أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من كَثُرَ مدْحُه قلَّ صِدْقُه

بقلم : د . أمجد الرحامنة
13-12-2018 02:50 PM

المَدحُ سِلاحٌ خطيرٌ ومحَكٌّ دقيق في عِفَّة اللِّسانِ وحُسنِ القَصد، وغالبًا ما يؤَدِّي بالممدوحِ إلى الغُرور والبَطَر، وبالمادِح إلى المبالَغةِ والتّصنُّع والإغراءِ والنِّفاقِ؛ لأنَّ مَن نظَر إلى صاحِبِه بعينِ الرضا في كلّ شيءٍ كلَّت عينه عن عُيوبِه، ولربَّما اشتدَّ الإفراطُ به في المدحِ حتى يُصبِح سُلَّمًا للمَادِح عند الممدوح لبلوغِ مَأربٍ دُنيويّ، فيكثُر مَدحُه ويَقِلّ صِدقُه ويحسُن لِسانُه ويخيبُ قلبُه، أو يمادِح صِنوَه طلَبًا للودِّ ظاهِرًا وسِهامُه تَنطلِق غَيظًا إذا غَابَ عنه.

والمحزِنُ أنَّ الناسَ مِن هذا الصِّنف ليسوا بقلِيل وإن تفنَن وتخصَّص به البعض، دَيدَنُ الواحِدِ منهم المدحُ والإطراءُ بحقٍّ وبغيرِ حَقّ، لهم وَلَعٌ بالإغرَاءِ وبقَلب السَّيِّئات حَسَناتٍ، يحمِل أحدُهم عن الممدوحِ القَبَائحَ ويحسِّن لَه الأخطاءَ ويسوِّغُ لَه الحقَّ باطِلاً والبَاطلَ حقًّا، حتى يألَفَ الممدوحُ ذلِك، فيغيبُ وعيُه عن حقيقةِ نفسِه، ويتَعاظَم عَن عيبِ ذاته؛ ثُمَّتَ يدمِن الثناءَ والإطراءَ حتى يواليَ ويُعاديَ على ذَلك؛ فصديقُه الحمِيم هو المادِح، وعدوُّه اللّدودُ هو المكاشِف الصَّادق.

طابت كل أوقاتكم.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012