أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل “العقد الاجتماعي الجديد” وسيلة الإدارة الأمريكية في تمرير صفقة القرن؟

بقلم : فرح مرقة
09-08-2018 09:55 PM

يتركّب القلق ويتعمق في الأردن من كل المجاهيل داخلياً وخارجياً، فتغدو التقارير الامريكية والإسرائيلية المتحدثة عن “ضغوطات على الأردن بسبب صفقة القرن” جزءاً لا ينفصل في حديث شخصية سياسية وازنة مثل الدكتور ممدوح العبادي (نائب رئيس الوزراء الأسبق) عن العقد الاجتماعي الجديد، الذي هو عنوان حكومة الدكتور عمر الرزاز، كما لا تنفصل عن معهد كارنيغي للسلام والبنك الدولي الذين هما عنوانان للتيار المدني الأردني وعرابه الدكتور مروان المعشر (والبنك الدولي هو ايضاً عنوان لرئيس الوزراء الدكتور الرزاز).
الدكتور العبادي أطلق تصريحا لموقع “الأردن 24” قال فيه “اليوم، نشهد في الأردن محاولة لتمهيد تنفيذ تلك المخططات عبر الحديث عن عقد اجتماعي جديد تُنظّر له أدوات معهد كارنيغي، كما يتبنّاه البنك الدولي الذي تحدّث سابقا عن ضرورة اعادة تعريف الهوية الأردنية، وهذا بالتأكيد يتماهى مع صفقة القرن”. تصريح الدكتور العبادي جاء رداً على تقارير نشرتها مجلة فورين بوليسي الامريكية وصحيفة هآرتس الاسرائيلية تحدثت عن ضغوط أمريكية مارسها صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر على الأردن لالغاء صفة اللجوء عن 2 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن وانهاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”.
التصريح المذكور كافٍ لتجسيد وتكريس حالة القلق الأردنية التي تجد ان كل ما استقرّ وثبُت في الدولة مقبلٌ على تغيير وهنا يدخل الداخلي بالخارجي، سواء اتفق البعض مع التقييم او اختلف، الا ان التعامل معه بكل الأحوال واجب، ويدلّ على حالة عميقة يمكن تلمّسها أولا من القلق، وثانياً وهو الأهم من غياب الشروحات الرسمية المقنعة.
اللاجئون الفلسطينيون في عمق القلق الأردني..
خلال الأيام الماضية عاد ملف اللاجئين للتفاعل وبصورة كبيرة بعد التسريبات الأجنبية المختلفة، خصوصا وهي تأتي لاحقة لتصريحات وتوجيهات أمريكية تسير في ذات الاتجاه، حيث لو كان كوشنر فعلاً ناقش الملف مع مسؤولين أردنيين فان ذلك قد حدث بالضرورة خلال زيارته الأخيرة للاردن، وهي التي في حينها أعقبت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى العاصمة عمان ومعه رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) الاسرائيلي يوسي كوهين، والإسرائيليون هم الأكثر مطالبة والحاحاً ومنذ سنوات في تصفية الوكالة الأممية.
بالنسبة للاردن، وان كان ملف القدس شائكاً وعصيّاً ومستعصياً، سيكون ملف اللاجئين أقسى واكثر ضرراً، ليس فقط لما يحمله من توطين للاجئين الفلسطينيين، وانما لان عمان أصلا مسؤولة عن حقوق هؤلاء الذين يمكن ان يتجاوز عددهم أصلا المليونين، ويفترض للعاصمة الأردنية ان تكون الدرع الحامي لحقهم في العودة او التعويض، وفي هذا السياق لا يكفي “نفي الضغوط” او حتى التأكيد على صلابة الموقف الأردني لو لم يتم شرح ما جرى بالضبط للشارع الأردني وكيف كانت الردود عليه.
ملف اللاجئين يحفّز ويزيد نشاط كل قوى المجتمع الخاشية من تغيير الديمغرافيا، وانهاء ملف الاونروا يعني بالضرورة المزيد من التعقيدات في وضع الفلسطينيين المقيمين في الأردن، والذين اساساً بدأوا يتخذون اتجاهات جديدة في التعامل مع الدولة الأردنية كشف عنها الحراك الأخير. حيث اطلعت “رأي اليوم” على تقييم للحراك يتحدث عن نشاط للمكون الفلسطيني في الحراك وهو امر نادر الحصول قبل حراك رمضان الشهير.
اللاجئون الفلسطينيون في الأردن وغيرها والمسجلون في سجلات الاونروا لا تسقط عنهم عمليا صفة اللجوء حتى وان حصلوا على الجنسية الأردنية او حتى الأوروبية، ووكالة الغوث تكفل لهم ولذرياتهم حق العودة او التعويض خلافا لوكالات أخرى او حتى مفوضية شؤون اللاجئين. هذا الوضع يعني ان تبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين وخلافاً لغيرهم مستمرة الحماية وان يبقى لكل فلسطيني الحق في العودة الى ارضه مهما طال امد هذه العودة. هنا حصراً عبّر الدكتور العبادي عن قلقه من شروحات تحدثت عن العقد الاجتماعي الجديد باعتباره اعادة تعريف للهوية الاردنية، متسائلاً “هل الهدف ان يصبح الفلسطيني جزءاً إلى الابد من المجتمع الاردني لانهاء قضيته؟”.
قضية اللاجئين عملياً هي أيضا ورقة رابحة بيد الدولة الأردنية وهي واحدة من القضايا التي تضعها على طاولة النقاشات الدولية، خصوصا وهي تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين. في المقابل، لطالما كان الوجود الفلسطيني في الأردن ضامناً لترتيبات مختلفة في الدولة سواء باعتبار هذا المكون احد “حماة العرش الهاشمي” او حتى في زيادته ومضاعفته لحجم الأغلبية الصامتة.
والداخل أكثر غموضاً..
ما ورد أعلاه لا يمنع ايضاً ان قلقاً كبيرا قد ينجم عن أي تصفية لقضية اللاجئين مفاده ان التصفية ستكون على حساب الأردن واستقراره، سواء دخل في حسابات الوطن البديل، او حتى مرّ في تغيّر الديمغرافيا وموازين القوى، وهنا تجد هذه المخاوف نفسها تتعاظم وتتزايد مع تغيّر المعجم الحكومي ودخول مفردات كانت اما مدعاة للتكفير بالوطنية او للخروج على المؤسسات مثل “العقد الاجتماعي الجديد” والإصرار على المضي بالدولة المدنية، وهنا لا يمثل الدكتور العبادي نفسه قدر ما يمثل طبقة كاملة من السياسيين المتوجسين من المرحلة ككل.
عدم التوصل لجواب مقنع في قضية اللاجئين الفلسطينيين ومصيرها، يسهم بالضرورة في زيادة قلق الأردنيين الموجود أصلا والذي لم تتم معالجته خلال الأشهر الماضية، حيث صفقة قرن تُعدّ، وجنوب سوري كان مشتعلاً ولا احد يعرف اذا ما كان اصبح امناً فعلاً، وجوار سعوديّ صعب الفهم والتوقّع، الى جانب اشتعال غزة والتهديدات بحرب أمريكية إسرائيلية ضد ايران.
كل ذلك، بالإضافة لازمة اقتصادية خانقة فجّرت الشارع واسهمت في اسقاط حكومة، ولحق بهذا كله زيارة الملك لواشنطن وغيابه عن المسرح السياسي في بلاده الذي كان بعهدة حكومة جديدة يقودها رئيس ذو فكر مختلف وقناعات تبدو متحدية لكل ما هو قائم ومتعارف عليه في الدولة، ما حوّل مصطلحاً مثل “العقد الاجتماعي الجديد” لمثار قلق وسبباً للتوجس من الحكومة رغم انه قد ورد في خطاب التكليف الملكي.
ما سبق، يفتح المجال بصورة واسعة امام ربط كل المجاهيل ببعضها، وتزايد الشعور بتنامي الخطر المحدق بالأردنيين، الامر الذي يتطلب عملياً تفكيكه من جانب الدولة ومحاولة معالجته بصورة علمية ومهنية وشفافة بدلاً من التصلب خلف تصريحات غير مقنعة تارة وترك المصطلحات بلا تعريفات دقيقة ما يسهم في زيادة القلق منها تارة ثانية.
برلين ـ “رأي اليوم” ـ فرح مرقه

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-08-2018 10:03 PM

اختي الغالية طمس هويتنا الوطنية لها عدة اقنعة قد تكون تقدمية وقد تكون لها علاقة بالشرق الاوسط الجديد ولكن برنامجنا الوطني ومرجعيتنا معروفة بيان الاول من ايار 2010 المجيد بيان العسكر المجيد

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012