أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الارتباك وسوء إدارة الأزمات . . !

بقلم : موسى العدوان
29-10-2018 11:46 AM

عندما تنتهي أزمة معينة في دول العالم المتحضر، تقوم بعقد اجتماعات لدراسة حيثيات تلك الأزمة، لمعرفة ما شابها من أخطاء، والاستفادة منها في تجنب الوقوع بمثلها مستقبلا. وقد واجه الأردن في السنوات الماضية العديد من الأزمات، منها ما هو سياسي، أو اقتصادي، أو اجتماعي، أو أمني. بعضها كان يحتاج لإجراء طويل الأمد، وبعضها الآخر كان يحتاج لإجراء فوري. ومع الأسف أننا في الأردن لا نتّبع أسلوب الدول المتحضرة في دراسة ما يقع من أحداث، واستخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها مستقبلا. بل ما زلنا نمارس أسلوب الفزعة التي تحكم ردات الفعل عند كل حادث.

لقد أنشأ الأردن في أواخر العقد الماضي مركزا أطلق عليه اسم : ' المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ' كلف مئات الملايين من الدولارات، وشُرّع له قانون خاص يحدد واجباته وينظّم أعماله والتي من أهمها : معالجة الكوارث الطبيعية، التعامل مع الأحداث التي تهدد الأمن الوطني، معالجة القضايا التي تُحدث الخسائر بالأرواح والمرافق العامة والممتلكات، وتؤثر على الاقتصاد والرفاه الاجتماعي، وسلامة البيئة والصحة العامة. ولا شك بأنها واجبات هامة وعظيمة إذا ما تم تطبيقها بصورة فعلية.

ولكن مع الأسف أننا لم نلمس من هذا المركز أية ممارسة تتعلق بتطبيق تلك الواجبات عند وقوع الأزمات في الأردن كما يدل عليه اسمه. ولهذا ننسى وجود المركز في الأحوال العادية، ولا نتذكره إلاّ عند وقوع أزمة معينة ما فنتساءل : ما ذا فعل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات تجاه هذا الحادث ؟ إلاّ أننا لا نجد إجابة للسؤال سوى الصمت المطبق. فنصل حينها إلى قناعة بأن المركز إضافة عددية للمؤسسات الخاصة، التي تشكل عبئا ثقيلا على موازنة الدولة بلا مردود نافع، وأنه ليس إلاّ ديكورا للاستعراض، والتغني بأن لدينا مركزا لا مثيل له في منطقة الشرق الأوسط.

وقعت لدينا في الماضي القريب حوادث عديدة، منها ما هو اقتصادي مثل قضية مصنع الدخان، وما سببه من خسائر على الاقتصاد الوطني. ومنها ما هو سوء استغلال للوظيفة كما حصل في مستشفى البشير، حيث جرى التوظيف الوهمي لِ 700 شخص دون ممارستهم العمل فعليا. أما على الصعيد الأمني فهناك حادث خلية السلط الإرهابية، التي ذهب ضحيتها خمسة من رجال الأمن العام. وفي جميع هذه الحوادث وما سبقها من حوادث، لم يكن للمركز الوطني أي دور بارز فيها.

وقبل أيام وقعت كارثة البحر الميت المؤسفة، التي أودت بحياة 21 طفلا بريئا. وكانت محطات التلفزة قد أذاعت بأن رئيس الوزراء ومديري الأجهزة الأمنية، كانوا متواجدين في موقع الحادث. ولم نعرف من الذي كان يدير عملية الإنقاذ، هل هو رئيس الوزراء ومديرو الأجهزة الأمنية بصورة مشتركة، أم جرت الإدارة بصورة فردية ؟ ثم لم نسمع للمركز العتيد أي فعل أو ردة فعل خلالها، ولم يجرِ تشكيل خلية أزمة للسيطرة على العملية وإدارتها، بل كان الغموض والارتباك سيد الموقف.

أعتقد بأن هذا المركز لم يقدم عملا أمنيا نافعا، أو إدارة فعالة لأية أزمة مرّت بها البلاد منذ إنشائه، سوى أنه أحتوى بعض الشباب والشابات بين أحضانه كموظفين عاديين. وإن كان المركز قد قدّم عملا نافعا وكان مغلفا بالسرّية كما يدعي بعض المسؤولين، فمن الأولى أن تتم الإشارة إليه لكي نقتنع بأدائه، إلا إذا كنتم تسيرون على قاعدة : ' مش شغلك يا مواطن '.

لقد كتبت عند وقوع بعض الحوادث الأمنية في السنوات الماضية خمسة مقالات، مبينا عدم جدوى هذا المركز بوضعه الحالي، الذي لا يخدم الغايات التي وجد من أجلها. وهنا قد يسأل البعض لماذا أكتب عن هذا المركز مبيتا سوءاته ؟ فأجيب بأنني لم أكتب عنه لغاية شخصية في نفسي، وإنما كان دافعي هو تفعيل دور هذا المركز، المتقدم في معداته والمتخلف في أسلوب عمله، آملا أن يعبّر فعليا عن حقيقة اسمه، تجنبا للخسائر البشرية والمادية. وبعكس ذلك أطالب بتحويله إلى مؤسسة أخرى أكثر نفعا للوطن والمواطنين. ولكن مع الأسف لم تجد هذه المقالات آذانا صاغية، وما زالت حكوماتنا الموقرة تواجه كل حادث جديد بأسلوب الفزعة، تتكرر به الأخطاء السابقة.

المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات كما أراه، يجب أن يشمل خبراء من مختلف التخصصات : السياسية، الاقتصادية، العسكرية بما فيها سلاح الجو والخدمات الطبية، المؤسسات الأمنية بما فيها الدفاع المدني، مندوبين من وزارات : الاتصالات، النقل، الأشغال العامة، المياه، شركة الكهرباء، وغيرهم ممن تبرز الحاجة لهم في حينه. هؤلاء الخبراء يشكلون الجسم الرئيسي للمركز، وينبثق عنه عدد من خلايا الأزمات، التي يمكن أن تعالج أكثر من أزمة إذا وقعت في آن واحد.

يجب أن يُمنح هذا المركز صلاحية استخدام أي من المؤسسات العامة أو الخاصة، إذا كان ذلك ضروريا لتنفيذ الواجب. كما يوضع تحت إمرته بشكل خاص طائرات عمودية للإنقاذ، والنقل، وإطفاء الحرائق، وفتح المستشفيات العامة والخاصة لإستقبال المصابين. ومن الأهمية بمكان أن يخصص للمركز كرفانات قيادة متنقلة، تنفتح ميدانيا قرب موقع الحادث، لكي تمارس خلية الأزمة من خلالها القيادة والسيطرة على الحادث عن كثب.

إضافة لذلك يجب أن تتوفر على مستوى الدولة، في الأحوال العادية وعلى مدار أل 24 ساعة، مجموعة إنقاذ تشمل التخصصات الضرورية مع توفر وسائل النقل اللازمة لها، بحيث تكون مستعدة للعمل الفوري عند الطلب. ويجب توفير أرقام طوارئ معروفة للجميع يمكن الاتصال بها في أي وقت عند وقوع حادث ما. مجموعة الإنقاذ هذه يجري مضاعفة عددها، في حالة توقع حصول ظروف طارئة.

هذه أفكار بسيطة يمكن تطويرها من قبل المعنيين، إذا عزموا على بحث الموضوع بصورة جادّة. فهل هناك من يسمع ويستجيب لهذا الطرح ؟ أم ستصمّ الآذان وتُغمض العيون بانتظار كارثة جديدة لا سمح الله، تتكرر بها الأخطاء السابقة ؟

التاريخ : 29 / 10 /2018

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-10-2018 11:55 AM

اخي ورفيق السلاح ابو ماجد نشامى قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية دائما لديها الافكار العلمية النيرة في اردننا الغالي اكثر من الياقات البيضاء

2) تعليق بواسطة :
29-10-2018 12:28 PM

الى المحرر انني ارى دائما انكم تحذفون تعليقي ارجو من المحرر عدم حذف تعليقي

رد من المحرر:
أي تعليق فيه اساءة للغير مخالف للقانون ...تحياتي

3) تعليق بواسطة :
29-10-2018 12:58 PM

نعتذر

4) تعليق بواسطة :
29-10-2018 02:00 PM

نعتذر

5) تعليق بواسطة :
29-10-2018 06:09 PM

سيادة الفريق . بعد التحيه
اولاً : المركز لم يكلف مئات الملايين.
ثانياً: المركز يعمل بنظام وليس بقانون.
ثالثاُ: هل ننوقع من المركز أن يأخذ مكان الأخرين ؟ المركز يوفر امكانيات فنية لتسهيل التنسيق وتوحيد الجهد .

6) تعليق بواسطة :
30-10-2018 10:39 AM

لا أعرف إن كانت لديك خبرية أمنية أو عسكرية؟ ونعم هو نظام وليس قانونا،ولكن ما تأثير ذلك على أداء المركز في أي من الحالتين؟ ما هي كلفة المركز إذا كنت مطلعا على ذلك؟ ماذا استفدنا من الإمكانيات الفنية خلال السنوات العشر الماضية ؟ إذا م توضع تحت إمرة المركز جميع الوساءل المطلوبة سنبقى ندور في حلقة مفرغة.

7) تعليق بواسطة :
30-10-2018 04:04 PM

المسألة في إدارةالأزمات غيرمقتصرةعلى خبرات أمنيةأوعسكرية،ابتداءا،فكماأشار الكاتب فقد صارهذاالأمر
علما متخصصا في أرقى الأكاديميات والجامعات،ومع ثورة المعلوماتية يكفي أن يكون هناك أنظمة للتنبؤ والإنذارالمبكرو تغذية المستهلكين المعنيين بالمعلومات اللحظية نزولا للمستوى العملياتي على الأرض خاصة فيما
يتصل بالكوارث.

8) تعليق بواسطة :
30-10-2018 11:30 PM

أنا لم أقل أن إدارة الأزمات مقتصرة على الخبرات الأمنية والعسكرية، بل ذكرت كل الخبرات من الجهات المعنية سواء كانت أمنية أوالعسكرية أو مدنية. ولكن الجهات الأمنية والعسكرية هي من تتصف بالقدرة على الضبط وإدارة العمليات بالتعاون مع الجهات الأخرى، وشكرا للمداخلة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012