|
|
لمن يهمه الأمر ... كيف نجعل الأردن وطن سلام ونكسب !
بقلم : شحاده أبو بقر
29-10-2018 04:12 AM
في مقال سابق قلنا إن رأس مال الأردن سياسي وليس إقتصاديا , والقصد هو أن الدور السياسي المحوري التقليدي المعتاد للأردن تاريخيا حيال قضايا المنطقة والإقليم ,كان هو الدافع والمحفز لجميع دول المنطقة والعالم المتنفذ للمبادرة تلقائيا لمد يد العون للأردن بإعتباره دولة ثرية سياسيا , فقيرة إقتصاديا , لكنها دولة ذات نفوذ سياسي متميز وتأثير إيجابي في توجيه قضايا المنطقة وأزماتها نحو التهدئة , والحل , ولها رأي ورؤية يعتد بها لدى الدول العظمى والصغرى على حد سواء , والجميع في هذا العالم يحرصون على إستشارتها والإستماع إلى رأيها ونصائحها ووجهة نظرها حيال أية أزمة تجتاح المنطقة ! . صحيح أن المنطقة شهدت وما زالت فوضى أزمات شتى , وصحيح أن العالم يتغير تباعا , لكن ذلك لا يمنع من أن يستعيد الأردن دوره السياسي المحوري على هيئة تدخلات مباشرة عادلة وذات أثر وتأثير إيجابيين في تسكين الخلافات وحل الأزمات وإسداء النصح والمشورة , ولمصلحة الجميع , وبما يوجه دفة الطوفان الإقليمي والعالمي نحو التهدئة والحوار الذي يفضي إلى حقن الدماء وأطفاء الأزمات وحل المعضلات التي تعصف بالمنطقة والإقليم عموما , ونحن في الأردن في طليعة دافعي فواتيرها ولا ذنوب لنا فيها ! .
مناسبة إعادة هذا الكلام , هو جلسة محترمة دعا لها سمو الأمير خالد بن تركي سفير المملكة العربية السعودية في منزله بعمان في رمضان الفائت بحضور وزراء إعلام سابقين ونخبة مختارة من الصحفيين كنت واحدا منهم .. كانت جلسة عصف فكري حول العلاقات الأردنية السعودية وشؤون المنطقة عموما , وقد أرادها سمو السفير جلسة صريحة حضرها أيضا سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة , وكان يفترض حضور سعادة سقير دولة الكويت إلا إنه إنشغل وإعتذر في آخر لحظة كما أبلغنا مستضيفنا سمو الأمير خالد .
بالنسبة لي كانت الجلسة غاية في الأهمية للمصارحة خاصة وأنها المرة الأولى التي أشارك فيها بهكذا لقاءات ! تشعب الحديث الذي شارك فيها حوالى عشرة كرام من الحضور إلى جانب السفيرين المحترمين , لكنني كنت المتطفل الوحيد ربما إذ أخذت الحديث مرتين ومطولا , خاصة عندما طرح السؤال عن كيفية مساعدة الأردن للخروج من ضائقته الإقتصادية ! .
شكرت السعودية ودول الخليج الشقيقة عموما على دورهم التاريخي في مساعدة الأردن على كل صعيد , وأشرت كذلك إلى دور الأردن في مساعدة الأشقاء حيث عمل ويعمل مئات الآلاف من الأردنيين مدنيين وعسكريين عبر العقود في المساهمة ببناء نهضة الدول الشقيقة وبإخلاص في سائر ميادين الحياة , وتحثت عن السلام ورؤية الأردن إزاءه وقلت صراحة إن شعبنا يشعر كما لو أن الأردن يجري التضييق عليه إقتصاديا كي يخضع ويقبل بحلول سلمية غير عادلة في فلسطين ! . ثم قلت صراحة أن مكمن معضلة الأردن الإقتصادية هو في مديونيته العالية التي ترهق شعبه وحكوماته جدا وتضعه تحت رحمة صندوق النقد والبنك الدوليين , وعليه فإن بمقدور الدول الشقيقة في خليجنا العربي , شراء هذه المديونية وتسديدها على مدى سنوات طوال خاصة وأن فوائدها السنوية فقط تبلغ مليارا وربع المليار أي بما يعادل عجز الميزانية ويزيد .
هنا بدا الحديث منطقيا وكان المقترح هو أن يكتب كل إلى بلده بهذا المقترح , وغادرنا بعد السحور لتتفجر بعد أيام أحتجاجات الدوار الرابع وسقوط الحكومة ثم إنعقاد قمة المكرمة لمساعدة الأردن .
اليوم تشتد أزمات المنطقة وتتشعب , وفي ذلك فرصة طيبة كريمة لتدخل سياسي أردني فيها كلها ولمصلحة الجميع , ولمصلحة الأردن أيضا , فنحن نحتفظ بعلاقات إما حسنة أو هي ساكنة مع الجميع , أي لا خصومة لنا مع أحد بمعنى خصومة الصدام والحمد لله إذا ما إستثنينا خلافنا مع إسرائيل وممارساتها بحق الشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه المشروعة في وطنه فلسطين .
لا أدري فقد يكون من المهم والمناسب معا , أن ننهض بدور سياسي إصلاحي في حرب اليمن وأزمتها , وفي الجفوة السورية الخليجية , والخلاف العربي الإيراني , وحتى الخلاف الإيراني الغربي والأميركي , والخلاف بين دول عربية والإخوان المسلمين , والخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية , وبمقدورنا التأثير أكثر في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية , وفي الأزمة الليبية .
قد يقول قائل إن هذا حلم يقظة وشبه مستحيل إن لم يكن المستحيل بعينه , لكنني أرى أن مجرد المحاولة أمر يرضي الله أولا , ومن يأخذ بالأسباب ويتوكل عليه فهو حسبه , وإن لم نكسب , فلن نخسر شيئا ! .
لنبدأ بالدعوة لعقد مؤتمر للفرقاء اليمنيين في عمان بعد التشاور مع الأشقاء والأصدقاء في السعودية والإمارات ومصر وحتى مع إيران والولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية لحقن دماء البشر وحل هذه المعضلة المؤلمة جدا .
وما المانع أن نسعى لعقد مؤتمر سلام مماثل للأزمة السورية بالتشاور مع الأشقاء العرب وأميركا وروسيا وتركيا وإيران والمعارضة السورية , وهنا في عمان ! , وما المانع كذلك أن نجمع نتنياهو وعباس وممثلين عن العرب والأميركيين والروس والأوروبيين هنا في عمان ! , وما المانع أن ندعو الفرقاء الليبيين لمؤتمر سلام ومصالحة في عمان ! , وما المانع أيضا أن نسعى لقمة مصالحة للأزمة القطرية وهنا أيضا في عمان ! .
هذا ليس كلاما في الهواء , فمن يسعى جادا مخلصا ولوجه الله لإحلال السلام بديلا للخصام والصدام , يحبه الله ورسوله , ومن يسعى صادقا للإصلاح بين الناس يكسب كثيرا عند الله وعند خلقه , ولا يفعل ذلك حتى على مستوى عائلة أو عشيرة غير الكبار , ونحن في الأردن منهم بإذن الله , وقد فعلنا سابقا مثل هذا وأكثر ! .
عمل كبير كهذا وسط فوضى إقليمية وعالمية عارمة نتاجها قتل وتشرد ودمار , يقدم عليه الصالحون النابهون الكبار وبل تردد , وهم بهذا يصنعون خيرا لغيرهم ولأنفسهم ويكبرون في نظر البشرية والإنسانية أكثر وأكثر , والأهم يرضى عنهم الله ويحفز العالم كله على إكبارهم ومد يد العون لهم دونما منة أو إستكبار .
مرة ثانية , رأس مال الاردن سياسي منذ فجره , وكل ما سبق يصب في هذا الثابت تماما , فالعالم ودوله من حولنا وبعيدا عنا كلهم اليوم في ورطه ! , والكل يبحث عن مخرج ونجاة , فلنبادر بلا تردد وعلنا وعلى رؤوس الأشهاد , فإن نجحنا فهو خير لنا ولهم , وإن أخفقنا فأجرنا على الله وأنا على يقين بأننا سننجح إن درسنا الأمر جيدا وجعلنا من الأردن حاضنة سلام المنطقة والإقليم , ولا مستحيل في تاريخ البشرية منذ خلق الله سبحانه آدم عليه السلام . والله من وراء القصد .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|