|
|
رئيس الوزراء . بقلم : شحاده أبو بقر
بقلم : شحاده أبو بقر
12-12-2018 07:03 AM
لنقل أن من ' حسن حظ ' رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أنه يتسلم المنصب في ظرف وطني جد صعب معقد حد الإستعصاء !, وفي ذلك إختبار عملي كبير لمدى قدرة الرجل ليس على الإنجاز وحسب , وإنما على التحمل أيضا ! , فالمطلوب كثير وكبير ومتشعب والحمل ثقيل وثقيل جدا , والجميع يطالب ' عمر ' ولا أحد تقريبا يطالب أيا من وزرائه إلا ما ندر, وفي شؤون تفصيلية بسيطة , إنسجاما مع عرف تاريخي سائد هو أن الحكومة هي حكومة رئيسها , فإن أفلحت وأنجزت وتماهت مع نبض الشارع ومطالب الناس , سجل ذلك له شخصيا , وإن أخفقت وماطلت سجل ذلك عليه شخصيا أيضا . ميزة الدكتور الرزاز أن حلمه ' بكسر الحاء ' فاق التوقعات , ولهذا هو يستمع أكثر مما يتكلم حتى لتظنه غامضا, أو أنه قد قرر إستيعاب نقمة الشارع التي يدرك في قرارة نفسه أن لها ما يبررها وبقوة , أو أن لديه مشروعا كبيرا يريد تنفيذه وهذا يتطلب منه أقصى درجات الحلم وسعة الصدر وضبط النفس وإسترضاء الجميع وعدم الذهاب إلى خطأ محاولة صد الطوفان بل التقنية له كي يتفرع ليبطيء من قوة إندفاعه .
تسلم الدكتور الرزاز تركة ثقيلة حد الإعياء , وهو لهذا بين خيارين , فإما أن يواصل شق طريقه بذات السوية ولكن مع تحقيق منجز , أو أن يرفع الراية ويمضي قافلا إلى بيته من حيث أتى , إلا أن ما هو باد حتى اللحظة , أنه ما زال مصمما على الذهاب حتى آخر الشوط .
بكل صراحة ووضوح , ستكون الطريق أقل صعوبة ومخاطر أمام الدكتور الرزاز إن هو إمتلك الولاية العامة كاملة دونما تدخل أو ضغوط خلافا لقناعاته , وسيزداد الطريق صعوبة إن لم يكن الأمر كذلك , فعيون الناس كلها مفتوحة على مصاريعها , ولا مجال للمهادنة أبدا .
الدكتور الرزاز تنحصر حواراته العامة حتى الآن مع فئة النشطاء أو الفاعلين في الحراكات والنقابات مثلا ولا يتردد حتى في التفاعل مع شكوى أو تغريدة هنا أو هناك , وهذا جيد لكنه غير كاف , فالوسيلة الأفضل والأكثر تأثيرا لدى الكافة , هي حديث متلفز عفوي وغير مرتب مسبقا يفضي به الرئيس مرة كل شهر يدخل من خلاله كل بيت يصارح الناس جميعا من خلاله بما فعل وما سيفعل وما هي حال البلاد من وجهة نظره كرئيس للوزراء .
صحيح أن معظم الحراكات تعبر عن أحوال الشعب وما يدور في ذهن وخلد كل مواطن , لكن الرئيس مطالب بأن يتحدث للجميع ولهذا وسيلته التلفزيونية المباشرة .
وصحيح أن مشكلات بلدنا معقدة وقد تبدو مستعصية , لكنها والله سهلة وقابلة للحل تدريجيا إن توفرت النية للإستناد إلى حقيقة كبرى مفادها أن الشعب هو مصدر السلطات , وأن دور الحكومات وفي أي مكان من هذا العالم , هو التنفيذ الحرفي الأمين لمخرجات إرادة الشعب بغض النظر عن أية ضغوطات وأعباء خارجية أيا كان مصدرها , أو أية ترتيبات يراد لبلدنا الإنخراط فيها خلافا لنمط تفكير شعبه الجمعي وموروثه التاريخي والحضاري.
أدرك تماما أن الأعباء الداخلية أمام الدكتور الرزاز منها ما هو مرتبط بضغوط أو مقترحات خارجية إقليمية ودولية أيضا , لكنني أدرك أن الحكومة صاحبة الولاية المسنودة بفريق وزاري سياسي مؤثر , بمقدورها الإتكاء على الحقيقة آنفة الذكر , بمعنى أن الشعب يريد كذا وكذا ولا سلطان لحكومة على إرادته التي يرى فيها مصالحه العليا والعامة على حد سواء ! .
كن على يقين تام دولة الرئيس المحترم , أن نجاح حكومتك وبالتالي نجاحك أنت شخصيا , هو بيد الشعب , فإن حققت له منجزات وخففت من غلواء غول فقره المدقع وحتى المذل , وأصلحت له إدارة الدولة وعالجت معضلة الفساد المؤذية بتسويات حتى لو سرية غير معلنة وسرت على طريق الإصلاح السياسي والإقتصادي المتدرج .. ثق تماما أن هذا الشعب سيكون لك نصيرا ومعينا حتى لو تحمل بعضا من قسوة ظرف ! .
دولة الرئيس : أصلح لنا الإدارة العامة بإختيار الكفاءات بديلا لمخرجات الوساطات والمحسوبيات وأنت والمؤسسة الأمنية تعرفان كل تلك المخرجات التي نخرت هيكل الدولة حتى العظم , ولا تتردد في ذلك أبدا , وأعلم دولتك أن رصيدنا الحقيقي في الأردن , منجمه الطب والتعليم العالي والسياحة والزراعة والخدمات , وما سوى ذلك أمور مساعدة , إفتح باب القبول الجامعي على أوسع مصاريعه للوافدين في الجامعات الخاصة كما طالب رئيس هيئة المديرين في جامعة عمان الأهلية الدكتور ماهر الحوراني , ففي هذا الأمر ثروة كبرى نحن بأمس الحاجة لها , ونظم أمور الطب وسائر ملحقاته لإستعادة ألق بلدنا على هذا الصعيد الذي كان , ولديك وزير صحة متنور وناشط ومتفهم , وأدخل زراعة الحبوب المروية إلى الأغوار وشجعها عوضا عن إستيراد كميات هائلة منها كل عام , ولديك أيضا وزير زراعة ناشط نابه .
دولة الرئيس : كما نقول , الدنيا مغطية بقشة , إكشف عنها ولديك ألف حل وحل , وأنت مؤهل لكل ذلك وبجدارة وإقتدار بإذن الله , فخذ قراراتك ولا تتردد وتحدث دائما إلى الناس ليسمعوا منك شخصيا لا من طوفان الإشاعات والأخبار الموجهة والتقليدية التي عفا عليها الزمن , فالصمت قاتل ويصنع فراغا أكثر قتلا وحيرة هي بيئة للتأويل والمخاوف والريبة والشك , فبدد كل هذا بالحديث المباشر منك وقبل وزرائك إلى الناس .
أتمنى لك التوفيق في حمل الأمانة على ثقلها , ولبلدنا وشعبنا الوفي بقيادته العاشمية الكريمة التوفيق والأمن والإستقرار . والله من وراء القصد .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|