أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حتى لا نكون مِعولَ هدم لمؤسسات الدولة...بقلم : حسين هزاع المجالي

بقلم : حسين هزاع المجالي
12-09-2018 06:10 AM



لعل أخطر ما تمر به البلاد هذه الأيام هو ارتفاع منسوب الإشاعة واغتيال الشخصية دونما دليل قاطع يؤكد حقيقة الإشاعة أو يؤكد التهم الموجهة لأحدهم.

نعلم أن المواطن يعيش حالة من اليأس على صعيد الواقع الاقتصادي وهو يسمع انباء عن تعنت صندوق النقد الدولي عند نص مشروع قانون الضريبة السابق، وغير متجاوب مع نص مشروع القانون الذي يدار الحديث عنه اليوم، إلا أن الإشاعة واغتيال الشخصية يعد مقتلا قد يؤدي إلى مآلات لا تحمد عقباها عندما يفقد المواطن الثقة بمؤسسات الدولة ومسؤوليها.

ثمة حقيقة أن الإشاعة واغتيال الشخصية يرتبطان بغياب المعلومات، وبما يعتقده المواطنون انه ضعف في محاربة ظاهرة الفساد على وجه الخصوص كما ينبغي وبالسرعة التي يريدونها.

وربما ذلك صحيح من حيث ضعف انسياب المعلومات للمواطنين من الحكومة واجهزتها المختلفة، أو تأخر أجهزة الدولة في التصريح وهو ما يعاكس التطور الحاصل في وسائل نشر المعلومات ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يعد هناك مركزية في النشر عندما أصبح بإمكان كل من يمتلك حسابا على فيسبوك أو تويتر أو غيرهما ان يكتب ما يشاء من أخبار ومعلومات.

نعلم أن ثمة نوعية من المعلومات يحتم الظرف أحيانا على المسؤول أن لا يصرح بها أمام الرأي العام لارتباطها بالأمن القومي، إلا أن ما يجب التنبيه إليه في معرض الحديث عن الإشاعة والتي بات البعض منها موسميا، أن يتوقف مُصدر الإشاعة أو متلقيها للتفكير قليلا بما يسمع أو يقرأ وأن يحلل ببساطة ما إذا كان ما يعرض أمامه من معلومات منطقيا أم لا.

إن أغلب ما نسمعه من إشاعات ومن معلومات عن أشخاص دونما دليل ليس منطقيا ولا واقعيا ما يعني أن قدرة الفرد على دحض ما يعرض أمامه سهلا إذا ما فكر ولو قليلا في الأمر، وفي الحقيقة تكمن خطورة الإشاعة في أن مصدرها في الكثير من الأحيان يأخذ دور القضاء في إصدار الأحكام جزافا دون دليل وهذا ما يجب على متلقي الإشاعة التوقف عنده مليا بهدف دحض ما يسمع من إشاعات.

لكن، في الواقع أن استمرار الإشاعات على النحو الذي مررنا به خلال الأسابيع الماضية والمستويات التي وصلت إليها يعد مقتلا للدولة ومؤسساتها إن استمر على ذات النحو، مثلما يعد مقتلا التسليم بما ينشر من معلومات عن واقعنا المحلي في وسائل النشر الخارجية، ذلك ان هدفها مقصود والغاية منها مدروسة، وبالتالي فإن تعاطينا وتجاوبنا مع تلك المعلومات المغرضة تصب في صالح الخارج الذي لا شك أنه يستهدف استقرار البلاد بهذا النوع من المعلومات المشبوهة والمكذوبة.

إن أخطر ما قد نواجهه فيما يتعلق باغتيال الشخصيات أن يصبح اتهام الناس جزافا أمرا سهلا لدى البعض ما قد يؤدي إلى تمادي الظاهرة، وما قد يؤثر على سمعة المؤسسات الوطنية التي هي منجز للدولة والمواطنين أجمع ويجب المحافظة عليها وحمايتها من أن تتعرض لأي سوء.

لكن في هذا الجانب دعونا نعترف أن ثمة مسؤولين تبوءوا مواقعهم وهم غير أكفاء لها، بل إن البعض منهم أساءوا للمؤسسات بسوء إدارتهم وضعفهم وارتباطهم بشخصيات مشبوهة سواء عن قصد أو غير قصد.

وهؤلاء يجب أن يتعرضوا للمساءلة والتنبيه لأن الامر عندئذ لم يعد مرتبطا بهم فحسب بل بالمؤسسات التي يتبوأون مناصب فيها، وهذا خط أحمر يجب تحصينه من أي إساءة.

إن الإدارة العامة في الأردن عميقة ولها تاريخ عريق وانجازات مشهودة ساهمت في تقدم الدولة وتطوير مؤسساتها وأدوات عملها، غير أن تلك الإدارة تتعرض أحيانا لبعض الخلل وهو ما يجب تصويبه عبر شيوع مبدأ الحساب والعقاب لكل من يسيء، وعبر الإعلاء من قيمة أن الأكفأ والأقدر هو من يجب أن يتبوأ المنصب.

لذلك، وحتى نواجه الإشاعة واغتيال الشخصيات العامة يجب:

أولا: أن نمكن الناس من المعلومات باعتبار أن ذلك حقا لهم وليس منة.

ثانيا: أن يستمع المسؤول لما يصدر عن المواطنين من انتقادات بكل أريحية، ويأخذ بها لمعالجتها حتى يكون مصدر ثقة لهم.

ثالثا: التعاطي الإيجابي مع الاحداث وسرعة استجابة المسؤولين لإشباع جوع المتلقين للمعلومات المؤكدة بالسرعة الممكنة، والتجاوب السريع والمنطقي مع ما يُطرح من أسئلة واستفسارات.

رابعا: أن يرضخ المسؤولون لمدونات السلوك العامة وأن يحترموها وأن يحترموا المؤسسات التي يعملون بها باعتبارها منجزا حضاريا لمواطني الدولة حق بها وذلك بإبعاد أنفسهم عن دوائر الشبهات وأن يكونوا عند مستوى المسؤولية التي أنيطت بهم.

لذلك، إذا ما أخذنا ما سبق بعين الاعتبار فإننا نكون قد تحولنا من مستوى اغتيال الشخصيات إلى مستوى آخر يتمثل باغتيال المؤسسات وهذا أخطر ما يهدد استقرار الدولة وهو ما لا يرغب أحد في الوصول إليه.

إن استمرار بث الإشاعات الكاذبة وتلقف الخارجية منها دون وعي واستمرار اغتيال الشخصيات أو اغتيال المؤسسات يؤثر على تماسك ولحمة الشعب الأردني والتي عُرف بها عبر التاريخ، لذلك لنكون أكثر ثقة بمؤسسات دولتنا وأن نتفكر في كل ما نسمع ونقرأ قبل بناء الأحكام أو على الأقل قبل إعادة النشر والتداول كما هو حاصل اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي.الرأي


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-09-2018 06:52 AM

كل الاحترام للباشا ابن الشهيد هزاع المجالي

2) تعليق بواسطة :
12-09-2018 09:36 AM

عندما نتقدم نحو دوله الرفاه
والعدل والحرية
والمساواة
لن تكون للإشاعات
قيمه ولن يلتفت أحد
إليها
لكن الفقر يولد الحقد
ويولد الدمار

مقال يجب الانتباه إليه

3) تعليق بواسطة :
12-09-2018 11:17 AM

على كل مسؤول في هذه الدولة في جميع اجهزتها ان يحارب هذه الظاهرة المحبطة لكل ماهو جميل وجديد في هذا الوطن وذلك بالعدل والوضوح والمساواة والابتعاد عن المحسوبيه والشلليه والتي يراها ويحسها المواطن في معظم مفاصل الدوله

4) تعليق بواسطة :
12-09-2018 12:40 PM

أشكر معالي الباشا على التوصيات الأربع التي ختم بها مقاله وهذا مربط الفرس. فلو كانت الحكومات المتعاقبة تمتثل على الأقل لتلك التوصيات لما وصلنا لما نحن عليه الآن. أضيف لمعاليه انه لا دخان بدون نار والأمثلة كثيرة جداً وخاصة ما يتعلق بها بالفساد المستشري دون حساب فعلي على الأرض. والمخدرات هي الابشع

5) تعليق بواسطة :
12-09-2018 12:45 PM

والمخدرات هي الابشع والتي وصلت لمعظم البيوت نتيجة لضعف العقاب وخاصة للمروجين والمصنعيين وادواتهم. أما الفقر فحدث ولا حرج وهو ما سياتي على تدمير أي إنجاز ان لم يبدأ العلاج. فهل من المعقول ان تجمد الرواتب لسنوات عديده والاسعار بإزدياد مضطرد ومستمر وضرائب تجاوزت ان تكون فقط للجباية بل لتدمير المجتع

6) تعليق بواسطة :
13-09-2018 01:48 PM

.
— اخالف تماما العزيز حسين المجالي في تقييمه بان اغتيال الشخصيه والإشاعات هي اخطر مشكلة نواجهها بل لا اعتبرها مشكلة تستحق الاهتمام اصلا

— وعليه ومن مثله من الشرفاء الابتعاد عن هذا المخاض لانهم دون قصد يحمون لصوصا وناهبين أوصلوا الاردن لما هو فيه ويخشون المساءلة

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012