أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مجلس نواب ووزراء بالقرعة

بقلم : علي سعادة
16-10-2018 02:18 AM

أثبتت السنوات الثلاثون الماضية أن نظامنا الانتخابي عقيم، ولن ينتج عنه سوى مجالس نيابية مشوهة، وأي قانون يأتي لن يغير من الحال كثيرا، ربما يكون الحل في اختيار مجلسي النواب والأعيان وربما الوزراء عن طريق القرعة، أو الاختيار العشوائي للمواطنين.
أثينا القديمة اختارت جميع المسؤولين الكبار تقريبا، ليس عن طريق التصويت وإنما بشكل عشوائي، عن طريق القرعة، لأنها تبطل مزايا الأثرياء والمشاهير، وهي تعني نظاما سياسيا ينخرط فيه المواطنون في الحياة العامة على قدم المساواة.
وكما يقول صاحب كتاب «روح الشرائع» الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، فإن «التصويت بالقرعة هو أمر طبيعي للديمقراطية»، بحسب الكاتب جيمس ميلر أستاذ السياسة في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية، ومؤلف «هل يمكن أن تعمل الديمقراطية؟ تأريخ موجز لفكرة متطرفة من أثينا القديمة إلى عالمنا».
وفيما يتعلق بأثينا القديمة فقد كانت هناك هيئة تعرف باسم البول (Boule) وكان «البول» في أصله مجلسا أعلى شبيها بمجالس الشيوخ والنواب في الحكومات النيابية ، وكان أعضاؤه يُختارون بالقرعة وبالدور من سجل المواطنين، على أن يختار خمسون منهم عن كل قبيلة من القبائل العشر، وألا تطول مدة خدمتهم أكثر من سنة واحدة، وكان العضو في القرن الرابع يتقاضى خمس أبولات في كل يوم من أيام انعقاد المجلس.
وكان من المقرر ألا يعاد انتخاب أي عضو إلا بعد أن تتاح لكل عضو آخر صالح للانتخاب فرصة العمل في المجلس، وكان كل مواطن في الظروف العادية، يجلس في «البول» دورة على الأقل في أثناء حياته.
وكان يعقد جلساته في قاعة المجلس البولتريون (Bouleuterion) في الجهة الجنوبية من ساحة المدينة، وكانت جلساته العادية علنية واختصاصاته تشريعية، وتنفيذية، واستشارية فكان يفحص عن مشروعات القوانين المعروضة على الجمعية ويعدل صياغتها، ويشرف على أعمال موظفي المدينة الدينيين والإداريين، ويراقب حساباتهم، ويشرف على الأموال والمشروعات والمباني العامة، ويصدر مراسيم تنفيذية حين يتطلب العمل إصدارها وتكون الجمعية غير منعقدة، ويسيطر على شؤون الدولة الخارجية، على أن تُراجع الجمعية أعماله من هذه الناحية
فيما بعد.
كانت لديهم قناعة أن القرعة العشوائية تعتبر أكثر ديمقراطية من الانتخاب، ويعزى ذلك إلى أنها تتم بطريق الصدفة المحضة، كما أنها لا يمكن أن تتأثر بالأموال والنفوذ وسطوة الشخصية، كما أن نظام القرعة يمنع من إيجاد فئة من موظفي الخدمة المدنية الذين قد تسول لهم أنفسهم استخدام الحكومة لأغراض شخصية والثراء عن طريق المال العام.
لكن بكل الأحوال فقد لاحظ المؤرخون أن الأثرياء وذوي النفوذ عملوا في المجلس مرات متكررة، وهذا ما جعلهم يشكون في أن الاختيار كان عشوائيا وأن ثمة فساداً كان وراء ذلك. السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012