أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأردن: فتح أَقْفالَ العقول ثم الحدود

بقلم : د. بسام الساكت
07-09-2018 06:22 AM

لو ان الذاكرة السياسية الضيقة هي المرجع في العلاقات الإقليمية والدولية، لإستمرت الحروب بأشكالها الساخنة والباردة التجارية والمالية والعسكرية .إن مجرد العودة الى الذاكرة الحديثة دون العميقة في الماضي البعيد، يمكن التساؤل : ماذا لو ان حرب الحلفاء في العالميتين الاولى والثانيه تلك التي دمرت البشر والحجر وهجَّرت ونزعت هويات شعوبٍ ، ماذا لو بقيت الذاكرة الأوروبية عن الحربين هي المُرشِد والمُحَدد للعلاقات بين الدول الكبرى ؟ لو بقيت تلك الذاكرة شاخصةَ مسؤولي الدول والشعوب تلك، لما شاهدنا النمو والتبادل التجاري و الاقتصادي والتعليمي والتكنولوجي وحركة السياحة والسلام البيني الايجابي الذي لمسناه ونلمسه الْيَوْمَ؟ وكذلك، ماذا عن النزاع البريطاني الأميركي في حملة السويس الثلاثية على مصر(الحملة الفرنسية البريطانية الإسرائيلية) إنهلو كانت الذاكرة السلبية تلك الرائد في العلاقات بين تلك الدول واميركا وأَهمَلت تلك الدول مصالح شعوبها، لما أُنشأ وإستمر حلف الأطلسي ولما إنتصروا ويتمكنوا من قهر صدور أمتنا وزرع الفتنة الداخلية والبينية بين دولنا ، والتغلب على العراق وفلسطين وليبيا وسوريا ومصارعة ايران وبناء مصالح ومناطق نفوذ مشتركة في افريقيا وآسيا .
وفي إقليمنا العربي ماذا لو يُصغِِي اصحاب القرار في دول الجوار العربي للاّراء السوداء التي تطلع علينا في “بعض” اجهزة الاعلام والتي نلمَسها في “بعض” التعليقات السلبية المنادية باستمرار إغلاق الحدود مع الأُردن و الدعوة للانتقام من الأردن وشعبه الأصيل العاشق لأمته ، وإِضْراره و مصالح شعوب الجوار معاً ؟ ، ماذا لو تُنعَشُ وتُغَذَّى وتُحقَنَ ذاكرة الشعوب العربية بالإختلافات وبالتداخلات السياسية التاريخية (وهذا ماتقوم به اسرائيل منذ عقود )، وتتغلب تلك الإتجاهات السلبية، على غيرها من إلإيجابيات التي قد تُجنَى من جرَّاءإعادة فتح الحدود بين الاْردن وأشقائه في سوريا والأردن والعراق؟، -ماذا لو خُزِّنت أشواك الماضي “وأُنْعِشت” الذاكرة السياسية السلبية وصبِّ الوقود في ذاكرة الفرد والدول حول النزاعات البينية ،السياسية الفردية والعامة والحزبية، اليمينية واليسارية والتداخلات في لبنان وليبيا والسودان وفِي اليمن وفِي العراق وفِي قطر وفِي الأردن ؟ إن الإنعاش الصًّحيِ المطلوب هو إنعاش الذاكرة الوطنية “بالقواسم الجامعة “بين الشعوب العربية “لا بالخلافات المختلقة والصادرة عن الإدارات والأحزاب”- تلك التي منها الشعوب براء .فلتصمت الأصوات الصَّابة للوقود على الاختلاف ، ولِيُعادَ شحن ذاكرة الشعوب العربية بما يجمعها من قِيَمِها، و قواسمها المشتركة. ، فإن لم تشفع لنا قيمُنا وتاريخنا فلتشفع لنا مصالح شعوبنا -الضحية للخلافات والتحالفات الفوقية السياسية والحزبية الخارجية منها والداخلي .
فلنتصور الحال لو ان ملك الأردن الراحل الحسين إبن طلال-رحمه الله ، لم يُسْهِم ويُسعِف إخوتنا في البلدان العربية في لبنان وغيره في نزاعهم الداخلي الأهلي ، ولم يقدم خبرته وثقله المعنوي الدولي لحلٍ سياسي في لبنان و العراق وسوريا والمغرب العربي والسودان . لنتصور لو ان الملك الحسين نفسه لم يتَرفّع وينسى جراحه ويعيد علاقته بالإخوة في العراق، وحَمَلَ ،وحَمَّل بدل التَّناسي ، حقداً في ذاكرته وذاكرة الناس الوطنيه، على الإدارات الحزبية في العراق حيث قتلوا أبناء عمومته الهاشميين عام 1958; لنتصور لو زرع ذلك في عقول الأمة الاردنية؛ ولنتصور أنه حمل أو روِّج ضغينةً ضد ماسُمِّيَ في حينها حركات فدائية فلسطينية عام 1970 إستُخْدِمَ بعضها ، وموَّلتها إدارات حزبية سياسية من دول الجوار العربي وأبعد ،في العراق وسوريا وليبيا وغيرها ،؛ لنتصور لو ان الأردن زرع في عقول شبابه مرارة نتيجة ذلك ونتيجة تدخُّلِ الأحزاب في سورية ومصر وأخرى عربية وتابعيها، في احداث إغتيالات رموز ورؤساء في الاردن، أمثال المرحومين : هزاع المجالي ووصفي التل وإبراهيم هاشم وفهد القواسمي في الأعوام 1960 وفِي عام ال 1970 وفِي الثمانينيات الماضية من القرن العشرين . ماذا لو صُبَّ الوقود وغُذّى في ذاكرة الأردنيين مرارة تلك الأحداث وغيرها من تعدِّي قوات حزبية من سوريا وأخرى عربية عبرت الحدود الاردنية السورية الى عمق الشمال الاردني بدباباتها والمرتزقة قاصدةً تغيير الحُكْم في الاْردن بقوة السلاح لا ديمقراطياً، ذهب ضحية تلك الاحداث اردنيين وعرب، وشَمِتَ بِا العرب الخصوم؟.. لنتصور -وهذا امر إفتراضيٌ، لم يسمح اللهُ به، ولم يسمح الأردن أيضاً لنفسه به ان يَحدُث، لنتصور أنه تمّ وحدث في الاْردن حشدُ النِّقمةِ والمرارة تجاه إخوته العرب في الجوار السوري والعراقي والمصري وغيرها، ماذا تكون النتيجة؟، إنها حتْماً نتائجَ مُرَّة تستعصى المسْحَ من ذاكرة الأمة والشعوب، لأجيال قادمة.
. والرسالة الآن واضحةً للإدارات الحاكمة والمؤسسات الحزبية في الجوار: “كفى، تعالو عن الجراح وإفتحوا أقفال العقول، ثم الحدود، فإن شعوبكم تُسْمِعُ صوتها الآن دون حاجة لِتُشْهِرَ الأذى، كملجأٍ وحلٍ بديل، أو أن تُتْرَكَ لِيَسْتثْمِر في مرارة هذه الشعوب كلّ خصمٍ وحاقد على الأمة، فلْتُشَدّ أحزمة الحكمة ولتُفْتَح العقول والحدود للشعوب، ولتطبق القوانين القائمة، بشفافية وعدالة {لا حاجة لتشريعات جديدة} إشعاراً بإصلاح حقيقي وإحتراما لكرامة المواطنين والشعوب وتأمينا لها —وحتى لا يُصادَرُ مستقبَلها.
اقتصادي ووزير وعين سابق.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012