أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رضوان المكيد العلوان...آخر فرسان الرعيل الاول

بقلم : مطلب العبادي
16-10-2018 05:01 PM

الوقت تقديري منتصف الستينيات ، نساء ورجال يمتطون أقدامهم ، من هول صدمتهم لا يشعرون بحر الصيف أو برد الشتاء حتى أن الذاكرة خانتني ولم تسعفني وأنا أقف منتصف طريق (الحدادة) المتهالك لأتذكر حالة الطقس ، وإن كان ذلك سيان عندي الفرق بين الفصول الاربعة ذلك ان القدمين حافيان والثوب وحيد ومتهالك يستر أجزاء من جسدي.
(رضوان المكيد) ... يرددون ،رجال ونساء يُولُولون ، مستشفى ..عمان ..فلسطين ... لم أفهم شيئا ،ما الخطب؟؟ما الذي يجري؟؟ لم يجبني أحد على تساؤلي الذي هو في نفسي فقط لم أتجرأ أن أسأل فلست مؤهلا لذلك في عُرف ذلك الزمان ...واصلت مجموعة السير نحو (الجناب) ــ مفرق طرق يتصل بطريق السلط ــ القدس في منطقة وادي شعيب ـــ ومجموعات أخرى جلست عند ( بير الغريب) كما كان يُسمى آنذاك جُلهم من النساء .
ليس أمامي الا أن استرق السمع وأسرق المعلومة ، أول مرة أسمع كلمة ضابط أو (زابط) وعرفت من حديث النساء الباكيات أنها ( شغلة مهمة) ،فكلمة عسكري كافية لأن تشدني وتجلب انتباهي ،فقد كان عسكر الفرسان على خيولهم وبطرابيشهم و(جزمهم) الطويلة غاية في الغرابة لدينا ونختبىء حتى يتجاوزوا المكان ... وقع حادث ، أي حادث ؟؟ يجيبون وأنا اسمع حادث سيارة والرجل بين الحياة والموت ,
لملمت معلوماتي وعدت إلى البيت ، واستمر الحديث لأيام ولم يبخل علي ذلك الرجل العظيم والدي ( أبو راتب ) ــ رحمه الله ــ بشرح ( السالفة ) لي عن ذلك الفتى رضوان ، وأنه ضابط أو عسكري في الجيش وأن هذا الجيش يرابط هناك بأرض اسمها فلسطين ، قلت له (حكانا) عنها (الاستاذ عبدالجابر) وماكنت أعرف أنه فلسطيني أو من أي ملة .
عاد ذلك الشاب لبيته وحرصت على رؤيته ومشاهدة ذلك الضابط أو العسكري ، وما الاختلاف بينه وبين الآخرين ، شاهدته مُشافى ومُعافى ، لباس أنيق ، وسيم ، لطيف المحيا ولكن بلباس مدني ، وكطفل صغير لن يُعيرني أحد انتباها أو يساعدني كما يفعل الناس هذه الايام على الاقتراب منه ...سلم على عمك ..هذا فلان ... فقط اختلست النظرات اليه وقفلت راجعا .
كبرنا وصار الرجل وجيها عن استحقاق ، وكان مكتبه في رئاسة المجلس القروي في تلك (العلية الوحيدة) ــ غرفة طابق ثان ــ في قرية عيرا وفي منتصفها بل في ( الخربة) كما يحلو لأهلها تسميتها بهذا الاسم إلى اليوم .
شاءت الاقدار أن أسلك الوظيفة التربوية التي لا يميل إليها كثير من الشباب في حينه والتي أعشقها وافتخر بها ، ومن هذا الباب زرنا ذلك الرجل في (عليته) وبرفقتي مجموعة من الرواد الاوائل مع حفظ القابهم ...عبدالفتاح العلاوين و عبدالرحمن العرمان ويوسف المفلح وبشير الطواهية والمرحوم عثمان الشرعة لتأسيس ناد رياضي ، وقد استقبلنا الرجل بحس المسؤول وتحدث معنا بكل حضارية وتبصر وبلغة يختلط بلهجتها (العيراوية) كثير من المصطلحات الحديثة والراقية ...وأوصل صوتنا وطلبنا بكل صدر رحب للمعنيين في ذلك الوقت ، على أن ظروفا حالت دون اكمال المشوار الذي تكفل به جيل لاحق من صفوة أبناء البلدة وظهر للوجود ناديهم العريق الذي يتلألأ ذكره في كل أرجاء الوطن .
لم أشاهدك كثيرا في المناسبات العامة يا أبا علي ، عرفت أن ظروفك الصحية تحول دون ذلك، الا أنه في آخر المناسبات شاهدتك مُتكئا على عصاك وتتحدث لمن هو بجوارك بحماسك المعروف ، وحالفني الحظ بالسلام عليك عند خروجي، ونفس الحظ خانني ففي اليوم الذي عزمت فيه زيارتك في المستشفى توفاك رب العزة ...
أبا علي ..أيها الضابط والعسكري السابق ...المناضل على تراب فلسطين ...المسؤول الاداري المبادر دوما ... فارس الرعيل الاول والمتحدث الفذ ..الوجيه الكريم ..يرحمك الله رحمة واسعة ويبدلك دارا خيرا من دارك وأهلا خيرا من أهلك .. وجيرانا خيرا من جيرانك ويسكنك فسيح جناته ..
مطلب العبادي
16 / 10 / 2018

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012