أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


فقر في قادة الرأي .. والسر في المحافظات ! . بقلم : شحاده أبو بقر

بقلم : شحاده أبو بقر
25-11-2018 08:36 PM

نكتب لبلدنا ولا نبغي غير وجه الله وراحة الضمير إذ نعتقد بأننا نقول الحقيقة ولا شيء غيرها وبعد :
1 : لا يختلف إثنان على أن قادة الرأي العام في الأردن قد تلاشوا أو هم في طريقهم للتلاشي , وهنا أعيد ما كنت كتبته سابقا من أن الدولة أكلت رجالها وأعني بهم قادة الرأي العام الذين تحتاجهم ليس في زمن الشدة وحسب , وإنما في كل زمان ومكان .

2 : اليوم وكما يرى رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي , هناك حاجة لتحصين الدولة ورفع منسوب مناعتها من خلال إعادة الإعتبار إلى قادة الرأي العام وتجديد النخب وتوسيع قاعدتها والتركيز على المحافظات وليس على المركز وحسب , فالسر في المحافظات وليس في صالونات المركز السياسية التي تقترح وتجترح في معظمها وفقا لهواها وما يخدم مصالحها وحدها دون غيرها .

3 : من أغرب الغرائب يا دولة الرئيس أن المحافظات صارت تسمى ' الأطراف ' , وهي تسمية مريبة أنتجها نهج التهميش والإقصاء المستمر منذ قرابة ربع قرن , ولهذا فقد عم الإحساس بالظلم المرافق للبطالة والفقر , وأفرز ذلك خروجا على التقاليد أبرز ملامحه الشعور بالنقمة وإنحسار الثقة الضرورية جدا جدا بالدولة وبمؤسساتها وبسياساتها وبقراراتها , وأبسط دليل هو ما واجهته فرق الوزراء التي جابت المحافظات للحوار حول قانون الضريبة مؤخرا ! .

4 : صحيح أن قادة الرأي العام هم وتاريخيا فرز طبيعي لمجتمعاتهم , ولكن , كيف سيكون هؤلاء قادة رأي حقيقيين والدولة لا ترعى أيا منهم ولا تعينه معنويا كي يتمكن من أن يكون كذلك . في وقت تدرك فيه كل قوى الأرض أن الأصل في الدولة ' أية دولة ' أنها تقوى برجالها الأقوياء القادرين على إحداث فرق إيجابي في مجتمعاتهم , لا برجالها المهمشين المنسيين الذين لا يمون أي منهم على حل مشكلة تافهة في مخفر شرطة .

5 : قدر المحافظات يا دولة الرئيس أنها مجتمعات عشائرية في المدينة والقرية والبادية والمخيم وكل تجمع سكاني , والعشائر في زماننا هذا صارت في نظرالكثيرين من دعاة التقدم والدولة المدنية والنهج الليبرالي المدعى على غير حقيقته , السبب الرئيس والوحيد لما يسمونه الشد العكسي والحيلولة دون الإصلاح والإرتقاء بالوطن , وكلما دق الكوز بالجرة وإرتكبوا خطأ ما , سارعوا فورا إلى إتهام العشائر بأنها هي السبب , والعشائر صابرة مغلوبة على أمرها وأجرها على الله وحده , فليس لها أي دور في صنع تاريخ الأردن ! وما عليها إلا أن تصمت وتتلقى ما يؤتى به إليها من مخرجات مدعي الإصلاح وعلى طريقتهم هم وحدهم دون سواهم .

6 : في موروثنا الشعبي الأصيل على جانبي النهر الخالد قول يقطر حكمة مضمونه ( من ليس عنده كبير , فليذهب وليشتري ) , والمبرر أن لدى الكبار الحكمة والتجربة والرأي السديد ومخافة الله , وأسألك يا دولة الرئيس إن أذنت لي , ألا ترى أن كبار القوم في بلادنا صار حالهم حال الحليم الحيران ولهذا توارى الكثيرون منهم خلف جدران منازلهم إذ لا رأي لهم ولا رؤية ! .

6 : أنا معك قلبا وقالبا يا دولة الرئيس , فتحصين الأردن ورفع مستوى مناعته في مواجهة العواصف وفي كل زمان شدة ورخاء على حد سواء , هو في رد الإعتبار الذي كان لقادة الرأى العام فيه , وفي تجديد النخب وإختيارها على أسس صحيحة بوصلتها المصالح الإستراتيجية العليا للوطن , لا وفق المحسوبية والشللية والقربى والصداقات والمصالح الشخصية الخاصة .

7 : ولد الأردن كبيرا ومن رحم المعاناة يا دولة الرئيس المحترم , ويجب أن يبقى إلى ما شاء الله , يقوده ملك هاشمي يمتد نسبه إلى أشرف قبائل العرب وعترة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه , وقوامه شعب محترم إفتدى وما زال قيادته بالأرواح حقا لا تزلفا ولم يفر من ساحات النزال يوما , والوطن والملك عنده صنوان , لكنه اليوم شعب فقير مثقل بالهموم وبالديون وهي هم في الليل وذل في النهار , ومع ذلك هو صابر يطالب بالإصلاح ويقف مع الملك وخلف الملك وحول الملك وقفة الرجولة ذاتها , آملا أن يكون شريكا في إدارة شؤون بلده وصنع قراره وصون سيادته كي تمتليء صدوره بالمبررات الكبرى للدفاع عن الوطن إن لم يكن الملك قبل الوطن ! .

7 : يطول الحديث يا دولة الرئيس وأنا أكبر فيكما ' دولة رئيس مجلس الأعيان الأستاذ فيصل الفايز وأنت ' تتبعكما لأحوال الناس كل بطريقته , وأتمنى حقا لا رياء وتزلفا لو تتبنى الدولة بعقلها الجمعي مراجعة حقيقية شاملة لنهجها لتصنع في كل ركن قادة رأي عام حقيقيين يحترمهم العامة ويستمعون لما يقولون عوضا عن الذهاب إلى مواقع التواصل التي تنخر في جلها جسد الدولة والوطن حاضره ومستقبله , على أن يكون لهكذا قادة رأي عام كلمتهم المسموعة ورأيهم المقدر عند الدولة وحكوماتها .

ختاما . الأردن اليوم بأمس الحاجة إلى ' معمل سياسي ' يقوم عليه رجال أكفياء وقادة رأي عام يسكن الوطن صدورهم , ولديهم القدرة والكفاية على بناء إستراتيجية سياسية شاملة محكمة هي البوابة لحل سائر مشكلاته السياسية والإقتصادية محليا وإقليميا ودوليا , وبالتعاون المعلوماتي مع جهاز المخابرات التاريخي الذي نعرف جميعا , وبدون ذلك ستستمر معاناتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله . نسأل الله الستر من كل المفاجآت الضارة , بإذنه تعالى , وهو سبحانه من وراء القصد .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012