أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بيضة ورغيف يا رزاز.....!!!!!

بقلم : د.بشير الدعجة
22-09-2018 08:44 PM


سأخرج عن خط كتاباتي وتحليلاتي واختصاصي الأمني والإعلامي في هذا التحليل إلى فضاء السياسة...هذا الفضاء الذي كنت دوما انأى بنفسي بعيدا عنه بحكم عملي الأمني السابق....

باديء ذي بدء لابد من الوقوف عند مقولة ( بيضة ورغيف) وتوضيحها للقراء للسير معا في استكمال التحليل.....

كان أجدادنا وآباؤنا زمن الحكم التركي يعانون الجهل لعدم توفر المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية...فكانوا يعوضون ذلك بالذهاب إلى الكتاتيب أو أحد الشيوخ ليعلمهم أبجديات القراءة والكتابة ( فك الخط) فقط ...ومقابل ذلك كان كل طالب منهم يحضر أجرته( بيضة ورغيف) لقلة العملة النقدية....فأصبحت تطلق هذه المقولة لاحقا على كل من يخوض في أمر يجهله ولا يستطيع القيام به باحترافية ومهنية عالية ويفشل في تحقيق أهدافه... فيكون مخرجه من هذا المأزق المقولة المشهورة: ( أنا إقرايتي بيضة ورغيف)...

حكومتنا الرشيدة بتصرفاتها الأخيرة وتعاملها مع ملف مشروع قانون ضريبة الدخل بصورة بدائية و( كتاتيبية) في بعض مراحله التسويقية الإعلامية... يشبه لحد بعيد تعليم ومهارات وخبرات شيوخ ( بيضة ورغيف) حيث كانت فقيرة في وضع استراتيجيات وتكتيكات تسويقية عالية...او خطط إعلامية محكمة لإقناع المواطنين به لتمريره لاحقا بكل يسر وسهولة.... فقد أثبتت أنها ليس لديها المقومات الاحترافية المهنية والإعلامية الخاصة بذلك.. وجهلها في أبجديات الإقناع والتأثير والتسويق الإعلامي له... وأن المقولة الشعبية( بيضة ورغيف) تكاد تنطبق عليها بالكامل...فقد فشلت فشلا ذريعا بتسويقه إعلاميا...ولم تنجح حتى بجزئية إرسال رسلها إلى المحافظات لإقناع المواطنين للتحاور معها حوله والتأثير عليهم لقبوله...وشاهدنا وسمعنا ردة الفعل في غالبية المحافظات على رسل الرزاز والمواقف المحرجة التي تعرضوا لها...فقد أحرجتنا جميعا أمام العالم بأسره ..كل ذلك مرده لخبرات وعلم... (إقراية)... ( بيضة ورغيف) في تعامل الحكومة مع هذا الملف الضريبي...

وللأمانة والإنصاف كانت بداية الحكومة موفقة واحترافية في طرح ملف ضريبة الدخل مباشرة على طاولة الحوار مع المواطنين ويسجل لها كأول حكومة بعد حكومة وصفي التل- رحمه الله - تقدم على هذه الخطوة الحضارية غير المكتملة.... لأن تكتيكات ومهارة العرض والتسويق الإعلامي والشخصي والتفاوض الوزاري... فشلت به الحكومة ولم توفق مما زاد احتقان الشعب على القانون...وحرقت هذه التكتيكات أوراقا شخصية كثيرة للرزاز كان يستطيع اللعب بها مع المواطنين وفقد رصيدا كبيرا من الثقة التي بناها عبر الأشهر القليلة الماضية باحترافية عالية...

خطأ الحكومة الإعلامي في هذا الملف أنها هي من تصدى للتسويق الإعلامي له...ومرد الخطأ أن المواطن- وللأسف- لم يعد يثق بأي شيء يصدر عن الحكومات المتعاقبة...ومنها حكومة الرزاز لوجود ( هوة) عدم ثقة نشأت بسبب سياسات وخطط الحكومات في التعامل معه... ووعود تم نكثها لاحقا من قبل الحكومات السابقة..... فكان من الأفضل والأجدر إن يقوم بالتسويق للقانون طرف آخر وبتكتيك وتوجيه ومتابعة من الحكومة...ووضع الخطط الإعلامية والتسويقية والإشراف عليها وتقييمها من قبلها ... ويكتفي الطرف الثالث بتنفيذها حسب ما خطط له.....وبالتالي تكون الحكومة ظاهريا ليس لها علاقة بعرض القانون على المواطنين من قبل الطرف الثالث أو التسويق الإعلامي له...حيث تجري عمليات الرصد وردود الأفعال وعلى ضوئها تتصرف...أما المسير قدما في إقراره...أو تأجيله برهة من الزمن ومزيدا من مهارات الإقناع والتأثير يمارسها الطرف الثالث على المواطنين لإعادة تشكيل رأيه والقبول بالقانون....

فأحيانا أن طرحت أي مؤسسة مسألة أو أمرا لإقناع المواطنين به تفشل لذلك تلجأ إلى وسيط ثالث لتسويق هذه المسألة يكون أكثر اقناعا وتاثيرا وقبولا عند المواطنين من المؤسسة نفسها....وهذا ما كنا نلجأ إليه أحيانا في جهاز الأمن العام لإقناع المواطنين والتأثير عليهم بمسألة ما يكون الطرف الثالث أكثر اقناعا من الأمن العام ...لكن الظاهر أن الحكومة ليس لديها الدهاء الإعلامي والمهارات والتكتيكات الخاصة بذلك وكأن حال لسانها يقول ...اعذروني ( إقرايتي) .... (بيضة ورغيف)....

أما مطب ( بيضة ورغيف) الثاني الذي سقطت به الحكومة هو أفواج رسل الرزاز من وزرائه الحاملين رسائله الاقناعية إلى المحافظات ...ففشل جميع رسله بمهامهم بل عقّد ذلك المشهد وزاده احتقانا وتفجيرا...وتشوهت صورة بلدنا الجميلة عالميا جراء مارافق جولات الرسل من تشوهات وأحداث مؤلمة......كانت جولة الرسل قرارا غير مدروس ولم تحسب مخاطره ...وحرق جزءا كبيرا من رصيد الرزاز عند المواطنين الذين استبشروا خيرا بقدومه وأنا أحدهم...

لا أريد التعمق في زيارة رسل الرزاز للمحافظات فهي سقطة كبيرة وعملية انتحارية لا يقدم عليها أي إنسان حتى طلاب ( بيضة ورغيف)......لكن أتساءل هنا ...لماذا لم يتم دراسة المخاطر المترتبة على هذه الزيارات?... ألم يتم تحديد هذه المخاطر وتحليلها ووضع وسائل الوقاية والسيطرة عليها قبل التتفيذ?....هل يوجد( وحدة) إدارة مخاطر لدى حكومة الرزاز للتعامل مع مخاطر أي عمل تقوم به قبل التنفيذ ورصد تأثيراته? ....أين أجهزته المختصة المعنية من تقدير الموقف الخاص بزيارة رسله للمحافظات والتي تقوم برصد ردود فعل المواطنين على الزيارات قبل حدوثها.? ...أم أن الرزاز لم يطلب منها رصد المخاطر ولم يستعن بتقرير الموقف لهذه الزيارات?.....
هل ماشاهدناه وسمعناه أثناء زيارة رسل الرزاز يثلج صدورنا?!!!! ...أعتقد ان الزيارات أساءت لوطننا الحبيب وشوهت صورتنا التي تسعى قيادتنا الهاشمية وبكافة الطرق والوسائل لتلميعها عالميا....كل ذلك أعزي مرده عدم دراسة الحكومة لهذه الزيارات ورصد مخاطرها وتحليلها ووضع وسائل الوقاية والسيطرة على هذه المخاطر...او تجنب القيام بهذه الزيارات أن كانت المخاطر صعب السيطرة عليها ....لكن هذه الزيارات أثبتت أن الحكومة تتخذ بعض قرارتها ( على السبحانية ) كسبحانية خريج معهد ( بيضة ورغيف)...

كان من الأفضل عدم اللجوء لهذه الزيارات المعروفة نتائجها مسبقا......والاعتماد على مهارات الطرف الثالث الذي أشرت إليه سابقا وتكتيكاته الإعلامية التسويقية وفنونه الإبداعية الاقناعية ...عندها تصبح الأرضية مهيأة لزراعة قانون ضريبة الدخل والمسير قدما باقراره..... لكن أصرت هذه الحكومة كسابق شقيقاتها على التعامل مع بعض مراحل ملف قانون ضريبة الدخل بعشوائية دون تخطيط .. تدل إلى حالة الإفلاس الإعلامي والتسويقي الخاصة بهذا الملف.... دون استخدام أساليب وطرق إبداعية تخرج بها من صندوق الحكومات السابقة... إلا أن الطبع غلب التطبع... واصرت المسير على نهج شقيقاتها في الترويج وبنفس الاساليب ...حيث تقول لنا وبصريح الأفعال والاقوال... عذرا ( كلنا قاريين) عند شيخ واحد...شيخ( بيضة ورغيف) ..... وللحديث بقية...

الكاتب والمحلل الأمني الدكتور بشير الدعجة

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012