أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


لا تترك أحداً غيرك يقرر مصيرك

بقلم : علي سعادة
11-12-2018 06:21 AM

يتوقع الكثيرون من الكاتب، أن يأخذ بأيدهم إلى أرض النور والضياء، أن يفرش لهم بساط الحقيقة، وأن يقودهم إلى الطريق الصحيح، أن يقول لهم ماذا يحدث، ولماذا يحدث.
الكاتب لا يعطيك وصفة طبية رغم أنه يبدو في الظاهر ماهرا في تشخيص الحالة، هو يرشدك فقط، لا يحق له أن يقول لك ماذا تفعل، هذه ليست رسالته، هو ليس زعيما يقود ثورة، أو جنرالا تتقدمه جحافل من الجيوش والمقاتلين الأشداء.
لا يحق له الهتاف في أي مظاهرة أو اعتصام، «تجحره» السلطة بعينها الحمراء لو تجرأ ويحمل يافطة تطالب بالتغيير أو الإصلاح أو حتى تحرير فلسطين، مكانه ليس بين الجماهير أو في ساحات الاعتصام.
الكاتب معزول هناك وقابع خلف حاسوبه أسير لوحة المفاتيح، يرتشف قهوته المرة مع قليل من الشكولاته الداكنة، ينفث دخان سيجارته التي يتناثر غبارها على «الكيبورد». هو أسير زاويته على الصفحات أو في ركن قصي على أحد المواقع الإلكترونية.
أحلام واحتياجات الفقراء والطبقة الوسطى لا يمكن التعبير عنها إلا بالفعل، كما يقول كارن روس مؤلف كتاب» الثورة بلا قيادات»، المشاريع الكبرى في العالم لم تكن وليدة التشريعات الحكومية، إنها من إنجاز الخيار الحر لأصحابها ومؤسسيها.
الحكومات تكذب علينا حين تقول إنها وجدت من أجل صالحنا، علينا أن نسلم في أننا لم نعد قادرين على الاعتماد على الحكومة في تنظيم حياتنا وفي حل مشاكلنا التي باتت مستعصية، علينا أن ننضج، وأن نكف عن انتظار التغيير من سياسيين أو من نواب غير موثقين أو غير أكفاء.
علينا أن لا نترك الآخرين ليقرروا شكل حياتنا، وليقرروا نيابة عنا ما يرونه مناسبا لهم وحدهم، التغير لا يأتي من غرف الدردشة أو التصويت في الانتخابات أو تبادل الآراء في المقاهي والندوات الثقافية.
ما تنجح فيه الحكومة هو فقط اقناعنا بأننا عاجزون عن الفهم، وقاصرون عن إدراك ما يحدث خلف الحدود، وبأنها الأم الرؤوم والقلب الحنون، وأن علينا أن نسلم لها القيادة حتى لا نضيع.
حركات التغير الكبرى في التاريخ جاءت من خلال أفراد أحسنوا تنظيم أنفسهم وترتيب أفكارهم، لم ينتظروا حكومة عاجزة، ومجالس نيابية خائبة أو أحزابا تشبه دكاكين الأحياء الشعبية، أو شخصا فارها يرتدي «السموكنج» يأتي من خلف التلال من العاصمة، يتحدث بلسان ثقيل نصف كلامه بلغات أجنبية.
لا تنتظروا أحدا، حتى لو كان كاتبا تنساب الكلمات والأحرف من بين أصابعه مثل الحرير، لن يأتي فاتح من خلف التلال ليقول لكم ماذا تفعلون بحياتكم، لأن الكل أسير زاويته الضيقة.
وحدكم تستطيعون التغير، كيف؟ لن أقرر نيابة عنكم. السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012