقال : كيف يمكن أن يجوع هؤلاء الفقراء ؟ أليس لهم أقرباء أو عشيرة ؟ إنه لا يستطيع أن يتصور إنسانا يجوع وحوله أناس قد شبعوا. أما في المدينة فهذا أمر مألوف لا يعجب منه أحد. وهذا يؤدي إلى التنازع طبعا، فتنشأ عنه الحركة الاجتماعية، التي تدفع بالمجتمع إلى الأمام '. انتهى الاقتباس.

* * *

* التعليق :

- ما أصدق هذا الوصف عندما نرى أن ذوي الملايين لا يقنعون بما حصلوا عليه حتى وإن كان حراما، فيسعون لمضاعفة أرصدتهم بشتى السُبل لتتصخم وتصبح بالمليارات، وكأنهم سيحملونها معهم إلى القبر. فالحمد لله الذي جعل في الموت عبرة ولو أن بعض الناس لا يعتبرون.

- سمعت قصة من والدي تقول : أنه في منصف القرن الماضي كان عدد الأثرياء في الأردن يعدون على الأصابع وبمبالغ لا تتجاوز بضعة آلاف من الدنانير في ذلك الحين. وكان من بين هؤلاء أحد أثرياء عمان اسمه إبراهيم منكو – رحمه الله - والذي سميت باسمه بعض المحلات التي كان يملكها في وسط البلد.

- كانت وصيته لأبنائه أنه عند نقله في التابوت بعد وفاته، أن يظهروا يده خارج التابوت وهي فارغة، لكي يعطي درسا للطامعين بجني المال، ويشاهد الناس أنه لم يأخذ من ثروته شيئا سوى العمل الصالح.

فهل يعتبر أصحاب الذمم المطاطية، الذين ينهبون مال الشعب جهارا نهارا، ولا يشبعون إلا من التراب ؟

التاريخ : 7 / 8 / 2018

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-08-2018 07:50 PM

عاش بيان العسكر المجيد مرجعيتنا

2) تعليق بواسطة :
07-08-2018 11:08 PM

هم يطبقون مقولة ان الضعيف يجب ان نساعده على الموت لانه لا يستحق الحياه.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012