أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رأس مال الأردن سياسي وليس إقتصاديا ! . بقلم : شحاده أبو بقر

بقلم : شحاده أبو بقر
02-10-2018 05:51 PM

منذ ظهرت في أفق الوطن بوادر التوجه نحو التخاصية وخروج الحكومات من منهجية ممارسة النشاط الإقتصادي وتجفيف الموارد المباشرة لخزينة الدولة , كنت أول من كتب وحذر وأكد أن رأس مال الأردن الحقيقي منذ نشأ , هو رأس مال سياسي وليس إقتصاديا !

مبرري في ذلك هو أن الأردن دولة صغيرة في مساحتها وبالتالي مواردها الطبيعية تكفي فقط لضمان عيش كريم ومستور لمواطنيها لا أكثر , فالأردن ليس دولة صناعية بالمعنى الحقيقي لذلك ولن يكون أمام منافسة إقليمية وعالمية لا يمكن مجاراتها , وحتى موجوداته الطبيعية يجري تصديرها كمواد خام يعاد إستيرادها مصنعة ومنها ألمورد الأكبر وهو الفوسفات مثلا .

تمت الخصخصة وتناولناها جرعة واحدة وفي لحظة واحدة , فصارت دواء قاتلا بدل من أن تكون دواء شافيا لو تناولناها على جرعات متباعدة يتخللها التقييم والبحث في جدوى عوائدها , أو حتى لو نفذناها قطاعا إثر آخر وليس ' قلم قايم ' كما فعلنا بحثا عن حل سريع لظروفنا الإقتصادية وهو ما لم يحدث وإنما زاد الطين بلة .

لوم الماضي عبث إن إكتفينا بمجرد اللوم وحسب , فلا بد من الإستفادة من أخطائنا والعاقل الحكيم هو من يفعل . وعليه وفي ضوء ما نعاني اليوم ولسوء الحظ من معضلة إقتصادية صعبة تفرز مشكلات إجتماعية وسياسية خطيرة على المنظومة الكلية للدولة وأمنها وإستقرارها , فإنني أعود ثانية للدعوة إلى ما يلي :

1 : علينا أن نقتنع بأن رأسمالنا سياسي وحسب , وأعني بذلك إبداعنا السياسي محليا وإقليميا ودوليا .

2 : نعرف جميعا أن الدور السياسي إقليميا ودوليا يتولاه جلالة الملك شخصيا ولا يمكن لمنصف إنكار تميز أدائه الشجاع على هذا الصعيد برغم شدة وكثرة التحديات المرتبطة بمصالح دول النفوذ الإقليمي والعالمي , وجميعها دول يتلقى الأردن لا بل وينتظر مساعدات مالية وعسكرية وأمنية وإقتصادية منها وبنسب متفاوتة , الأمر الذي يجعل من السياسة الخارجية الأردنية أشبه ما تكون سيرا وسط حقول شاسعة من الألغام ! .

3 : من هنا تبدو حاجتنا أكثر من ماسة وملحة لإستدارة كاملة في سياستنا الداخلية وعلى نحو يجب أن تتماهى فيه مواقف ورؤى شعبنا كله مع السياسة الخارجية التي يقودها جلالة الملك , وهذا يمكن أن يتحقق وعلى أفضل صورة من خلال مجموعة تحولات إستراتيجية جذرية منها وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
أ : التحول وبقناعة مطلقة وهذ هو الأهم , نحو تشكيل حكومات سياسية الطابع والمضمون في شخوصها وبالتالي نهجها , حكومات تمثل سائر الأردن في كل محافظاته وتضم كفاءات وطنية معروفة ومعرفة في كل المجتمع وفي محافظاتها . وبالمناسبة أسأل كم من الوزراء يعودون في نهاية دوام كل يوم إلى محافظاتهم التي يفترض إقامتهم فيها ! , فالأردن ليس أستراليا دولة مترامية الأطراف , لا بل فإن أقصى مسافة بين عمان والمحافظات التي صارت وللأسف تسمى أطرافا في عرف البعض , يمكن إجتيازها بساعتين فقط .

ب : إن تحقق ما ورد في ' أ ' , عندها فإن هكذا حكومات مقبولة ومقنعة للشارع من حيث المبدأ , يمكنها أن تنال العتبة الأولى من ثقة الشعب التي إهتزت كثيرا بالحكومات وبالدولة عموما .

ج : الحكومة السياسية الرشيقة يمكنها وبإبداع سياسي مفترض أن تكون عونا لجلالة الملك ولو إقليميا على الأقل كما هو الحال داخليا , عندما تكون حكومات ذات ولاية وصلاحيات كاملة ويشكلها رئيسها فقط بالتعاون مع المؤسسة الأمنية التي تملك المعلومات عن كل شخص .

د : هكذا حكومات يمكنها التوجه نحو معالجة ملف الفساد المضني عبر تسويات سرية لمن يقبل , وقضائية لمن يكابر ويرفض وربما التأميم إن لزم لتوفير مصادر دخل جيدة لخزينة الدولة ! , فالناس وأقولها للمرة العاشرة ربما , تريد إسترداد أموال لا مقاتلة نواطير سيكون حبسهم وعقابهم قضائيا مكلفا على خزينة الدولة ومثيرا للإشاعات والقيل والقال الذي لا يسمن ولا يغني من جوع , فالتسويات السرية ستعيد أموالا كثيرة تسد عجز موازنتنا وتزيد كثيرا وتغنينا عن إرهاق شعبنا بمزيد من الضرائب والرسوم فيما جيوب السواد منه خاوية ومدان للبنوك وغيرها , ولو سألت الحكومات عن صافي راتب كل موظف لوجدت أن معظمهم ربما يستحق راتبا من صندوق المعونة الوطنية لا تحميله ضرائب جديدة ! .

ه: هكذا حكومات بمقدورها لجم سائر المحاولات العبثية لإعادة صياغة الدولة والوطن كما لو كان شركة تجارية , والعودة بالوطن إلى الأصول التي تجسد حقيقة أن هذا وطن وشعب وإرادة شعبية يمكن تشكيلها وطنيا وقوميا وإنسانيا بقرارات وطنية إستثنائية وعن قناعة وقبول كاملين , عندما تصب تلك القرارات في حفظ الهوية الوطنية وصون الوحدة الوطنية وتجسيد سيادة القانون وحفظ النظام العام دونما تردد أو تهاون أو إعلاء شأن المصالح الخاصة على المصالح العامة للشعب والعليا للوطن والدولة بكليتها .

و : هكذا حكومات بمقدورها توظيف إرادة الشعب وديمقراطيا في تحديد جوهر علاقات الأردن الإقليمية والدولية معا , بإعتبار أن الشعب هو مصدر السلطات وفق منطوق دستور الدولة , وبالتالي فإن أية سياسات إقليمية أو دولية يتخذها الأردن تعفي أي مسؤول أردني من لوم أو معارضة أية جهة أو دولة على هذا الكوكب مهما علا شأنها , والمبرر نحن ننفذ ما يريد شعبنا ونصدع لإراته وليس بمقدورنا معاندة ما يريد ! .

ز : وهكذا حكومات بمقدورها مقاربة المناورة السياسية حيال ملفات الإقليم وأزماته وبإمتياز , فلا مواقف بالمجان , وإنما كما نعطي لا بد وأن نأخذ إنسجاما مع ما تتطلبه مصالحنا الوطنية العليا . وبمقدورها تجلية الهم السياسي الداخلي بقوانين سيادية توافقية للإنتخاب وللأحزاب تختصر عدد مقاعد مجلس النواب إلى ثمانين مقعدا فقط , وعدد الأحزاب إلى أربعة تيارات فقط كما قلت في مقالات سابق آخرها قبل أسبوع .

وهكذا حكومات بمقدورها عندما تكون آتية من رحم معاناة الشعب وهمومه , إجتراح حلول عاجلة لكل مصادر الشكوى والتذمر والعمل بجدية وشجاعة مطلوبة على التعامل معها مباشرة دونما خوف أو نكوص , فالوزير أيا كان لا بد وأن يكون شجاعا صاحب قرار يبر بقسمه بالله العلي العظيم بين يدي الملك رأس الدولة .

يطول الحديث في هذا الأمر الوطني المهم جدا في وقت نعاني فيه الكثير الكثير , ومن هنا أدعو صادقا بإذن الله لأن تتيقن مراكز القرار في بلدنا العزيز , بأن السياسيين الحقيقيين لا الطارئين , هم صناع مجد أوطانهم ورفاه شعوبهم , وهم محط ثقة الناس , وحتى لو لم يحققوا المعجزات فالناس تعرف أنهم يحاولون ويعملون بإخلاص وتفان , وبالتالي يتحملون معهم في سبيل الوطن , أما عندما لا يعرف الناس وزراءهم الذين يحكمونهم وكيف صاروا وزراء , فالأمر مختلف تماما وسنظل نعاني ونشكو ونتذمر . ما ينطبق على الحكومات من حيث الحاجة لأن يكون لونها وجوهرها سياسيا , ينطبق كذلك على البرلمان بشقيه أعيانا ونوابا كي يكتمل المشهد في أبهى تجلياته .
حفظ الله الأردن وفرج كربه . وهو سبحانه وتعالى من وراء القصد .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-10-2018 07:37 PM

نعم صحيح الاردن ليس دولة صناعية بالمعنى الحقيقي لذلك اتمعنى .
على الذين قاموا بالغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا ان ياخذوا بالحسبان هذه الحقيقة وان لا يكون الغاؤها مرضاة ل"جهات "وشكرا

2) تعليق بواسطة :
02-10-2018 07:50 PM

طبعا احنا عندنا جهابذة السياسة .اساتذة وبروفيسورية في السياسة ..

3) تعليق بواسطة :
02-10-2018 10:13 PM

لنأكل سياسة ونشرب سياسة وندفع فواتير كهرباء سياسة والحمد لله على هذه النعمة فلم يعد الامن والامان الذي اكلناه ردحا من الزمن نعمة فاصبحت الجرائم في وضح النهار واصبحنا نقيم حفلات خلاعة اما الذي بيع فالاصل ان ننساه انحيازا للوطن والله ...

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012